مقالات

أسماء سعد تكتب/ الصعيد في قرية أبي.. وصعيد محمد سامي

أتابع عن كثب كل الأعمال الدرامية والسينمائية التي تناقش قضايا تخص الصعيد بما أن جذوري صعيدية و نصف عائلتي تعيش هناك، استطيع أن أقول ان 90 بالمئة من الأعمال التي تخص الصعيد لم تنقل ولو جزء بسيط من الواقع بدايةً من اللهجة الصعيدية غير الواقعية والمبالغ فيها تارة والتي تستخدم ألفاظ عفى عليها الزمن تارة آخرى.

على سبيل المثال المسلسل الشهير ذئاب الجبل والذي جسد ملحمة دموية بين المطاريد والهوارة والشرطة، إضافة لوردة الفتاة التي كانت تخرج من منزل كبير هوارة إلى مدرستها بغير حجاب أو ملابس تليق بتلك المنطقة الجغرافية التي تسكن فيها ولا بمكانة والدها كبير هوارة، كل ما رأيته من مشاهد في هذا المسلسل لا تمت لصعيد أبي وجدي بصلة.

إضافة إلى مسلسل الضوء الشارد الذي قدم قصة رومانسية تدور أحداثها بين رفيع بيه الذي يسكن في منزل يشبه القصور و فرحة ابنة العم غزال التي كانت زوجة أخيه، وبالرغم من كل تلك الخيالات التي قدمها المؤلفين عن الصعيد على مر السنين إلا إننا كنا نبتلعها بعد أن نشرب وراءها كأسًا من إبداع الممثلين او أغاني علي الحجار أومهارة المخرجين.

لكن ما قدمه المخرج محمد سامي في السباق الرمضاني هذا العام يعد كارثة حقيقية وخطأ كبير في حق الصعيد وأهله حيث أن هناك الكثير من فئات المجتمع يكونون خلفيتهم الثقافية عن الجنوب من خلال الأعمال الفنية، وبعد مشاهدة أثنتاعشر حلقة يمكننا ان نجزم بأن محمد سامي لم يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق قبل الكتابة، أو حتى مجرد اللجوء إلى مصحح لهجات يخبره ان تلك اللهجة التي يتكلم بها أبطال المسلسل ليس لها أي علاقة بالصعايدة وانها خليط ما بين الكلمات التي كان يسمعها المؤلف في الأعمال السينمائية الساخرة وبين اللهجة الفلاحي وبعض من اللهجة الصعيدية.

واللافت للنظر هو ملابس شخصية جليلة التي تقدمها الفنانة مي عمر حيث أن الأمر تخطى فكرة المبالغة ووصل إلى حد الخيال العلمي، فالبرغم من التقدم والحداثة التي تعيشها قرى الصعيد إلا أن هناك ثوابت لا يمكن تخطيها وهي عدم خروج المرأة بكامل زينتها وهي ترتدي جميع أنواع الحلي والذهب وتضع كل ما يمكن أن تضعه على وجهها من أدوات المكياج ومواده، وليس ذلك وحسب بل تقود سيارتها الفارهة وتركنها على حافة الغيط بينما تذهب لتقابل طليقها وتعاتبه.

كما أن شباب الصعيد لا يرتدون العمامة إلا قليل منهم وفي بعض المناسبات ونحن نرى في صعيد محمد سامي الجميع يرتدي العمة حتى الولدان الذين لم يبلغوا رشدهم بعد، كما ان فكرة السلاح الذي نجده في كل يد فكرة بعيدة تمامًا عن صعيدنا الواقعي حيث أن الشباب غير مصرح لهم باستخدام السلاح بينما كبار السن فقط من يعرفون مكان السلاح في البيت وكيفية استخدامه.
كما أن الأداء التمثيلي الذي يقدمه أبطال العمل من صراخ وأصوات عالية ونظرات مخيفة شيء يدعوا للسخرية كأنه يقدم فيلم خيال علمي أو أحد أفلام الرعب عن أسطورة دراكولا ومصاصي الدماء، إلى متى سيتم استغلال الجنوب في الأعمال التجارية البعيدة عن الابداع والواقع أو حتى الخيال الذي يمكن تقبله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى