تقارير و تحقيقات

صور.. «عكاز» و«عمامة أزهرية».. قصة الكفيف الذي يصطحبه جده إلي الجامعة

منار شديد

يرتدي جلبابه الأزهري.. وعمة حمراء خاطفة لعيون الناظرين من وقار هيبتها.. ممسكًا بيد رجل مُسن يتكئ علي عصا.. ملامح الشيب والألم تخلط وجهه الذي انهكه التعب منذ زمن بعيد..

هما يسيران مهلًا علي خطوات بطيئة.. ويديهم متشابكة لمسافة طويلة من بيتهما الكائن بمنطقة العمرانية الغربية بالجيزة إلي مقر كلية «أصول الدين» بالحسين في القاهره الذي يدرس فيها الشاب الكفيف.

الطالب الأزهري الكفيف
الطالب الأزهري الكفيف

وسط إندهاش أبناء المنطقة الذين اعتادوا علي رؤية ذلك المشهد الجميل كل صباح .. مشهدًا يجسد معني السند والأمان بين الجد والحفيد.. هنا يستحق هذا المشهد حقًا التحية والتشجيع «صباح الخير ياشيخ ياسر.. ربنا يوفقك يا مولانا».

لم يترك الجد حفيده إلا علي مقعده داخل قاعة المحاضرة.. ويجلس في انتظاره ساعات خارجها ليصطحبه إلي المنزل مرة أخري.

«اليوم» زارت منزل الحاج «أحمد محمد أبومسعد ٨٠ عامًا» حفيد ياسر عادل٢٣  عامًا، الطالب بالفرقة الرابعة بقسم الحديث بكلية أصول الدين لتعرف علي وقائع قصتهم الإنسانية، بعدما تداول العديد من الرواد صوره تجمعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

«الجد الحنون» قال إنه يرعي الطفل من الصغر، بعدما انفصلت والدته وتركه والده وهو لم يكمل شهره الرابع فقام برعايته في جميع مراحل تعليمه حتي دخوله الجامعة «كنت بوصله وهو صغير للحضانة.. ولما كبر بوصله للجامعة عشان ياخد شهاده ويدعيلنا لما نموت».

وتابع «الجد» قائلا: منذ التحاق الحفيد بالروضة حتي الجامعة وهو أعتاد علي توصيله يومًيا لمقر دراسته، وتقديم له الرعاية الكامله في جميع أموره الحياتية بسبب فقدانه البصر، وليس استكمال دراسته فقط .

يقطع الحفيد حديث الجد قائلا: «جدي هو سندي والأمان ليا.. وصاحب الفضل عليا بعد ربنا إني أتعلم واخد شهادة حلوه وأكون أمام وخطيب».

الطالب الأزهري الكفيف
الطالب الأزهري الكفيف

واستكمل الشاب العشريني حديثه، مؤكدا أن الجد لم يتول رعايته فقط في جميع أموره الحياتية من مأكل ومشرب، بل يشاركه في تعليم الخطابة، وتحفيظه القرآن الكريم، ويصطحبه إلي جلسات تحفيظ وتلاوة القرآن في المسجد حتي أصبح منذ صغر سنه مقرئا، ومؤذنا في إحدي مساجد المنطقة التي يعيشون فيها.

وأضاف الطالب الأزهري مع مرور السنوات ومرض الجد أصبح المشوار صعب، وغير قادر على مواصلة تلك الرحلة، واقتصر دوره معه حاليًا على إيصاله إلى الجامعة فقط، معربًا عن حبه الشديد له وشكره وامتنانه لما قدمه إليه من رعاية، ومساعدات فى حياته «ربنا يقدرني وارد جميلة معايا بزيارة سيدنا النبي»

وفي آخر حديثه قال الشاب العشريني إنه يتمنى أن يحصل علي وسيلة مواصلات تريح جده مشقة إيصاله يوميًا إلي الكلية.

قائلًا: «نفسى فى عربية توصلنى الجامعة علشان أقدر أكمل تعليمى.. وهاحاسب السواق على المشوار كل يوم».

الطالب الأزهري الكفيف
الطالب الأزهري الكفيف

واستكمل الشاب: «جدي يعاني من الحركة بسبب مرضه والمسافة طويلة من منزله إلي الجامعة.. عايز مُرافق يساعدني في حفظ الدروس ومساعدتي في الأمتحان».

ويلتقط الجد طرف الحديث مره أخري، مؤكدا أنه كرس حياته كلها من أجل تعليم ياسر قائلا «مبقتش قادر علي مواصلة المشوار كل يوم بسبب تقدم السن.. واتمني أن يتوفر له مرافق يساعده ويوصلة يومياً حتي الإنتهاء من دراسته»، معقباً ذلك

واختتم:«مالوش حد في الدنيا غيري.. ونفسي أطمن عليه»، متمنا تلبية طلبه حتى ينال دعوات هذا خفيده بعد وفاته ..

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى