مقالات

عبدالرحيم أبوالمكارم حماد: سوريا وطن ملطخ بالدماء ومثقل بالهموم والأحزان

بقلم : عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومحلل سياسي مصري

سنوات من الألم والدماء والفوضى والمصير المجهول مرت، على انطلاق الثورة في سوريا، يوم خرج الآلاف مطالبين بالحرية وحياة كريمة، إلا أنها سرعان ما غرقت بدمائها، ومآسيها، مع مقتل ونزوح الآلاف.

دفع السوريون ثمن انتفاضتهم بالدم والنار، وما زالوا ينتظرون عدلاً لم يأتهم بعد.

آلاف القتلى والجرحى وآلاف من المعتقلين ونازحون بالملايين، بدأت قصتهم في السادس من مارس2011، حين اعتقلت قوات النظام فتيانا بسبب كتابة شعارات مناهضة لرئيس النظام بشار الأسد على بعض الجدران في محافظة “درعا” جنوب سوريا، ما دفع العشرات إلى الخروج في مظاهرات للمطالبة بـ”الحرية” ورحيل الأسد الذي تمسك عائلته بحكم البلاد منذ سنوات طويلة.

لم تكد تمر أسابيع قليلة على انطلاقة الأحداث في مارس/آذار 2011، حتى بدأت قوات النظام حملة اعتقالات موسعة طالت عشرات الآلاف لا يزال مصير أعداد كبيرة منهم مجهولا حتى اللحظة، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان على مدار السنوات التسع، 16163 مدنيا سوريا في سجون ومعتقلات النظام التي باتت أشبه بـ”أقبية موت”.

إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية جزئية عن “أحلك أعوام” النزاع السوري بالنسبة للمدنيين، لأنه لم يعرف كيف يدير الكارثة البشرية التي تتفاقم كلفتها. يتحمل أيضا عدم قدرة على تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي الهادفة إلى حماية المدنيين الذين دمرت حياتهم الحرب التي تجتاح سوريا منذ سنوات
فإن القرارات والآمال التي حملتها ذهبت أدراج الرياح بالنسبة للمدنيين السوريين، فقد تم تجاهلها أو تخريبها من قبل أطراف النزاع ودول أخرى أعضاء في الأمم المتحدة، وحتى من أعضاء في مجلس الأمن الدولي”.

المجتمع الدولي لم ينهي المعاناة والخوف الذي يعيشه المواطنون السوريون كل يوم، حيث تتعرض دولتهم وحياتهم وأسرهم للهلاك و للدمار من حولهم”.

أن الصراع السوري القاتم والمروع ، هو النزاع الذي قضى على حياة أكثر من الآلاف من الأشخاص، ونزوح أكثر من ثلث السكان، وترك ما يقرب من النصف في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية”.

أن “سوريا تدخل عصور الظلام حرفيا ومجازيا”، كلما ازداد الوضع في سوريا سوءا وخطرا يظهر المجتمع الدولي أقل قدرة على بدء عملية هادفة لإنهائه الصراع”.

شهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011 تسبب بمقتل أكثر من 387 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

أول أمس السبت أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد عن مقتل 12 شخصا بينهم سبعة مدنيين وإصابة نحو ثلاثين شخصا في تفجيرين منفصلين بسيارتين مفخختين، أحدهما في مدينة أعزاز وآخر قرب مدينة الباب الواقعتين تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها شمال سوريا.

وأفاد المرصد في حصيلة جديدة مساء الأحد بمقتل سبعة مدنيين بينهم امرأتان وطفلان في تفجير سيارة مفخخة قرب المركز الثقافي في مدينة أعزاز ما أسفر أيضاً عن إصابة نحو 30 آخرين.
وفي وقت لاحق، استهدف تفجير سيارة مفخخة حاجزا لمقاتلين سوريين موالين لتركيا قرب مدينة الباب ما أدى إلى مقتل خمسة منهم على الأقل.

وسيطرت تركيا والفصائل السورية الموالية لها إثر هجوم واسع شنته في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد المقاتلين الأكراد، على منطقة حدودية واسعة بطول نحو 120 كيلومتراً بين مدينتي تل أبيض (شمال الرقة) ورأس العين (شمال الحسكة).

وتشهد مناطق شمال سوريا التي تسيطر عليها تركيا وفصائل سوريا موالية لها تفجيرات بسيارات ودراجات مفخخة، ونادراً ما تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.

وغالباً ما تتهم أنقرة المقاتلين الأكراد الذين تصنّفهم “إرهابيين” بالوقوف خلفها.

أن الصمت الدولي والعجز مؤشران لتصاعد أعمال العنف أكثر من المستويات التي وصلت إليها.
ووفق المصادر الحقوقية فقد وصلت أعداد النازحين جراء الحرب المتصاعدة إلى أكثر من مليون ونصف مليون نازح منذ توقيع اتفاق سوتشي في روسيا عام 2018 النازحون في الشمال السوري يفترشون الحقول والحدود والمناطق الجبلية ومنهم من اتخذ من المحال التجارية مساكن لهم وآخرون استوطنوا في السجون وتحولت ساحات تلك السجون إلى باحات لعب للأطفال الذين باتوا خارج المدارس التعليمية وغياب تام للاستقرار وكذلك المستقبل.


في حين وثق فريق منسقو استجابة سوريا مقتل 1992 شخصًا بينهم 549 طفلًا خلال الفترة ذاتها.

فمنذ منتصف ديسمبر الماضي صعدت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية المدعومة بغطاء جوي روسي عملياتها في إدلب لتسيطر على عشرات القرى والبلدات كان آخرها معرة النعمان وسراقب أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين وتهجير قرابة مليون جزء كبير منهم نزح مرتين أو ثلاث مرات خلال وقت قصير.


في حين طالب الفريق بضرورة فتح تحقيق دولي كامل حول الجرائم التي ارتكبت من قبل قوات النظام السوري وروسيا وإيران من قتل للمدنيين وعمليات التغيير الديموغرافي وقصف واستهداف الطرقات الرئيسية العامة بشكل متواصل الأمر
الذي يعرض حياة مليون و200 ألف مدني سوري إلى النزوح نحو مدينة إدلب ومحيطها إضافة إلى قيام القوات المهاجمة على منطقة خفض التصعيد في الشمال السوري بتدمير ما يزيد عن 120 منشأة خدمية خلال الأشهر القليلة من العام الحالي.


ووجهت المنظمات الدولية في بيان مشترك نداء عاجلاً لوقف فوري لإطلاق النار مع استمرار تصاعد الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا وحذرت من أن مئات الآلاف من الناس غالبيتهم من النساء والأطفال الذين يفرون من أعمال عنف لا هوادة فيها عالقون في كارثة إنسانية.

كان للبحر نصيب أيضا بدماء السوريين، فصورة جثة الطفل الكردي إيلان وهي ملقاة على رمال أحد السواحل التركية، هزت العالم بما تعكسه من حجم المعاناة التي يكابدها طالبو اللجوء خلال رحلاتهم إلى أوروبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى