عرب وعالممقالات

هدف مؤتمر المناخ

بقلم: عبد الستار حتيتة  

ينعقد خلال أيام المؤتمر الدولي للمناخ في مصر. وهذه إضافة ممتازة للشعب المصري، بعد سنوات الفوضى من 2011 إلى 2013. ومن شأن المؤتمر أن يسهم في لفت الانتباه إلى مصر، بما يؤدي إلى إعادة النشاط السياحي إليها. لكن هذا ليس، وحده، هو الموضوع..  

يتضمن مؤتمر المناخ رسالة إلى العالم ملخصها أن مصر تمكنت من التحول سريعاً من بلد فوضوي يقف على شفا احتراب أهلي، إلى دولة متماسكة وقوية وتسعى لمواصلة لعب دورها المهم على الصعيدين الإقليمي والدولي.

مؤتمر المناخ ليس مؤتمراً عادياً. أي أنه لا يهتم بالاقتصاد فقط، أو بالأمن فقط. إنه يعني بقضية الكوكب وخطر التلوث عليه. معلوم أن درجة حرارة الأرض في ارتفاع، حتى لو كان طفيفاً، بسبب زيادة مصادر التلوث حول العالم. إن المشكلة عالمية، وتحتاج لحلول على قدر المستوى. فقد استطاعت 24 دولة فقط من أصل 194 من تحديث خططها لمواجهة التغير المناخي.

البنية الأساسية التي تمكنت مصر من إقامتها في وقت وجيز، من طرق وكباري ومدن جديدة بالإضافة للرقمنة والعصرنة لعديد المؤسسات، يفتح الباب لتدفقات مالية كبيرة في قابل الأيام. فقد حرصت مصر على أن يكون في قلب كل هذه المشروعات الجديدة، عنصر مهم للعالم، ألا وهو البيئة النظيفة.      

مؤتمر المناخ سوف يناقش تمويل الصناديق المالية الدولية المختصة، للانتقال إلى الطاقة النظيفة وحماية المدن وتقليل الانبعاثات. وهذا يلفت الانتباه إلى جهود مصر في الاعتماد على هذا النهج، سواء من خلال المواصلات أو الطاقة البديلة أو ترويض تداعيات التغيرات المناخية عموماً.

لقد أخذت الدولة المصرية، على عاتقها، منذ انتهاء الفوضى في 2013، تنفيذ محورين اثنين، تحت إلحاح غالبية المصريين. وهما: الأمن والاقتصاد. وتمكنت مصر من القضاء على الخلايا الإرهابية، وخلت البلاد من أعمال العنف التي كانت تستهدف منشآت الدولة، والشخصيات العامة..

أما فيما يتعلق بالاقتصاد، ورغم الصعاب، فقد نفذت مصر العديد من المشروعات الكبرى، من قناة السويس ونطاقها شرقاً، إلى العلمين وما حولها، غرباً، إلى جانب الخطوات الخاصة بالتحول الرقمي. حدث هذا رغم ظهور أمور دولية لم تكن في الحسبان، ضربت العالم وأثرت بالسلب على جهود بناء الاقتصاديات المحلية في وقت سريع، منها الركود الاقتصادي العالمي، وجائحة كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، وغيرها.        

يبدا مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ ذات السمعة العالمية الطيبة، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر. وسوف يناقش المؤتمر الخطط الدولية للحد من تمويل الوقود الأحفوري والحد من انبعاثات غاز الميثان المسببة لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، والتأثير السلبي للصناعات الزراعية.

ومن مسؤوليتها الدولية، في أفريقيا خصوصاً، وفي العالم النامي عموما، تسعى مصر في المؤتمر، في دورته الـ27، إلى فتح ملف مسؤولية العالم الصناعي عن الأضرار الناجمة عن التغير المناخي. فالسيول والجفاف وتآكل الشواطئ، وهي من مظاهر التغير المناخي، نتجت عن أنشطة كبيرة في بلاد بعيدة كالولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند.       

ومنذ زمن تقاوم مجموعة الدول الغنية مثل هذه المساعي، أي ترفض تحمل المسؤولية عن تعويض المتضررين من كوارث تغير المناخ.. رغم أنها، في السنوات الماضية، وعدت بتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ. وتم الوفاء بجانب من هذه الوعود، إلا أن مؤتمر شرم الشيخ يسعى لوضع الأمور في نصابها، والخروج بتعهدات ملزمة لصرف هذه الأموال للمتضررين، خاصة بعد أن قدر تقرير صادر عن مكتب التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة تكاليف التكيف المناخي في البلدان النامية بمبلغ 300 مليار دولار في عام 2030.

ومن بين الأفكار التي سوف تناقش في المؤتمر، أيضاً، ما يخص إنشاء صندوق دولي، يتم فيه ضخ تلك الأموال، لصرف مقابل الخسائر والأضرار الناتجة عن التغير المناخي في عديد الدول حول العالم، من أمريكا اللاتينية إلى آسيا، ومن أفريقيا إلى بلاد الواق واق. وتخشى دول صناعية كبرى من فتح هذا الملف. لهذا سوف تشهد محاولات من جانب المنتفعين الكبار، للتشويش، بكل السبل والحيل، على المؤتمر، لصرف الأنظار عن جوهر مناقشاته، والانشغال بقضايا أخرى بعيدة عن الهدف المأمول.   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى