مقالات

“سوف أحيا” رسالة الإعلام الهادف

كتب دكتور/ عبدالعزيز آدم
أخصائي علم النفس السلوكي

في ظل هذا الصخب الموجع الناتج عن أبواق الكثير من وسائل الاعلام والمديا المختلفة والتي تعدت وسائل الإعلام المتعارف عليها سلفا، إلي الإعلام الرقمي كوسائل التواصل الإجتماعي والعديد من الصفحات والصحف الرقمية التي تفتقر إلى الحد الأدني من المهنية والمصداقية. وبعد أن أنعدمت الرقابة علي جل وسائل الإتجار الإعلامي، أصبحنا نعاني من ندرة في وجود إعلام هادف ايحمل قضية تتسم بالمصداقية والإخلاص، ذلك الإعلام الذي ربما افتقدناه عن غير عمد وسقط منا سهوا في خضم هذا الصخب الذي يصل أحيانا إلى حد العشوائية في بعض وسائل الإعلام التي هدفها الفائدة المادية في المقام الأول غير عابئة بتوصيل رسالة حقيقية صادقة إلى المشاهد أو المستمع أو القارئ…

ولكن فى خضم كل هذا الصخب الذي نضب فيه معين الإعلام الهادف، لازالت هناك أسس ومبادئ راسخة في بعض وسائل الاعلام المصري، أحدها أو قل خير مثال لها أحد البرامج التي يتم بثها عبر اثير إذاعة البرنامج العام, برنامج “سوف أحيا” الذي تقدمة الإذاعية القديرة “ميسون فكري” كل يوم جمعة ٢:١٥م.
هذا الصوت الإعلامي النابض وما يحمله من رسالة حقيقية هادفة ذات مغزي واضح وقيمة ملموسة تتناول فئة من مجتمعنا تم أهملها في خضم كل تلك المعضلات والتحديات المجتمعية والاقتصادية، “فئة ذوي الاحتياجات الخاصة”. تلك الفئة المحترمة المحرومة أو المهمشة في مجتمعنا رغم أن لدينا ذلك اليقين الراسخ بأن لهم نفس الحقوق في العيش والإندماج بشكل صحي منتج في مجتمعنا.
لقد وصل العدد الإجمالي لذوي الإحتياجات الخاصة على مستوي العالم إلى حوالي مليار شخص وهو ما يعادل ١٥% من إجمالي عدد سكان البسيطة- طبقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية- وفِي مصر وحدها يوجد حوالي ١٥ مليون مواطن من متحدي الإعاقة على مختلف درجاتها من إعاقة عقلية وبصرية وسمعية وجسدية. ولَك أن تتخيل قسوة المردود السلبي إذا لم يتم الإهتمام بشكل فعال وإيجابي بهذه الفئة المحترمة من كل مؤسسات الدولة لاسيما المؤسسات الإعلامية، وذلك عبر البحث بإخلاص وجهد جهيد لتوصيل صوتهم ورسالتهم إلى المتجمع بأكمله للمساهمة في الوصول أو استقطاب وسائل ناجعة لدمجهم إيجابيا في شتى المجالات الممكنة التي تحولهم إلى عنصر منتج وجزء أصيل في كيان الوطن، ووسيلة من وسائل الرقي ومثال للتحدي والنجاح برغم كل المعضلات والمعوقات.
لقد تناولت العديد من وسائل الإعلام المرئي ووسائل المديا متحدي الإعاقة كدرب من دروب الفاكهة في الكثير من الأعمال الفنية أو المنشورات، هذا التناول على كل ما فيه ما فيه من تسلية للمشاهد وجرح لمشاعر متحدي الإعاقة، لم يكن أبدا الوسيلة الصحية والراقية لتناول معاناة واحتياجات هذه الفئة التى هي ليست عالة أبدا على المجتمع وإنما هي مثال يحتذي في التحدي والنجاح, فقط إذا اتيحت لهم الإمكانات والإهتمام المناسبين.
إن العالم من حولنا يفكر ويعمل بشكل دؤوب ليعمل على تيسير حياة متحدي الإعاقة علي شتي صورها بإستحداث تطبيقات ذكية ووسائل تكنولوجية وأدوات وإمكانات تتناسب مع احتياجاتهم، وبذلك يتم تسهيل حياتهم وتيسير وصول المادة العلمية لهم، و توفير سبل فعالة لدمجهم في المجتمع كعنصر فعال ومنتج دون إهمالهم وإقصائهم.
ومن أبسط الحقوق علينا – إن لم تكن لدينا القدرة الكافية على تصميم وإنتاج تلك الوسائل التكنولوجية الخاصة بمتحدي الإعاقة- فعلى أقل تقدير، علينا أن نتابع ذلك التطور وتلك التطبيقات بشغف لنستقطبها ونجعلها متاحة لذوي الإحتياجات الخاصة نفعا لمجتمعنا و لهم على حد سواء. إذا نظرنا بعين واعية منصفة وباخلاص إلى معاناة متحدي الإعاقة ووضعنا قضيتهم نصب أعيننا وفي السياق الصحيح، وعرف المجتمع والأسرة والأفراد دورهم فى شحذ هذه الهمم المهمشة ووضعها في الطريق السوي، سيكون ذلك هو بداية الطريق لوطن أفضل وغد يحمل الكثر من الأمل والعدالة لكل أبناء الوطن ولاسيما تلك الفئة المحترمة التى عانت وتعاني من الكثير من التجاهل عن جهل أو عن سوء تقدير.

“سوف أحيا”، تلك العبارة التى تلمس شغاف القلب وكأنها صرخة في تحدي وثقة من كل متحد للإعاقة معلنا أن له الحق في الحياة، الحياة بكل أشكالها ونجاحاتها وتحدياتها.
“سوف أحيا”، ذلك الصوت الإعلامى الذي أشعرني أن للإعلام رسالة لازالت تنبض بالحياة وأن تلك الرسالة هي الهدف الأسمى للأخذ بيد وطننا إلى غد افضل.

“سوف أحيا”

د. عبدالعزيز آدم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى