غير مصنف

خطط عُمانية جديدة لدعم مسيرة البحث العلمي وفق رؤية عمان 2040

عبد الله تمام

منذ بداية عصر النهضة في مطلع السبعينيات من القرن الماضي وحتي الآن وتحت قيادة السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، أدركت سلطنة عُمان مبكراً أهمية التقدم المذهل في التقنيات والاتصالات وثورة المعلومات، وتدشين خطة بحثية لمرحلة جديدة.
فلم تكن عُمان بمنأى عن مسار البحث العلمي، بل حرصت عليه كغيرها من الدول، ونظرت إليه على أنه أحد مفاتيح التقدم والتطور واستمرار التنمية الشاملة والمستدامة التي جاءت من أجلها النهضة المستدامة، حيث أدركت أهمية الانتقال السريع من حالة الاستهلاك المعرفي إلى وضع الإنتاج الإبداعي وتصديره.

وتعد الخطة الخمسية العاشرة لمجلس البحث العلمي التي اعتمدتها هيئة مجلس البحث العلمي بسلطنة عُمان في اجتماعها الأخير برئاسة شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع ـ رئيس مجلس البحث العلمي، مرحلة جديدة لعمل المجلس للمضي قدما بمسيرة البحث العلمي في السلطنة، حيث تم التركيز عند إعدادها على التناغم بين استراتيجية البحث العلمي والتطوير 2040 مع كل من الاستراتيجية الوطنية للابتكار ورؤية عمان 2040.

كما حظي العمل في البرنامج البحثي لجائحة كورونا (كوفيد 19)، والذي أسَّسه المجلس بالتعاون مع مختلف المؤسسات الأكاديمية والحكومية للتعامل مع الجائحة، بنصيب وافر من الاهتمام والنقاش تكلل بالموافقة على تمويل 28 مشروعًا بحثيًّا بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 280 ألف ريال عماني.
ومن المؤمل الانتهاء من إنجاز المشاريع البحثية بين ثلاثة إلى اثني عشر شهرا، وهذه البحوث هي من الأهمية بمكان وذلك في ظل ما تعانيه السلطنة ودول العالم من آثار اقتصادية واجتماعية جراء جائحة كورونا «كوفيد 19».

الاستراتيجية العُمانية في مجال التعليم

ارتكزت الاستراتيجية العُمانية في مجال التعليم على رؤية ثاقبة للقيادة السياسية إذ أكد السلطان قابوس سلطان عُمان على أهمية العلم والتعلم حتى ولو تحت ظل شجرة، باعتبار تعليم المواطن هو أساس التنمية.

وتمحورت الرؤية العُمانية إلى عدة مستويات منها أن التنمية البشرية تعتبر مفتاح دخول العصر ومتغيراته، وأن الإنفاق على التعليم العام والعالي يعتبر استثماراً في الإنسان ليكون ما يسمى رأس المال البشري، وأن المورد البشري أصبح أكثر أهمية وتأثيراً من المورد المادي في إنجاح جهود التنمية، بل إن المكون البشري أصبح أهم مكونات معادلة التنمية، وبالتالي فإن التعليم يعتبر من العوامل الفاعلة في إحداث التنمية المستدامة والمحافظة عليها بل ودفعها خطوات للأمام.

ومنذ السبعينيات من القرن الماضي وعلى مدار 50 عاماً، تضمنت الخطط الخمسية العُمانية من الأولى وحتى التاسعة اهتماماً خاصاً بالعلم والتعليم، وترجم ذلك ليس فقط في زيادة عدد المدارس والجامعات من الناحية الكمية، وإنما في نوعية المحتوى العلمي، فتم ابتعاث البعثات العلمية إلى الخارج، للاستفادة من التطورات التقنية والتكنولوجية، وحققت السلطنة مراكز دولية متقدمة في مجال الأبحاث والاختراعات العلمية.

وقد تبنت سلطنة عُمان نظام تعليمي قادر على تنمية القدرات الإبداعية للطلاب وتعظيم قدراتهم على التخيل والابتكار والتفكير بعيداً عن عمليات التلقين والحفظ والتكرار، وكذلك انتقال المبادرة من المعلم إلى المتعلم، ومن التعليم إلى التعلم، وبالتالي التركيز على ثقافة الإبداع دون ثقافة الذاكرة.

وتضمنت استراتيجية عُمان التعليمية، تعزيز العلاقة الوظيفية بين التعليم والتدريب في مؤسسات الإنتاج، واكتساب مبدأ التعلم الذاتي من خلال تدريب الطلاب على مهارات البحث العلمي والاستكشاف، لإيجاد مجتمع متعلم يسعى دوماً لتطوير معارفه ومهاراته وطاقاته، في ضوء المتغيرات السريعة المتلاحقة في الحياة وسوق العمل وتوفير أفضل ما وصل إليه العصر من التكنولوجيا، ومساعدة الطلاب على تنمية القدرات العالية والمتميزة، وتوثيق العلاقة بين الجامعات ومؤسسات الإنتاج، لتوفير فرص التدريب للطلاب في بيئات العمل.

وقد نجحت عُمان كذلك في إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية الشاملة بصفة عامة وفي مجال التعليم بصفة خاصة، من خلال مبادرات الشراكة المجتمعية في عملية البناء المستمر، وبذلك أسهم القطاع الخاص في تحمل أعباء التعليم أو جانب منها وركزت الجامعات ومؤسسات ومراكز البحث العلمي على إجراء البحوث التطبيقية العملية بما يلبي حاجات المؤسسات الإنتاجية، ووضعت استراتيجية شاملة طويلة المدى للبحوث التطبيقية وتطوير البرامج والمناهج، واستحداث البرامج التي تتطلبها التنمية وتغير آليات سوق العمل.

كما أنشأت سلطنة عُمان هيئة وطنية لضمان الجودة التعليمية للتحقق من الجودة الشاملة والبرامج التي تطرحها الجامعة بغية تطويرها وجعلها أكثر مواءمة مع احتياجات التنمية المستدامة.

لذلك، الأمل كبير، والطموح عالٍ نحو مواصلة مسيرة البحث العلمي في السلطنة شق طريقها المرسوم وتحقيق الأهداف المرادة، وتنشيط الحراك العلمي والبحثي، وتشجيع الكوادر العمانية على ارتياد هذا المحيط الواسع، والأمل كبير أيضًا في رفع سقف التمويل والدعم لتوسيع النشاط واستغلال الطاقات والقدرات والأفكار الإبداعية، ووضع السلطنة في مصاف الدول المعتمدة على البحث العلمي وذات براءات الاختراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى