مقالات

الأمل ولو بعين واحدة

بقلم ✍️ خالد محمد امين

لا معنى للحياة بدون تفاؤل وأمل لن ليس هناك حياة بلا جحيم وعذاب  فالحياة مليئة بالمصاعب والأحداث التي تؤثّر فينا بشكل قليل أو كثير وهناك نماذج كثيره اكملت مسيرتها في الحياه وكان الألم والعجز والمصاعب كأسلوب وأساس في حياتهم ومن هذه النماذج

( جان دومينيك بوبي) وهو مدير تحرير مجله (إل) الفرنسيه الشهيرةاصيب عام 1995 بجلطه دماغيه مفاجئه ادخلته في غيبوبه لمده 20 يوما استيقظ بعدها ليكتشف أن حياته او ما بقى منها قد تغير بالكامل حيث أصبح الرجل عاجز عن تحريك اي عضو في جسده وان ظل محتفظا بذاكرته وعقله اما العضو الوحيد الذي ظل فعالا في جسده فهو عينه اليسرى فقط

والمدهش في سيرة هذا الرجل لمن لا يعرفها هو الاتي حيث تمكن بوبي من كتاب السيرة الذاتيه مستعينا بالشيء الوحيد المتبقي لديه وهو عينه اليسرى هذه السيرة التي نشرت في كتاب قبل وفاه (بوبي) بعشره ايام بسبب مضاعفات المرض وهذه السيرة التي حولها المخرج (جوليان شنايبل) فيلما سينمائيا ويحمل عنوان (بدله الغطس والفراش) وهو عنوان السيره الذاتيه نفسه
حيث أشار بوبي ان بدله الغطس تشير الى روحه الحادقه او السجينه في جسده العاجز ام الفراشه ترمز الى قدره خياله على التحليق بعيدا عن سرير المستشفى وسجن الجسد

وكانت الطريقه التي الف بها (بوبي) الكتاب ملهمه ايضا حيث ارسلت له دار النشر مساعده لكي تلازم (بوبي) في فراشه و بتكرار الاحرف الابجديه على مسمعيه وحين تصل الى الحرف الذي يريده يرمش بعينه اليسري فتقوم هي بتسجيله ثم يرمش عند سماع الحرف التالي فالتالي  حتى تتالف لديه الكلمه ومن بعدها العباره التي يرغب في قولها ولكي يحقق الاستفاده القصوى من الوقت سار يستيقظ عند الخامسه فجرا ويؤلف ما يريد تاليفه لهذا اليوم ثم يحفظه في ذاكرته بحيث يكون جاهزا عندما تاتي تلك السيده المساعده

كانت رغبه (بوبي) الاولى حين اكتشف حالته هي
(اريد ان اموت) كما قال لطبيبته لكنه قرر ان يكافح بعد ذلك قائلا للطبيبه نفسها  (قررت ان اكف عن الاشفاق على نفسي) وكانت النتيجه واحدآ من اجمل الكتب واكثرها انسانيه و ايضا واحدا من اجمل الافلام السينمائيه التي تعد درس في الامل على الرغم من وفاه  (بوبي)  في النهايه الى انه تمكن وهو في اكثر الحالات عجزا والتي يمكن ان يجد الانسان نفسه فيها من إيصال رسالته للناس

وانا أرى ان الرساله التي أراد (بوبي) إرسالها وهي ان الانسان قبل ان يكون جسدا هو روح وخيال وذاكرة ومشاعر وانه يستطيع مهما كانت بدله الغطس التي تحبس جسده وتجره الى اعماق المياه ان يتخيل على الاقل فراشه ترفعه من ظلمه الاعماق الى انوار الهواء الطلق ومساحات العالم المفتوحه
#مقالات_خالد_امين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى