مقالات

عبدالله تمام يكتب/ بدر البوسعيدي.. عنوان لمرحلة جديدة من السياسة العمانية

انتظرت بضعة أيام حتى تهدأ تلك الضجة التي أحدثها التغيير الوزاري الكبير والعميق الذي قام به جلالة السلطان هيثم بن طارق في سلطنة عمان ، معلناً بداية عصر جديد للسلطنة تخطو فيه نحو المستقبل بثقة وبروح الشباب وعزمهم.

وفي هذا التغيير الكبير يبدو معالي بدر البوسعيدي وزير الخارجية العماني الجديد هو الأكثر أهمية بين كل الوزاء الجدد ، ليس فقط لكونه يتولى هذا المنصب الحساس والمهم باعتباره وزيرا للخارجية وليس وزيرا للشئون الخارجية كما كان يوسف بن علوي الوزير المخضرم طوال مايقارب ربع قرن.

ولكن لكون هذا التنصيب ترجمة واقعية ودقيقة لما يتمتع به البوسعيدي من مزايا وإمكانيات.

وينتمي بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي الذي ولد عام 1960، إلى الأسرة العمانية الحاكمة وكان والده وزير ديوان البلاط السلطاني خلال ثمانينات القرن الماضي.

وقد ترقى في المناصب الدبلوماسية في عمان بعد إنهاء دراساته العليا في المملكة المتحدة حتى وصل إلى منصب الأمين العام لوزارة الخارجية عام 2000 وهو الموقع الذي ظل يشغله حتى تعيينه الأخير وزيراً للخارجية.

ويعتبر البوسعيدي من الوجوه العمانية المعروفة على صعيد الدبلوماسية العربية والدولية، خاصة بعدما شغل منصب الأمين العام لوزارة الخارجية.

وتسلم وسام “جوقة الشرف الوطني” من قبل الرئيس الفرنسي ‎إيمانويل ماكرون في 2019، تقديرا لجهوده وإسهاماته في تعزيز العلاقات العمانية الفرنسية، كما تسلم كذلك وسام نجمة إيطاليا في 2015.

كما ترأس وفد بلده بالاجتماع الذي عقدته اللجنة العمانية الألمانية المشتركة بمقر وزارة الخارجية الألمانية في برلين.
ومثل الجانب الألماني وكيل وزارة الخارجية الألمانية ماركوس إددر. وجرى خلال الاجتماع، التوقيع على البيان المشترك للتعاون الثقافي والإعلامي بين البلدين.

ومن أبرز تصريحاته قوله إن “الدبلوماسية العمانية تهتدي بعدد من المبادئ الأساسية المستمدة من هذه التجربة التاريخية، فالسلطنة تسعى دائما إلى حل النزاعات بالسبل السلمية، وإلى المحافظة على سياسة حسن الجوار والقنوات المفتوحة لتحقيق التفاهم والحلول المفيدة للجميع، ففضلت السلطنة على الدوام انتهاج أسلوب الحوار وتحقيق التفاهم وبناء العلاقات المتبادلة انطلاقًا من القناعة بأن هذا الأسلوب هو أقوى أساس للسلام والأمن والاستقرار”.

ومن يحاول فهم المشهد العماني الان يجب عليه اولا فهم العمانيين انفسهم وطريقة تعاملهم مع مختلف القضايا المحلية والعربية والدولية ، فالسلطنة حرصت منذ فجر النهضة العمانية بقيادة السلطان قابوس رحمه الله على أن تضع لنفسها خطاً ثايتا في التعامل مع القضايا العربية ، يميزها عن باقي جيرانها في أنه يستند الى مجموعة من الثوابت ، لهذا كان طبيعيا أن تغرد خارج السرب الخليجي في عدد من المواقف المهمة وعلى رأسها الموقف من اليمن الشقيق ، وربما تستعيد الذاكرة موقف عمان ومساندتها لمصر وقت المقاطعة العربية في سبعينات القرن الماضي .

ولهذا نجد أن أبرز التغيرات تتعلق بتعيين بدر بن حمد البوسعيدي وزيراً للخارجية العمانية خلفاً ليوسف بن علوي، واستبدال تسمية الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بـ “وزير الخارجية”. كما تم تعيين سلطان بن سالم الحبسي، وزيراً للمالية، خلفاً للوزير درويش بن إسماعيل البلوشي.

كما نصت المراسيم السلطانية على إنشاء وزارة الثقافة والرياضة والشباب وتعيين نجل السلطان ذي يزن بن هيثم بن طارق وزيراً لها، ودمج وزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية باسم وزارة العدل، وإنشاء وزارة العمل، وأخرى للاقتصاد، وثالثة باسم وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات.

وفيما يتعلق بالوزرات التي تم تغيير تسميتها، فقد قضت مراسيم السلطان هيثم بن طارق تعديل مسميات الوزرات الأتية:
تعديل مسمى وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى مسمى وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه.

تعديل مسمى وزارة الإسكان إلى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني.

تعديل تسمية وزارة النفط والغاز إلى وزارة الطاقة والمعادن.

تعديل تسمية ووزارة التجارة والصناعة إلى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.

تعديل تسمية وزارة التعليم العالي إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وقد صدر مرسوم بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية “عمان 2040″، وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، وإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية، وتحديد اختصاصات وزارة الداخلية واعتماد هيكلها التنظيمي.

كما تم تعديل بعض أحكام المرسومين السلطانيين بإنشاء جهاز الضرائب وإصدار نظامه واعتماد هيكله التنظيمي، كما قرر تعديل بعض أحكام المرسومين السلطانيين بإنشاء المركز الوطني للإحصاء والمعلومات وإصدار نظامه.

يعد هذا التعديل الوزاري الذى أجراه السلطان هيثم بن طارق هو الأكبر منذ تولي السلطان العماني، الذى يستهدف إعادة هيكلة للكثير من مفاصل الدولة، فقد تعهد السلطان العُماني هيثم بن طارق منذ توليه منصبه حاكماً، في 11 يناير2020، بتحديث الجهاز الإداري للدولة، وتطوير آليات صنع القرار الحكومي، ورفع كفاءة الشركات الحكومية وتعزيز مساهمتها في المنظومة الاقتصادية.

وتسعى سلطنة عًمان الانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة في العديد من المجالات بتحقيق رؤية 2040، ووضع الاقتصاد العُماني على خارطة الاقتصاد العالمي خلال العقدين المقبلين وما بعدهما، ويتم كل ذلك بالاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي الفريد الذي تتميز به السلطنة؛ لكونه في قلب طريق التجارة العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى