غير مصنف

المشهد الثقافي العُماني حالة من الحراك المستمر يعزز الهوية الوطنية

مسقط : عبد الله تمام 

تشهد الساحة الثقافية العُمانية حالة حراك مستمر في مختلف مجالاته وأشكاله التعبيرية المتنوعة، ومحطاته المتعددة على مستوى المهرجانات الثقافية والفنية والمهرجانات السياحية التي تضع البعد الثقافي والفني كأحد المرتكزات العُمانية.

وتكشف تطورات المشهد الثقافي العُماني أن الحكومة العُمانية وضعت نصب أعينها قيمة المدرك الثقافي، ولذا باتت تؤسس الثقافة والفن في فكر الشعوب من خلال أدواتها الناعمة ومن أبرزها دار الأوبرا السلطانية مسقط، والتي تؤدي دورا هاما وبارزا في نشر التراث العالمي، وتعمل على ترسيخ مُثل السلم والتعايش والتفاهم بين جميع الأمم والشعوب، عبر فعاليات الفنون التي تعبر عن تراث ثقافي وإنساني مشترك بالغ الدلالة وعميق الأثر.

وتعد دار الفنون الموسيقية التي افتتحت الأسبوع الماضي، هي الصرح الأحدث في مسيرة الاهتمام بالفنون والتراث، وتأكيد جديد على صدق رؤية السلطان قابوس للفنون والثقافة ودورها في تنشئة الأجيال على قواعد الرقي والجمال والتواصل الحضاري، فالدار الجديدة التي تمثل إضافة جوهرية لدار الأوبرا السلطانية، ستستفيد من الدور الحضاري الذي أسست له الأوبرا السلطانية قبل ثمانية أعوام بفضل ما تم تقديمه من عروض أوبرالية وفنية وموسيقية حظيت باهتمام العالم وأثرت المعارف الفنية والموسيقية للجمهور في السلطنة.

ومن منطلق ما تمثله الرسالة الثقافية العُمانية من دور مهم في بناء ثقافة الشعوب وتأصيل هويتها الحضارية، وبناء الإنسان الواعي لتراثه وتأريخه، المدرك لموقعه في سلم الحضارة الإنسانية، وإسهامات أجداده ورموزه في الرصيد الفكري العالمي، انطلقت الخصوصية الثقافية العُمانية من القناعة بأن الإنسان هو أساس التنمية ومحور عملها، وأن صقل مهاراته وقدراته وحفز دوافعه ومواهبه واستعداداته لاستيعاب التطور الحاصل في منظومة العمل الوطني في مجالاتها المختلفة، وإدراك المستجدات الثقافية العالمية.

إنها القناعة العُمانية بأن الثقافة بأشكالها التعبيرية الفنية والتاريخية والتراثية إنما تنضج وتقوى وتنمو وتتطور عندما ترتبط بالإنسان وتوجّه من أجل تحقيق مصالحه، لتبرز فيها مساحات الإبداع والابتكار وتوفر لها مناخات التجربة وفرص المحاكاة والعمل والمخاطرة، لهذا كانت الثقافة العمانية في عصورها المختلفة طريق الإنسان للتنمية والتطور.

ولم يكن غريبا أن يشكل الحراك الثقافي في سلطنة عُمان في إطاره الفني والتراثي نموذج عصري واعٍ معزز للتكاملية بين الماضي والحاضر والمستقبل، في سبيل تحقيق شراكات متقدمة راقية من أجل الإنسان تقوم على ترقية الفكر الإيجابي والثقافي الراقي وتؤصل بين الشعوب قيم الأخوة والمحبة والتعايش والوئام الإنساني.

يبقى القول أن المشهد الثقافي العُماني بما يحمله من مساحات الفن الأصيل، والنموذج الرفيع القائم على أصالة المبادئ الراقية يجسد رسالة عُمان إلى العالم، بأن الثقافة الأصيلة والفن الواعي لمعطيات الواقع، النابع من المبادئ والأخلاقيات والقيم والتراث الأصيل للشعوب، تعمل على ترقية مبادئ العمل الإنساني في مواجهة الحالة التي يمر بها العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى