تقارير و تحقيقاتفن ومنوعات

بعد أزمة بيومي وسلام.. الفن ترفيه أم رصد وتغيير

شهدت الساحة الفنية الكثير من الجدل خلال الأيام الأخيرة، بين مؤيد ومعارض لبعض مواقف الفنانين الرافضين لتقديم أعمال فنية تزامنًا مع ما يحدث فى غزة من معاناة شعب يعيش تحت القصف مع نقص فى الأدوية والكهرباء وحتى السلع الغذائية.

كانت الأجواء تسير بشكل طبيعى من رسائل الدعم وإلغاء بعض الفنانين للحفلات أو تأجيل تقديم أعمالهم ثم تغير الأمر بعد إعتذار “محمد سلام” فى فيديو انفعالى شاهده الكثيرين رافضًا تقديم عمل كوميدي وسط ما يحدث فى غزة.

الإعتذار حمل نوعًا من الإسقاط على الآخرين، لكن ما زاد من اشتعال الأزمة حديث “بيومي فؤاد” فى نهاية عرض المسرحية وبكاءه وهجومه على سلام الأمر الذى اعتبره الجمهور تملق ومغلاه فواجه وابلًا من التعليقات السلبية عبر صفحات التواصل الاجتماعى، مما أجبره على غلق صفحته الرسمية بعد خسارة ما يزيد عن مليون متابع.

ليطرح السؤال نفسه هل الفن مالوش دعوة؟ دعونا نتناول بعض المحاور للإجابة على هذا التساؤل.

كان الفن على مر العصور من أكبر العوامل المؤثرة فى المجتمع والإنسانية، بعض الأحيان كان هو المؤثر والشرارة الأولى لدفع الشعوب للتغيير وأحيان أخرى معبرًا عن هذا التغيير.

تسطيع أن ترى ذلك جليًا عبر عصور مختلفة لنماذج من الفنانين والأدباء والشعراء كانوا يقدمون فنًا حقيقيًا ظل باقى وشاهد على أحداث كتبها التاريخ فبقيت أسمائهم عقود طويلة وستظل لأن المعادن الثمينة تزيد السنون من قيمتها ونتناول بعض من هذه النماذج:

سيد درويش.. داعم لكفاح أبناء وطنه

قدم سيد درويش الكثير من الألحان بين الأدوار والموشحات ليس ذلك فقط بل كان أول من أدخل الغناء البوليفوني فى مصر وقدم ذلك خلال أوبريت العشرة الطيبة وشهرازاد والبروكة.

والأهم أن فنه لم ينفصل عن ما يجرى على الساحة السياسية وكذلك القضايا الاجتماعية فاستوحى من كلمات الزعيم مصطفى كامل بعض عباراته وقدم منها مطلع النشيد الوطنى “بلادى بلادى بلادى لك حبى وفؤادى”.

كما لا نستطيع أن ننسى لحنه الخالد الباقى “أنا المصري كريم العنصرين”، أما “دقت طبول الحرب يا خيالة وآدى الساعة دى ساعة الرجالة” كانت كلمات لحنها محمسا المتظاهرين ضد الاحتلال الإنجليزى.

أيضا كان سيد درويش ملامسا للواقع الاجتماعى فانشد متحدثا عن الغلاء “استعجبوا يا أفندية ليتر الجاز بروبية” فعبر بموهبته عن كل ما يدور فى المجتمع.

نجيب محفوظ.. يرصد الواقع

أما الأديب نجيب محفوظ  فقدم من خلال فن الرواية رصدًا للواقع الاجتماعى والسياسى لتسجيله أحداث مصر، وكانت الحارة حاضرة بقوة فهى عالمه الخاص الذى صنع فيها أبطاله منها الثلاثية، وأولاد حارتنا، وغيرها فصنف أدب محفوظ بأنه أدباً واقعياً.

عبدالحليم حافظ.. صوت الوعد والانتصار

كان عبدالحليم  شاهدًا على الكثير من اللحظات الفارقة فى حياة الشعب غنى للثورة وكذلك للانكسار والنصر قدم ما يقرب من 230 أغنية ما بين عاطفية ووطنية.

قدم أغنية «الله يا بلدنا» بعد العدوان الثلاثى و«أغنية المسيح» فكانت تتغنى بمدينة القدس التى يحمل لها كل مواطنى العالم مكانة كبيرة فى قلوبهم باختلاف جنسياتهم ومعتقداتهم.

ولا نستطيع أن ننسى «ابنك يقولك يا بطل» و«نشيد الوطن الأكبر» و«حكاية شعب» والتى قدمها للاحتفال بوضع حجر الأساس بناء السد العالي.

أما أغنية «الجزائر» أحيا بها كفاح أهل الجزائر بعد أن نالوا استقلالهم.

وغنى «صورة» فى عيد الثورة وكانت «عدى النهار» من أكثر الأغنيات تعبيرًا عن حزن نكسة 67 ولحقت بها «أحلف بسماها» سنة 1967 لتكون وعد بتحرير سيناء.

وعند الانتصار وتحقق الوعد صدع صوته احتفلًا بالنصر مغنيًا «عاش اللى قال» و«صباح الخير يا سينا».

فاتن حمامة.. غيرت الواقع

كانت فاتن حمامة أيقونة أطلق عليها سيدة الشاشة العربية، حرصت أن تقدم أعمال متميزة ناقشت مشكلات اجتماعية ومن أبرز مشكلات المرأة التى ناقشتها فاستطاعت بقوتها الناعمة أن تغير القانون من خلال فيلم “أريد حلا” الذي يعد أول فيلم سينمائى يناقش قضية الخلع، وعرض عام ١٩٧٥ فكان سبب رئيسي لحل وتغيير حياة كثيرين.

قدمنا هذه النماذج على سبيل المثال لا الحصر دليلًا أن الفن معني بالمجتمع يؤثر بالرصد والتغيير والمشاركة فى ما يحدث مؤثرا ومتأثرا دون أن يخلو من الترفيه والأمتاع أيضا وإلا لن يكون إبداع.

مرثا مرجان

رئيس قسم الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى