غير مصنفمقالات

الكاتب الصحفي احمد طه الفرغلي يكتب خواطر ورؤي العالم عبد الرحمن بن خلدون

العالم عبد الرحمن بن خلدون
قبره اندثر وغير معروف ووزارة الثقافه تعلن لم نستدل على قبره

إنه أحد أعلام الأزهر الشريف انه مؤرخ ومفكر اسلامى عبقرى ومؤسس لعلم فلسفه التاريخ فيلسوف اجتماعى مبتكر ورائد علم الاجتماع واقتصادى حكم ودبلوماسى مخضرم وحاجب رئيس وزراء من طراز فريد لديه ملكات ومواهب تميز بها صاحب المعرفة جعلت منه منارة فكرية واكبر مصدر لفكر الحضارة الإسلامية والإنسانية على السواء وقد قال عنه فلاديمير لينين رئيس مجلس الصوفية الاعلى سابقا عام ⁦⁦1870-1924 متعجبا
ترى العين فى الشرق آخرون من أمثال هذا الفيلسوف ؟
إنه صاحب التمثال الشهير لساحة الاستقلال بتونس وصاحب المعرفة الاشهر فى تاريخ الفكر الإسلامي أنه عبد الرحمن بن خلدون فهو ولى الدين عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرى الكندى
كان جده التاسع رجلا عظيم الشأن فصفر على طريقه أهل اشبليته ليصير خلدون وقته حملت العائلة الاسهم من الاندلس واستقرت بتونس وبها ولد في غرة رمضان (٧٣٢ه‍ /١٣٣٢ م) ويتصل نسبه بقبيلة كنده العربية بحضر موت اليمن ومن اجداده وائل بن حجر الصحابى الذى وفد على النبى صلى الله عليه وسلم فبسط له رداءه واجلسه عليه ودعا له . .
وقد نشأ ابن خلدون فى بيت علم وأدب وجاه وحفظ القرآن صغيرا وتلقن العلم على يد أبيه اولا واقبل على مجالس العلم من علماء عصره من أمثال محمد بن ابراهيم الابلى اتقن الادب العربي والسنه والفقه المالكى وعلم الكلام والفلسفة والتاريخ وبرز نبوغه مبكرا ونجا من وباء الطاعون الذى اجتاح حوض البحر المتوسط سنة ١٣٤٨ وأتى على عائلته وبعض اساتذته وشيوخه عكف بعده على القراءة ثلاث سنوات حزينا على فقدان الأهل
ذيوع حيث ابن خلدون
بعد أن ذاع صيته وظهرت عبقريته ومقدار علمه فى العشرين من عمره صار بيته قبله لكل باحث العلم والمعرفة
فاستدعاه وزير الدولة ليكتب العلاقة السلطانية عند سلطان تونس فقبلها كارها وكانت هذه اولى درجات سلم الحكم غادر بعدها تونس الى فارس حيث استقبله سلطانها ابو عنان المرغنى للكتابة والتوقيع بين يديه سنة ٧٥٥ه‍ فقبل الأمر إلى أن تنكر له السلطان واودعه السجن ولم يخرج من السجن الا بعد وفاة السلطان
اتجه الى بلاد افريقيا ومنها إلى الأندلس حيث استقبله وزير الدولة لسان الدين بن الخطيب مهنئا اياه بقدومه غرناطه واكرمه ابو عبدالله بن نصر ثالث ملوك بنى الاحمر واختاره وزيرا له ورسوله إلى ملك الاسبان واستمر هكذا إلى أن تغيرت علاقته بابن الخطيب فاتجه إلى ولاية بجاية بالمغرب سنة ٧٦٦ه‍ وقلده سلطانها اكبر مناصبها وهو الحجابة فاستمر به حتى تنكر له السلطان فعاد مرة أخرى إلى الأندلس مشمولا بعطف وإحسان ابن الاحمر ولم يكن يمر العام حتى جاء وقت الرحيل فلملم اوراقه وعاد إدراجه واستقر بقلعة أولاد سلامه بالجرائز اربع سنوات شرح خلالها فى كتابة كتاب العبر ثم سافر إلى مصر والتى يصفها فيقول :
رايت حاضرة الدنيا وبستان العالم ومعشر الامم ومدرج النمل من البشر وايوان الاسلام وكرسى الملك تلوح القصور والدواوين فى جوة وتزهر الخوانك والمدارس بافاقة وتضى البدور والكواكب من علمائه قد مثل بشاطىء بحر النيل نهر الجنة ومدفع مياه السماء يسقيهم النهل والعلل شيخه ويحيى إليهم الثمرات والخيرات ومررت فى سكك المدينة تغصى بزحام المارة واسواقها تزهر بالنعم ومازلنا نتحدث عن هذا البلد وبعد مداه فى العمران واتساع الاسواق
ولقد اختلفت عبارات من لقيناه من شيوخها واصحابنا حاجبهم وتاجرهم بالحديث سالف قاضى الجماعة بفاسى وكبير العلماء بالمغرب أبا عبد الله المغرب
كيف القاهره قال من لم يرها لم يعرف عن الإسلام
وقد سكن على ضفاف النيل وكتب سيرته الذاتيه فى ضيعته بالفيوم المهداه إليه من السلطان برقوق
وعن استقبال القاهرة له يقول ابن خلدون ولما دخلتها أقمت أياما وامثال على طلبه العلم بها يلتمسون الافادة مع قلة البضاعة ولم يوسعونى عذرا فجلست للتدريس بالجامع الأزهر ويسجل معا حدوة من علماء الأزهر انطباعهم عنه
ويذكر تقى الدين المقريزى قدم فى شهر رمضان سنة ٨٧٤ه‍ شيخنا ابو زيد عبد الرحمن بن خلدون من بلاد المغرب وتصدى للاشتغال بالجامع الأزهر فاقبل عليه الناس واعجبوا به
ويقول الامام ابن حجر العسقلاني كان لسانا فصيحا حسن الترسل وسط النظم مع معرفة تامه بما يتحدث فيه ويقول أبو المحاسن بن تغرى يروى
واستوطن القاهرة وتصدر الأقرباء بالجامع الأزهر مدة واشتغل وأفاد كان ابن خلدون على دراية وعلم ومعرفة بالتعامل مع الحكام
وكان بين العالم ابن خلدون والسلطان برقوق أنه يعرف كل التفاصيل عن طبيعة الحكم الذى يتعامل معه سلبياته وايجابياته تيوق الحاكم ليسمع منه مصائر الدول ومصارعها واسباب قوة الحاكم وضعفه ولا يخرج ما قاله السلطان عن حكم المماليك عن ما سطره فى كتاب التعريف ويقول (أهل هذه الدولة التركية بمصر والشام معنيون بإنشاء المدارس لتدريس العلم والخوانق لاقامة رسوم الفقراء فى التحلق بآداب الصوفية السنية وفى مطارحة الافكار ونوافل الصلوات اخذوا ذلك عن قبلهم من الدول الخلافية حبه ابن خلدون للعلم
اشبع ابن خلدون حبه للعلم والمعرفة بالتردد على المكتبات ومخازن الكتب العديده بالقاهرة والتفاف عدد من التلاميذ حوله ولقاء العلماء والقاء المحاضرات فى مدارسها علاوة علي القاء الدروس بالأزهر الشريف عين استاذا فى المدرسة بالفسطاط ثم انتقل للتدريس فى المدرسة الظاهرية فى بين القصرين بحى الجمالية وعقب عودته من الحج عين شيخا للحديث فى مدرسة وترك كوكبة من التلاميذ كان على رأسهم تقى الدين المقريزى وبعد ذلك تولى منصب قاضى قضاة المالكية وقد وفق فى هذا المنصب وكانت لاتاخذه فى الحق لومة لائم وقد تناوله الحافظ ابن حجر العسقلاني فى كتابه (رفع الأحد عن قضاة مصر ) وفيها تناول قصة توليه منصب القضاء بمصر
علم الاجتماع فى مقدمة ابن خلدون وقد شهر المصنفون بأن الفيلسوف الفرنسي اوجست كونت (١٧٩٨١٨٥٧)مؤسس علم الاجتماع الغربى قد استمد كثيرا من آرائه ونظرياته من مقدمة ابن خلدون تشتمل على ستة فصول ولابن خلدون مؤلفات اخرى مثل تلخيص كتاب المحصل لفخر الدين الرازى وشرح وتلخيصات لبعض كتب ابن رشد وكتابة العبر الذى اضاف إليه وخط كتاب التعريف . فظل عطاؤه خالدا مثمرا فى شتى المجالات الفكرية والعلمية والدينيه وقد وصل الى اعلى المناصب ولم يتخلى عن العلم والسياسه والذين كانتا من أهم صفات عائلته التى كانت تتقلب بين رئاسه سلطانية ورئاسة علمية وقد رحل ابن خلدون بعد رحلة كبيرة بين السياسه والعلم ويقول فيه ابن حجر العسقلانى كان لسانا فصيحا حسن الترسل وسط النظم مع معرفة تامه بما يتحدث فيه وكان يجيد التعامل مع الحكام ويعرف كيف يؤثر عليهم عند لقائهم فهو حسن الصورة بارع الحديث يملك لباقة ومعرفة واسعة وكانت شخصيته الفريدة الجسورة تجذب إليه السلاطين والأمراء وقد رحل ابن خلدون فى أواخر شهر رمضان سنة ( ٨٠٨ه‍ ١٤٠٦م) عن عمر ناهز ال ٧٦ عاما وبقى ذكره واثره علامه مضيئه في مسيرة الفكر الإنساني وقد كانت وفاته بالقاهرة مكان دفنه
وقد دفن الامام العلامه قاضى مصر وضيفها المؤرخ العالمى الشيخ عبد الرحمن بن خلدون بمقابر الصوفية بباب النصر ويقول حضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد ذكى ابراهيم رضى الله عنه رائد العشيرة المحمدية فى مقاله المنشور بمجلة المسلم التى تصدر عن العشيرة المحمدية فى عددها الصادر فى ربيع الاول ١٣٨٢ه‍ العدد العاشرون الثانيه عشرة فى ٣٠ستمبر ١٩٦٢ الاتى عن مكان دفنه واذا قد اشرنا إلى المقبرة الملحقة
بفناء خانتاه سعيد السعداء فقد تبين نتيجة البحث التجمع والتعاون الصوفى القديم نذكر أنه كان لتخصيص الصوفية بخانتاه سعيد السعداء كمركز دعوة أساسى عام تتبعه مراكز فرعية فى مختلف الخوانق كان لذلك أثره في تجميع قواهم وتنظيمها وبداية التكفل والتعاون بينهم جميعا وكان من أثر ذلك أن خصصوا انفسهم بمقبرة كبرى خارج باب النصر يدفن فيها الميت منهم فى جوار أخيه كما كان يعيش متعاونا معه الحياة وقد دفن فيها معهم عدد كبير من العلماء والمؤرخين والمؤلفين وكان موقع هذه المقبرة الان هو الساحة الواقعة أمام باب النصر جنوبا مع ملتقى الشارع الشرقى والجنوبى وما حولها وكانت هذه المقبرة مقصد المسلمين للتبرك والزيارة من كل فج ثم اندثرت بتخلف الزمان وتفرق الصوفيه بل و جهلهم بتواريخهم واثارهم وانشغالهم بالمظاهر الدنيوية الفانية وكان ضمن دفن بهذه المقبرة قاضى القضاة بهاء الدين بن بهاور العزى شيخ الملك الظاهر برقوق وكان تلقى الطريقة عن سيدى عمر القادرى حفيد سيدى عبد القادر الجيلاني ودفن بهذه المقبرة الامام الحافظ الشيخ شرف الدين الدمياطى تلقى عن الحافظ المنذرى الحديث والطريقة الشاذلية ودفن بها عمدة المؤرخين الشريف الشيخ تقى الدين المقريزى الذى كان محتسب القاهرة فى عهد الملك الظاهر برقوق ثم تصرف واعتكف على التاليف والتقشف ورفض ولاية دمشق ولا تزال خططه وتواريخه مرجع الاجيال ودفن بهذه المقبرة الامام العلامه قاضى قضاة مصر وضيفها المؤرخ العالمى الشيخ عبد الرحمن بن خلدون الحضرمى التونسى .
وللاسف قد حافظت تونس على مكان ولادته ونحن قد اهملنا مقبرته التى دفن فيها فأصبحت غير معروفه . .وتجاهلت وزارة الثقافه ومصلحة الآثار وكل الجهات المختصة البحث عنها من واقع هذا العرض المعروض بمكان دفنه وقت وفاته عام ٨٠٨ه‍ هكذا نتجاهل ولا نكلف انفسنا البحث عن مقابر المشاهير من العظماء والعلماء والمؤرخين ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى