تقارير و تحقيقات

الأمشجي والمحمل وهدية نابليون.. كنوز علوية بمتحف “المركبات الملكية”

سمر صفي الدين

وسط ضجيج الباعة وزحام المواطنين في شارع جامع السلطان أبو العلا الشهير بـ “وكالة البلح” بالقاهرة، سوف تقع عيناك على لافتة “متحف المركبات الملكية” في مكان ظل قرابة 20 عامًا مهجورًا.
عالم آخر ذو سحر خاص ومميز بلون القاهرة الخديوية، بداية من دخولك الباب ستشعر بأنك قد وقعت في فجوة زمنية ستنتهي بك فى وسط موكب ملكي ضخم، به العربات الفخمة التي يجرها ثمانية خيول والتاسع يتقدمهم للدليل، مزينة بالزي الملكي وإذا دققت تركيزك سوف تسمع صوت “القمشجي” بزيه المميز وهو يلوح بعصاه وكأنه سيهوي بها على وجهك و هو يصيح: “وسع ياجدع”.


** تروي تاريخًا
ويحكي المتحف تاريخ المركبات الملكية بمصر خلال العصر الحديث، والتي استخدمت في أغراض التنقل والاحتفالات المهمة والرسمية.
والخديو إسماعيل أول من فكر في بناء مبنى خاص بالركائب “المركبات” الخديوية والخيول؛ لنزوله بقصر الحكم من القلعة التي كانت تستوعب كل ما يخص الحكم بداخلها إلى قصر “عابدين” الذي انتهى من بنائه رسميًا 1874م.
وخصص إسماعيل مبنى للمركبات الخديوية والخيول بحي بولاق أبو العلا، وتم تسميته في بداية الأمر “مصلحة الركائب الخديوية”.

وفي عهد الملك فؤاد الأول اطلق عليه اسم “إدارة الاسطبلات الملكية”، وتم تحويل المبنى إلى متحف تاريخي بعد ثورة يوليو1952.
وفي عام 2002 تم إغلاق المتحف للبدء في تنفيذ مشروع متكامل لترميمه وتطويره ولكن توقف المشروع عام 2011، واستأنفت الأعمال مرة أخرى في عام 2017.
** الموكب الملكي
إذا دخلت هذا المبنى حاليا، ستنبهر بما يوجد داخله من مركبات ملكية تاريخية، يزخر بها هذا المكان الذي يعد من أقدم وأندر المتاحف النوعية على مستوى العالم.
يعرض المتحف مجموعة رائعة من المقتنيات من أبرزها العربات الملكية مختلفة الأحجام والأنواع، والتي ترجع إلى فترة حُكم أسرة محمد علي باشا في مصر، كما يضم مجموعة من أطقم الخيول ولوازمها، بالإضافة إلى الملابس الخاصة بالعاملين بمصلحة الركائب والذين ترتبط وظائفهم بالعربات.
فضلًا عن مجموعة من البورتريهات “اللوحات الزيتية” للملوك والأميرات التي يرجع تاريخها إلى نفس الحقبة التاريخية.
** شاهد على التاريخ
ويهدف العرض المتحفي إلى إلقاء الضوء على جميع القطع الأثرية الفريدة من خلال 7 قاعات للعرض يضمها المتحف وهي:
قاعة الأنتيكخانة وبها 6 عربات مميزة، وكانت تستخدم أغلبها للنزهة بالقصور الملكية للأمراء والأميرات، وكذلك في الصيد أيضا ومن أهمها العربة “سبت صغيرة” والتي سميت بهذا الاسم لصنعها من الخيزران المجدول، والعربة معلق عليها شمسية، ويجرها جوادان صغيران، ويقودها سائق كانت تستخدم لتنزه الأميرات الصغيرات في حدائق المنتزه.


قاعة كبار الزوار وتضم أهم مقتنيات الأسرة العلوية، ومنها مكتب كان يستخدمه الخديوي إسماعيل وتمثال نصفي بالحجم الطبيعي له مصنوع من البرونز، وأحد الصالونات التي كانت بالقصور في عهد الملك فاروق، وبيانو صغير كانت تعزف عليه الأميرات، وجرامافون إلى جانب بعض اللوحات التي تعبر عن تدريب الخيول الملكية والصيد.
قاعة الاستقبال وبها فاترينة المقتنيات الذهبية والنياشين والبروشات إضافة إلى لوحات زيتية عبارة عن بورتريهات لملوك وملكات، وأميرات، وأمراء الأسرة العلوية بالحجم الطبيعي للملك فؤاد والأميرة فوزية والأميرة فائقة والأميرة جنان يار إحدى زوجات الخديوي إسماعيل.
كما يوجد بها شاشة لعرض الأفلام الوثائقية باللغة العربية والإنجليزية.
قاعة العرض المتغير وهي القاعة الرابعة والتي تعرض مجموعة من العربات التي لم تعرض من قبل، تعرف باسم “كلش” وهى نوع واحد ولكن مختلفة الشكل.
قاعة الاحتفالات وهي مصممة على هيئة الشارع في العصور الملكية، وتعرض أندر أنواع المركبات الملكية، ومن بينها عربة “كلش خصوصي” وهي عربة مكشوفة على هيئة قارب، مصنوعة من الخشب المدهون باللون الأسود عليه شريط عريض من النحاس المذهب، لها غطاء من الجلد الأسود المبطن باللون الكحلي يطوي شتاء للحماية من البرد والأمطار، ويفرد صيفا للتهوية.
وللعربة مقعدين أحدهما كبير بالداخل، والآخر لجلوس “الجروم” مساعد السائق لفتح باب العربة وبسط السلم المطوي، وكان يجرها أربعة جياد، ويقوم على خدمة العربة خمسة أشخاص، كما يسير بجوارها “قمشجية” وهو رجل يسير أمام العربة لإفساح الطريق، وفي الصباح يحمل عصا وفي الليل يرفع شعلة نار
وتلك العربة شاركت في موكب الاحتفال بافتتاح قناة السويس عام 1869
القاعة الرئيسية للمتحف وتعرض بها العربات والمركبات المهداة إلى الأسرة العلوية خلال المناسبات المختلفة، وأهمها العربة التي أهداها الأمبراطور الفرنسي نابليون الثالث وزوجته الإمبراطورة الفرنسية أوجيني إلى الخديوي إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس “الآلاى” ،وهي كلمه تركية معناها فرقة أو كتيبة.
وتلك العربة كان يجرها ثمانية جياد وجواد تاسع للدليل، وتخرج بصحبتها عربتان “نصف آلاي”، وقد قام الملك فاروق الأول بتجديدها واستخدمها في افتتاح البرلمان سنة 1942، وكذلك استخدمت في حفلات الزفاف، وأشهرها زفاف الملك فاروق على الملكة فريدة سنة 1938 م.
كما يعرض في تلك القاعة مجموعة من العربات التي كان يستخدمها أفراد الأسرة العلوية خلال المناسبات الرسمية المختلفة، مثل حفلات الزفاف، والمراسم الجنائزية، والأعياد والمتنزهات وغيرها.
قاعة الملابس وهي ملحق للقاعة الرئيسية وتعرض الملابس الخاصة بسائقي الخيول، ومجموعة من الاكسسوارات الخاصة التي كانت تستخدم لتزيين الخيول، مثل الحدوة، واللجام، والسرج، وغيرها.
قاعة الحصان من داخل قاعة المناسبات يوجد مدخل للقاعة السابعة وهي قاعة الحصان، وبها ثلاث فاترينات يعرض بها الملابس للحاشية المسئولة عن قيادة العربات وإفساح الطريق وتأمينها وجميع مستلزمات الخيل من الشدة والراكبة الخاصة به.
ويوجد في صدارة القاعة لوحة زيتية كبيرة لمحمد على يمتطى الجواد بالحجم الطبيعي وبعض اللوحات الأخرى التي تعبر عن الخيول في جميع أوضاعها من تدريب أو ترويض أو إعدادها للصيد والتدريبات الأخرى.
**موكب المحمل
ومن بين أقدم مقتنيات المتحف وثائق تعود لعام 1915 تتنوع بين خطابات بين إدارة الركائب الخديوية وقصر التين،إضافة إلى ركائب “المحمل” الذي كان ينقل كسوة الكعبة من مصر إلي بلاد الحجاز وهو عبارة عن هودج فارغ يُقال أنه كان هودج شجرة الدر أما الكِسوة نفسها فكانت تُوضع في صناديق مغلقة وتحملها الجمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى