تقارير و تحقيقات

لماذا فشلت القبة الحديدية في حماية إسرائيل من «طوفان الأقصى»

أموال طائلة تنفق على نظام الدفاع.. و«حماس» تكلف إسرائيل آلاف الدولارات

تقرير- أحمد سالم:

منذ الإعلان عن العملية العسكرية الأخيرة “طوفان الأقصى”، بات من اللافت أن “بعبع” القبة الحديدية ليس إلا وهمًا وسرابًا لا يسمن ولا يغني من جوع، لاسيما بعد الفشل الواضح في التصدي لرشقات الصواريخ التي أمطرت بها حركات المقاومة لسماء المستوطنات ذات التماس مع حدود غزة.

العالم لم يتحدث فقط عن قصور في ارتكاز قوات الاحتلال وأخطاء فادحة في صفوف الجيش، بل طالت الانتقادات نظام دفاع الجو الإسرائيلي الذي لا طالما احتفت به إسرائيل، وبات عاجزًا هذه المرة أمام هجمات المقاومة الفلسطينية.. فما هي القبة الحديدية ولماذا أظهرت الفشل في صد كل الصواريخ التي نالت من الإسرائيليين؟

القبة الحديدية: نظام مطوّر

القبة الحديدية ذات القواعد المتحركة عبارة عن نظام دفاع إسرائيلي جوي بالصواريخ عملت إسرائيل على إدخاله الخدمة الفعلية في عام 2010، لصد الصواريخ قصيرة المدى، والقذائف المدفعية من عيار 155 ملم التي يصل مداها إلى 70 كم.

شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، بدأت في تطوير نظام الدفاع عام 2007، بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي بتكلفة بلغت 210 ملايين دولار.

المنظومة تحتوي على جهاز رادار لكشف أي أجسام قادمة نحوه بالتعاون مع نظام التعقب الذي يعمل على بطارية مكونة من 20 صاروخًا اعتراضيّا، كل منها مجهز برأس حربي يحتوي على 11 كيلو جرامًا من المواد شديدة الانفجار، بينما يتراوح مدى الصاروخ بين 4 و70 كلم، ويتمكن من اعتراض وتفجير أي هدف في الهواء.

كيف تعمل؟

منظومة الرادار التي تعد العمود الفقري بالنسبة للقبة الحديدة، تتعرف على الصاروخ أو القذيفة المدفعية وتبدأ بملاحقة مسارها، ومن ثم نقل المعلومات إلى وحدة إدارة المعركة لتحليل مسار الهدف، وتحديد التفاصيل المتعلقة بموعد ومكان سقوطه المفترض.

رد فعل القبة الحديدية يختلف بحسب هدف الصاروخ القادم إليها، فإذا تبيّن أن الهدف يشكّل خطرا على الأجواء يُعطى الأمر خلال ثوانٍ للصاروخ باعتراض الهدف في الجو، بحيث يتم تفجير الرأس الحربي لتدمير الهدف في الجو دون الارتطام به مباشرة.

نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي يحتوي على نقاط ضعف تجعله لا يتمكن من صد كل الصواريخ والقذائف، فلم يتمكن النظام من التصدي لمقذوفات صاروخية يقل مداها عن أربعة كيلومترات.

لماذا فشل النظام في صد الرشقات؟

القبة الحديدية فشلت في التصدي لمئات الصواريخ التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة نحو أهداف إسرائيلية منذ صباح السبت السابع من أكتوبر.

ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، فنظام الدفاع الجوي دمر أقل من نصف الصواريخ وقذائف الهاون التي أطلقتها حماس والجهاد الإسلامي.

وكشف سلاح الجو الإسرائيلي، أن المقاومة الفلسطينية أطلقت في الساعات الأولى من عملية طوفان الأقصى، حوالي 3100 صاروخ، في حين فشل حوالي 450 صاروخاً منها في اختراق أجواء إسرائيل.

وفي الواقع فإن القبة الحديدية حينما تتعامل مع وابل الصواريخ المكثف، فإنها تقرر أيها يُشكل التهديد الأكبر للمناطق الحضرية والبنية التحتية، وتعمل على اعتراضه في الحال متجاهلة القذائف التي يُتوقع أن تضرب مناطق غير مأهولة بالسكان.

وبمفهوم آخر فإنها تعمل على انتقاء هذه الصواريخ لتقليل الأضرار قد الإمكان، وإنقاذ المناطق المأهولة بالسكان من أي قذائف يمكن أن تقع عليها، ومع ذلك لم تستطع القبة الحديدة في صد كل الصواريخ.

بحسب “سكاي نيوز عربية”، فإن الصواريخ التي أطلقت تجاه تل أبيب خلال الـ24 ساعة الأولى من الهجوم بلغت حوالي 5000، بمعدل يتراوح من 100 إلى 150 صاروخا، ما تسبب في حالة من “التشبّع” كما يطلق عليها في المصطلحات العسكرية، وتعني أن قدرة الاعتراض الخاصة بالمنظومة لم تستوعب كل الصواريخ القادمة.

لذا لم تنجح القبة الحديدية في اعتراض هذا الكم من صواريخ المقاومة الفلسطينية، وفشلت في اعتراض جزء كبير منها كان هو الأهم لأنه يُطلق على ارتفاعات منخفضة، في حين يتم إطلاق الصواريخ الدقيقة على أبعاد مرتفعة، ومن ثم تنشغل القبة الحديدية بالطبقة الأقل انخفاضا لأنها تمثل أكثر خطورة، وتترك الكثير من الصواريخ الأمر تخترق الأجواء الإسرائيلية.

صد الصواريخ.. خسائر فادحة

عملية صد الصاروخ الواحد القادم من قطاع غزة لم يكن بالأمر الهين ماديًا كما يعتقد الكثيرون، ففي كل صاروخ تطلق حماس أو أي من قوات المقاومة وتعمل القبة الحديدية على اعتراضه، يكلف نحو 40 ألف دولار إلى 50 ألف دولار، بحسب تقرير لوكالة بلومبرج.

المبالغ الطائلة لا تكمن فقط في اعتراض الصواريخ بل أيضًا في عملية التطوير التي مر نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، إذ تم تطوير القبة الحديدية في الأصل بجهود إسرائيلية خالصة، لكن في عام 2011 بدأت المساعدات تتدفق من الولايات المتحدة لدعم برنامج الدفاع ماليا.

واليوم تعمل إسرائيل على تصنيع بعض بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ في الولايات المتحدة الأمريكية كنوع من الدعم الأميركي للنظام، وهو ما يعد جزءًا من مجموعة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، سيبلغ إجماليها 38 مليار دولار في 2028، وفقًا لاتفاق بين البلدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى