تقارير و تحقيقات

خبراء: مصر مهيأة لتصبح رائدة في مجال تحلية المياه

رمضان وهدان

تستكشف مصر سبل زيادة مواردها المائية وتعويض أي آثار سلبية لسد النهضة الإثيوبي الكبير في ضوء المفاوضات الثلاثية المتوقفة بينها وبين السودان وإثيوبيا.

وتمر مصر وإثيوبيا والسودان بمأزق بسبب سد النهضة منذ أبريل، وأثيرت الأزمة أكثر من مرة قبل مجلس الأمن الدولي – وآخرها في يوليو – الذي أحالها مرة أخرى إلى الاتحاد الأفريقي، ولكن دون جدوى، وتواصل إثيوبيا ملء خزان سد النهضة، متجاهلة الاعتراضات التي أثارتها مصر والسودان.

وفي 9 أغسطس، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى اجتماع مباشر بين الأطراف الثلاثة المتنازعة، وستتوسط الجزائر، إلى جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الاجتماع برعاية الاتحاد الأفريقي.

وأشار إلى أن الأطراف المتنازعة رحبت بالمبادرة، لكن لم يتم تحديد موعد لاستئناف المفاوضات، وخلال اجتماع في 9 أغسطس مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، كشف وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات الحضرية عاصم الجزار أن القاهرة تلقت عطاءات من 60 شركة عالمية كبرى لتنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر.

وفي اجتماع لمجلس الوزراء قبل ذلك بيوم، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إجراء دراسات حول تطبيق تكنولوجيا تحلية المياه المتقدمة في البلاد.

ويشدد الخبراء والمراقبون على الأهمية الحاسمة لمشاريع تحلية مياه البحر لمواكبة النمو السكاني والتوسع الحضري في مصر، مؤكدين أن هذه البدائل تهدف إلى زيادة موارد المياه المتضررة من النقص الحاد، خاصة وسط الأزمة الناجمة عن سد النهضة والأضرار المحتملة لمصر.

وأرجع محمود أبو زيد، رئيس مجلس المياه العربي ووزير المياه السابق، ندرة المياه الشديدة إلى الزيادة الهائلة في عدد السكان.

وفي حديثه إلى موقع “المونيتور” عبر الهاتف، أوضح أبو زيد أن تحلية المياه تستخدم لإنتاج المياه للشرب، لكن العملية لا يمكن أن تلبي احتياجات الري والزراعة بسبب تكلفتها الباهظة.

وقال إن “الدولة لجأت إلى تبطين القنوات وتقنيات الري الحديثة لتقليل فقدان المياه، وركزت على توعية المواطنين بضرورة ترشيد استهلاكهم للمياه، كما تبحث الدولة عن المزيد من المصادر غير التقليدية مثل تخزين الأمطار والفيضانات والاستفادة من المياه الجوفية ومعالجة مياه الصرف الصحي الزراعية. “

وأضاف أن مصر والسودان اضطرتا لحماية حقوقهما التاريخية في مياه النيل، قائلاً: «إن مصر والسودان مصممتان على التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا من خلال وساطة دولية من شأنها الحفاظ على حقوق الدول الثلاث المتنازع عليها.» يتوقع أبو زيد مستقبلًا واعدًا لصناعة تحلية مياه البحر في مصر، مشيرًا إلى الإرادة السياسية لتوطين التكنولوجيا الحديثة. ي

من جانبه يرى عباس شرقي، رئيس قسم الموارد المائية والجيولوجيا في كلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن مصر بحاجة إلى مشاريع تحلية المياه في المدن الساحلية البعيدة عن نهر النيل، وأوضح أيضًا أن هذه الطريقة باهظة الثمن لاستخدامها في الزراعة.

وقال شرقي في تصريحات لموقع “المونيتور”: “إن استمرار الزحف العمراني وإنشاء مدن جديدة جعل من الضروري على الدولة تنفيذ مشاريع تحلية مياه البحر، وتم بناء حوالي 16 مدينة جديدة على مسافة كبيرة من النيل وبالقرب من السواحل مثل الجلالة والعين السخنة والعاصمة الإدارية الجديدة والغردقة وشمال وجنوب سيناء ومرسى علم وغيرها “. وقال شراقي إن هذه المشاريع ضرورية حتى بدون القضايا التي يطرحها سد النهضة، مضيفا أن مشاريع تحلية مياه البحر لا يمكن أن تعوض النقص في النيل، «مياه النيل هي الأرخص تكلفة وتستخدم في الري والزراعة والشرب، على عكس المياه المتولدة عن مشاريع تحلية مياه البحر».

ومع ذلك، حذر شراقي من أن هناك حاجة إلى دراسات جدوى لتقييم مشاريع تحلية مياه البحر، موضحًا أن «متوسط التكلفة العالمية لإنتاج المياه من مشاريع مماثلة هو دولار واحد لكل متر مكعب».

بدوره قال حسام مغازي، رئيس قسم الري والهيدروليكا في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، إن هناك عجزًا في المياه في مصر يبلغ 25 مليار متر مكعب.

وقال مغازي في تصريحات لـ”المونيتور” إن ذلك يرجع إلى الزيادة السكانية البالغة 2.5 مليون شخص سنويًا بينما ظلت المياه المتاحة من النيل كما هي، وأضاف «وبالتالي، فإن مشاريع معالجة مياه الصرف الصحي ضرورية للسماح بإعادة استخدام هذه المياه، إلى جانب مياه الأمطار والفيضانات والمياه الجوفية لتعويض العجز».

وأشار إلى أن مصر تعتمد على نهر النيل لتلبية 95٪ من احتياجاتها المائية، مضيفًا أن «التوسع الحضري الناجم عن الزيادة السكانية جعل من الضروري إنشاء مشاريع تحلية مياه البحر لتوليد مياه الشرب للمدن الساحلية».

ويعتقد مغازي، وهو أيضًا وزير مياه سابق، أن مصر ستكون سوقًا واعدة في المستقبل لمشاريع مياه البحر، وخلص إلى أن «هناك جهودًا من قبل الدولة لتوطين هذه الصناعة من أجل تقليل تكلفتها مع الاستفادة من أحدث الوسائل التكنولوجية لتحقيق أعلى جودة وأقل تكلفة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى