فن ومنوعات

مهرجان جمعية الفيلم يكرم منتج “الجريمة”

كتبت-صفاء عبدالرازق

شهدت الليلة الأولى من ليالي مهرجان جمعية الفيلم السنوي في دورته التاسعة والأربعين، عرض فيلم الجريمة للمخرج الكبير شريف عرفة، وعقب انتهائه أقيمت ندوة أدارتها الناقدة باكينام قطامش بحضور منتج العمل هشام عبدالخالق.
بدأت الندوة بكلمة الناقدة باكينام قطامش: شرف كبير لي التواجد بأول ندوة وأكون مع صديقي العزيز الأستاذ هشام عبدالخالق، وشهادتي فيما يقدم مع شريف عرفة مجروحة، ووصفت الفيلم بالجيد، مؤكدة أنهما قدماه بتقنية عالية المستوى، ووجهت سؤالا لهشام، بشأن سبب اختيار حقبة السبعينات لتقديم القصة.
وأعرب هشام في البداية عن سعادته بالتواجد في مهرجان جمعية الفيلم، متمنيا أن يتكرر الأمر كل عام، وتكون أفلامه مميزة ليتم اختيارها للعرض بالمهرجان، مضيفا “باكينام عزيزة على قلبي، أعرفها من أيام (تيتو)”، وردا على السؤال أوضح “اختيار فترة السبعينات رؤية مخرج، لأن نوع الفيلم يجعلنا نسبح ضد التيار، وبحثنا عن شيء مميز، وتلك الفترة كان بها نوع من الغموض تتماشى مع نوعية الفيلم، فلم يكن مناسبا أن نقول أن هذا الغموض يحدث في الكومباوند -مجمع سكني-، رغم أن اختيار هذه الحقبة كان مكلفا لما يفرضه من تحضيرات بعينها، ذهبنا إلى القصير بعد الغردقة وكنا ننقل السيارات القديمة، وهذا أمر مكلف جدا”.
وفتحت باكينام باب النقاش والأسئلة لحضور الفيلم، وبدأ أحمد عبدالعليم مخرج بالتأكيد على سعادته بلقائه مع المنتج هشام سليمان، مؤكدا أنه يتابع أفلامه ويحسده على تعاونه مع المخرج شريف عرفة، مضيفا “عمل جميل، أمنحه أفضل شريط صوت، وأستاذ شريف عرفة هو المثل لي في مصر، والفيلم بصريا جميل، لدي سؤالين، أكيد تجمعكما جلسات أنت والمخرج، فما هي اللحظة التي تحمست فيها لفيلم الجريمة؟”، وتابع متحدثا عن الألوان “الفيلم يذهب لأكثر من فترة زمنية وقد تكون الشاشة المعروض عليها الآن ظلمته، ولكن أود القول إن هناك قدر من التطويل، وأريد أيضا التعبير عن سعادتي بالاستعانة بالموسيقار الجميل أمين أبو حافة، ومحرز وأمين جمال كنت سعيد بوجودهما ومشاركتهما في الكتابة”.
شدد هشام على وجود “كيميا” مشتركة بينها وبين المخرج شريف عرفة، موضحا “اعتدنا أنا وشريف على العمل معا، بيننا كيمياء، إذ أفهم طلباته وهو يعلم امكانياتي، ونوظف ذلك لمصلحة الفيلم، خاصة وأننا نعمل معا منذ ٢٠١١ ومن قبل، وعندما حكى لي الفيلم كان هناك ظروفا اتفقنا عليها، وفي هذه الفترة سنة ٢٠٢٢، كانت معظم الأفلام كوميدية بسبب اتجاهها للجمهور في السعودي، الذي يحب الأفلام الكوميدية، وقلنا نعمل فيلم مختلف غموض ورعب وهو نوع جديد لم يقدم من قبل، مثلما قدمنا فيلم الممر، كان نوع لم نقدمه من فترة، عندما قرأت الفيلم اختلفنا وطلبت منه أن يشرح لي مشهد مشهد حتى أفهمه، وخفت أن يتوه المشاهد، وأن من الممكن بعد تركيبه أن نشعر بحاجتنا لإضافة معلومات، وهو ما يجعل البعض يشعر كما قلت بالإطالة، لأننا نريد توصيل الحكاية لذهن المشاهد بالشكل الذي نقصده”.
وتابع “المؤلفين مع شريف أكيد تاهوا، لأنه أراد تعقيد المسألة بعض الشيء للوصول للإثارة، لكن إذا قلت على مشهد يجب حذفه، ستكتشف أن به جملة تفسر حدث ما، وبالتالي لا يمكن حذفها”، متابعا “الجريمة نمرة واحد فيلم مخرج وفيلم ممثلين، أحمد عز اول مرة يقدم هذا الدور ومنة شلبي مميزة وماجد الكدواني كذلك”، وعاد هشام ليؤكد على أن الفيلم تكلف الكثير، بسبب ظروف السفر والحقبة الزمنية القديمة التي تدور فيها الأحداث، والحاجة لتوفير كل ما له علاقة بتلك الفترة، حتى حذاء أحمد عز يجب أن يكون مرتبط بتلك الفترة، مصرحا أن التكلفة وصلت لـ٥٥ مليون جنيه.
وواصل حديثه عن اختلافه مع شريف عرفة: “نختلف في المونتاج، أنا أحترم كل مرحلة والمخرج الذي أعمل معه، طالما وافقت على القصة وفريق العمل، اترك المخرج ليدير بحرية، ثم تأتي مرحلة المونتاج، وهنا يمكننا أن نختلف”.
وتحدث أحد حضور الفيلم عن نظرة المنتج للجمهور، كيف يضع رغباته في الاعتبار، أم أن الأمر منتج ومخرج فقط، ولا يهتمان بالتفكير في الجمهور، مشيرا إلى أنه خرج من الفيلم مرتين، ولام نفسه لذلك، ولكنه شعر بأن الفيلم طويل، وقد يتسبب ذلك في غياب المتعة لدى الجمهور، ورد هشام: كثيرون لا يتحدثون عن هذه المسألة، شريف يتكلم بالناحية الفنية وأنا بالناحية التجارية، وأنا لا أستطيع (كروتة) الفيلم، المنتج دوره، أن يضع أموالا تعود له ويكسب والسينما مغامرة، المنتج يختار بناء على رؤيته كواحد يستطيع تسويق هذا الكلام خاصة أنني منتج وموزع خارجي وعندي دور عرض، أنا دائما مع الجمهور وأفلامي ليست شعبية ولكن تجارية، وأحب أن يكون بها رسائل، مثل تيتو، ولاد العم، أفلام تجارية بحتة متكلفة وتراعي الجمهور، في (الجريمة) د راهنت على نوع جديد لأن مطلوب التنوع، المنتج الكبير المفروض يغامر ولا يلعب على النمطي، ونحاول أن نتحسس ذوق الجمهور، أنا شخصيا لا أفهم جمهور هذه الأيام، لم تعد كل أفلام الكوميديا تننجح، وكذلك الأكشن، وهناك مشكلة أصبحت موجودة مؤخرا لم تعد مصر والدول العربية سوقا واحدا، اتقسمنا نصفين، معظم المنتجين يذهبون للكوميدي رغبة في التوزيع في الدول العربية، لأن الأكشن المصري لا يلقى قبولا هناك، خاصة وأنهم يشاهدون ما يُقدم في أمريكا وأوروبا”.
وأكد هشام “نعمل في أصعب صناعة في العالم وفقا لكلام الأمريكان، لأننا نكتب مشاهد ونأتي بممثلين، لكن لا نعرف ذوق كل واحد من الجمهور وحالته النفسية وامكانياته المادية، وهذا أصعب من تقديم سلعة ما له، فالفن تذوق من الممكن أنني أشعر بملل في وقت وأريد أن أضحك، وفي وقت آخر أبحث عن عمل يوفر لي الإشباع الذاتي”.
وقال الناقد أحمد سعد الدين: الفيلم شاهدته يوم عرضه الخاص واليوم بعد أن شاهدته أرى أنه ظُلم من هذه الشاشة”، ليؤكد هشام على كلامه “هذا الفيلم صوت وصورة”.
وتابع أحمد “الفيلم محتاج تقنيات مختلفة في العرض، لكن هناك نقطة تخص السيناريو، هو يدور في حقة زمنية معينة وهي فترة ما بعد ٦٧ إلى ما قبل ١٩٧٤، وما شاهدته بالفيلم أن الفيلم فني أكثر منه تجاري، وهذا يُنسب لشريف عرفة كمخرج، لكن السيناريو يمكن أقل من طموح شريف عرفة”، ووجه له سؤالا: كمنتج له تاريخ كبير كيف تحدد أن هذا فيلم تجاري ستسير فيه بخطة معينة وذلك فني ستختار له خطة أخرى؟
وأجاب هشام “سؤال في مكانه، الفكرة أن النزعة الشخصية تأتي لمخرج وقلما ما تأتي لمنتج، والنزعة أن في هذه الفترة أردنا الذهاب لنوع بعيدا عن الكوميديا، وأعترف أنا لا أذهب لأفلام فنية، والفيلم تجاري ولكن ينتمي لنوعية معينة، فأنا لست منتجا لأفلام المهرجانات أتركها لأمير رمسيس ومحمد حفظي، أقدم أفلاما للجمهور، وإن كان هناك اتجاه مؤخرا لدى بعض المهرجانات بالاهتمام بالتجارية الجيدة خاصة برلين، وتجربة (الجريمة) كنت سأكررها في فيلم اسمه (الملجأ) ولكن توقف، كان سيجمع شريف عرفة وأحمد عز”.
وقام مدير التصوير محمود عبدالسميع، بالسماح له بقطع الندوة دقيقة لتسليم شهادة تقدير للمنتج هشام عبدالخالق كون فيلمه الجريمة من بين أفضل ٧ أفلام عُرضت في ٢٠٢٢، وعلق هشام “جمعية الفيلم نحترمها ونعتز بها، لأن بها اهتمام بالسينما الحقيقية”.
وعاد النقاش لصالة العرض من جديد، وقال سيد فراج عرف نفسه بأنه كاتب درامي “سعيد بمشاهدة هذا الفيلم، في بدايته وجدنا عناقا بين الموسيقى والتصوير، والموسيقى تشير إلى أن الحكاية مهمة جدا، ويحمل رسالة ركز عليها المخرج، رسالة نفسية واجتماعية، الفيلم رائع ورسالته الضمنية جيدة، لذلك أراه قوي وجميل ومشاهده رائعة بدون خلاعة، ولكن لماذا لم ينته الفيلم عند مشهد قتل الطفل؟، فهو جزء إنساني ودرامي قوي”.
وعلق هشام “الصانع لا يحتاج لتبرير أحداث الفيلم، لكن أردنا القول إن عقدة جده وأمه ثم زواجه من امرأة بها شيء من الابتذال، أدت به في النهاية وهو ما اكتشفناه أنه ظل يتوهم أن ابنه على قيد الحياة، هناك من شعر من البداية أن ليس هناك ولدا قبل أن يعرف بمصيره، وآخرين تفاجأوا وفريق ثالث توقع أنه ضرب برصاص ولكن عولج، وهذا كان مقصودا، ليكتشف المشاهد أنه يعيش بداخل عقدته التي وصلت به للهلوسة”.

صفاء عبد الرازق

صحافية حاصلة على بكالوريوس إعلام وحاصلة على دبلومة من إكاديمية الفنون قسم "تذوق"، حصلت على تدريب من وان أيفر برنامج النساء فى الاخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى