مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب: “صرخة” على فراش المرض

وأنت تقرأ المادة 18 من دستورك وهي تنص علي: أن لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية المتكاملة، وأن القانون يجرم الامتناع عن تقديم العلاج لكل إنسان في حالات الطوارئ، ستعتقد حتما أن حياتك في مأمن تام.. ستنفجر بداخلك ثورة من الأمل تصور لك أن غرف المستشفسات جاهزة الآن لفتح أبوابها أمامك حال تعرض صحتك لمكروه أو خطر لا قدر الله.
سيدور في ذهنك وأنت تقرأ هذا النص الدستوري، أنك ستخوض رحلة سياحية علاجية ممتعة بين غرف التحاليل ووحدات الأشعة للاطمئنان علي نفسك ومصيرك.. ستعتقد أن فقرك ليس عيبا أو عائقا لأن تتلقي علاجك بالشكل المطلوب، أو تجري جراحاتك دون عناء.. سوف لا يشغلك – إن لا قدر الله مرضت – ما كنت تسمعه من حكايات عن تجار الدماء داخل مستشفيات القطاع الخاص، لكن عندما تصطدم بالواقع ستجد أن الكلام قد اختلف.
رحلة شاقة -وإن شئت فقل مميتة- ستخوضها حتما، إن قررت الخوض في إجراءات استخراج قرار العلاج علي نفقة الدولة، “ورقة” تحمل الموافقة علي علاجك ستجعلك تكره الحياة، وتكره نفسك، وتكره من حولك، وتتمني الموت من شدة اليأس، إجراءات معقدة، ومواعيد طويلة المدي، وطوابير انتظار لا حصر لها، هذا ما كشفته “رسالة شاب” من إسكندرية يطلب فيها إنقاذ والده طريح الفراش الذي يحتاج لقسطرة ودعامة في القلب بشكل عاجل ..
صرخة علي فراش المرض نقلها الابن في رسالة قصيرة، كشفت عن حجم المعاناة التي يعيشها المريض خلال رحلته في البحث عن علاجه علي نفقة الدولة.. يقول في رسالته: “أجري والدي عملية تركيب قسطرة ودعامة في القلب منذ 3 شهور بمستشفي إسكندرية الجامعي.. بعد خروجه من غرفة العمليات أبلغني الطبيب المعالج بضرورة استخراج قرار جديد علي نفقة الدولة، لتركيب دعامتين أخريين بالقلب في أسرع وقت، ومن وقتها وعلي مدار ثلاث شهور أتردد، ما بين المستشفي والقومسيون الطبي لإنهاء الموافقات.. لكنني لم أوفق”.
 علمت من الرسالة أن الشاب فشل بعد رحله شاقة جدا في الحصول علي الموافقات المطلوبة، والسبب في ذلك – ووفقا لما أكده له موظفي القومسيون-  أن والده المريض سبق وأن استفاد من قرار علاج علي نفقة الدولة، ولابد أن تمر  ٦ أشهر للاستفادة من قرار جديد.. كيف ذلك وحالته خطيرة؟.. وهل هذا نص عليه الدستور أم هي من مستحدثات وزارة الصحة؟.. وهل دخول مريض الحالات الحرجة المستشفي أو لغرف العمليات قبل موعد انتهاء الموافقات المطلوبة فيه إهدار للمال العام أو اختراق للقانون؟.
إن إعادة النظر في منظومة حصول المواطن علي قرار علاج علي نفقة الدولة أمرا لا غني عنه، بعدما أصبحت الإجراءات معقدة، وتمثل خطرا علي غير القادرين من أصحاب الأمراض الخطيرة والطارئة.
لقد باتت عملية الانتهاء من تطبيق نظام “التأمين الصحي الشامل” الذي وجه به الرئيس السيسي في كل المحافظات حلما يراود الجميع، خاصة وأن الدولة بدأت بالفعل تطبيقه بخمس محافظات، الأقصر وأسوان وبورسعيد والإسماعيلية وجنوب سيناء.
إن انتهاء تطبيق النظام الجديد في مصر سيضمن العلاج لكل المصريين، ويقدم بشكل منظم ومطور خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، والتي تتكفل فيه الدولة بغيرالقادرين.. كما أن الوضع الحالي يحتاج لقرارات وإجراءات استثنائية بالمحافظات التي لم يدخلها بعد النظام الجديد، تضمن إجراء العلاج اللازم لأي مريض دون انتظار الموافقات المطلوبة حفاظا علي حياته، واحتراما للدستور .
بات من الضروري العمل الجماعي لتنفيذ تكليفات الرئيس وإنجاز مهمة تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل علي باقي محافظات مصر في أسرع وقت ممكن، في ظل الظروف الصحية الاستثنائية التي يمر بها العالم بسبب جائحة كورنا.
بات من الضروري احترام الأولويات في المرض، وعدم تعقيد الأمور أمام مرضي الحالات الحرجة، وتخصيص موظف بكل مستشفي مسئول عن إنهاء إجراءات العلاج بالتزامن مع التعامل السريع مع الحالات المرضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى