مقالات

الانتظار «المُر» .. في «بلد السكر» !

بقلم: علاء عبد الحسيب

حتى هذه اللحظة وبعد شهور من أزمة اختفاء السكر في الأسواق، لا تزال تصريحات المسئولين في الحكومة حول الأزمة كالثلج بلا رؤية ولا منطق، يتحدثون كثيرا عن توفير السلع وضبط السوق، ويفعلون أقل من المطلوب، يتوعدون المخالفين والمحتكرين، والتجار من ناحية أخرى يتلاعبون بالأسعار والعقول، لا يخشون رقابة ولا رقيبا.

أي منطق يقول إن بلدا إنتاجها من السكر سنويا تجاوز أكثر من 2.8 مليون طن تواجه أزمة طاحنة في توفير المنتج؟.. أي منطق يقول إن مصر التي تزرع أكثر من٧٥٠ ألف فدان من القصب والبنجر يعاني المواطن أزمة للحصول على “كيلو سكر”؟.. من وراء أزمة اختفاء السلع الاستراتيجية بالسوق؟.. ومن المستفيد من صناعة الأزمات في سوق الغذاء المحلي؟.

يتحجج التجار ومسئولو الشعب والغرف باتحاد الصناعات بارتفاع السعر العالمي للسكر وتأثره بزيادة الدولار الفترة الماضية.. في حين أن الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك لا تذكر، إذن فمن أين جاء هذا الخلل؟.. هل يعقل أن يتجاوز كيلو السكر في الأسواق ٧٠ جنيها في بعض الأماكن؟.. هل يليق في “بلد السكر” مشهد الانتظار المر أمام المنافذ والمتاجر ومبادرات بيع السلع؟.. متي ينتهي هذ العبث؟.

ينتظر الكثير من المواطنين بفارغ الصبر الانفراجة التي وعدت بها الحكومة قبل أيام لتوفير السلع بأسعارها العادلة، ينتظرون عودة حركة البيع بالأسواق بشكل طبيعي إلى سابق عهدها، ينتظرون رقابة حقيقية تمنع الاحتكار وتحقق التوازن في حركة بيع المنتجات بالسوق المحلي، ينتظرون حصاد الإعلان عن صفقة الاستثمار الكبرى التي وقعتها مصر مع دولة الإمارات، وآثارها على تحقيق التنمية واستقرار سعر الدولار، ودفع عجلة الاستثمار في مصر إلى الأمام.

المواطن في مصر تحمل كثيرا، فقد عانى من تبعات الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي خلفتها الأحداث العالمية طوال ٤ سنوات، بدءا من ظهور أزمة كورونا ومرورا بالحرب الأوكرانية الروسية ثم الصراع الدائر في السودان الشقيق، وأخيرا وليس آخرا حرب الإبادة ضد أبناء غزة الأبية وتداعياتها الخطيرة على حركة الملاحة في البحر الأحمر .. فمتى سيجني المواطن ثمار صبره وتحمله كل هذه الظروف؟ .. والأهم .. هل الحكومة الحالية لديها رؤية حقيقية للتعامل مع هذه التحديات؟ .

آن الوقت لأن يرى المواطن تحسنا ملموسا وحقيقيا في الأسواق، آن الأوان أن تتوقف مهزلة اختفاء السلع غير المبررة فجأة بالأسواق وبدون مقدمات، آن الآوان أن يفعل قانون إخضاع جرائم السلع التموينية للقضاء العسكري لمنع الاحتكار والجشع، وتوقيع أقصى عقوبة على المخالفين، آن الأوان أن يكون هناك دماء جديدة في الحقب الوزارية المعنية بملف السلع، على رأسها التموين والزراعة والتجارة والصناعة والاستثمار .. حفظ الله مصر !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى