أخبارتقارير و تحقيقات

بعد استنباط صنف قمح مقاوم للجفاف وعالي الإنتاج الدكتور سعيد سليمان يكشف لـ “الــيوم” رحلة بحثه.. مصر يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.. واجهت عقبات من وزارة الزراعة لتسجيل (عرابي)

أجرى الحوار: مصطفى كمال

كشف الدكتور سعيد سليمان، أستاذ علم الوراثة والتربية بالطفرات بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، أن سبب أزمة القمح الحالية على مدار عقود طويلة هي السياسة الخاطئة من جانب القائمين على هذا الملف، وهناك وزراء حاولوا النهوض بمحصول القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولكن تم إقصائهم بسبب تضارب المصالح.

وأضاف سليمان، أن مصر تستطيع أن تحقق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ولكن إذا كانت هناك رؤية جادة وقوية ويتم تنفيذها خاصة مع تقدم العلم واستنباط أصناف جديدة من القمح.

وأوضح أنه قام باستنباط أصناف جديدة من القمح مقاومة للجفاف والملوحة ومبكرة النضج وعالية الإنتاجية، أطلقت عليها اسم عرابي، تزرع على المطر خاصة وأن مصر لديها مساحات شاسعة في الساحل الشمالي والشمالي الشرقي لا تحتاج الا نثر التقاوي وبعد 125 يوم يتم حصادها.. وإلى نص الحوار:

بداية.. ما هي أسباب أزمة القمح على مدار عقود طويلة؟

نحن في مصر نعتمد بشكل رئيس على رغيف الخبز، وأصبح توفيره ضرورة وأمن قومي، وكانت الدولة قد عملت على توفيره قبل الانفتاح عام 1973 وبعد مقولة الرئيس أنور السادات، أن مصر خارج حزام القمح أصبحت الدولة تهمل جمع القمح من المزارعين وبالتالي انخفض سعره وأحجم الفلاحين عن زراعته، وساهم في الأزمة وزير الزراعة الأسبق يوسف والى، عندما اتجه لزراعة الفراولة والكانتلوب وغيرها من المحاصيل لتصديرها، ثم يتم استيراد القمح وتلك سياسة خاطئة والأيام الحالية تثبت ذلك فبعد أن كانت مصر سلة غلال العالم خلال الإمبراطورية الرومانية وخزائن الأرض في زمن سيدنا يوسف، “اجعلني على خزائن الأرض” والمقصود القمح.

كيف تنهض مصر بزراعة القمح مرة أخرى والوصول للاكتفاء الذاتي منه؟

بدأت مصر في التفكير بالنهوض بزراعة القمح أيام وزير الزراعة الأسبق أحمد الليثي في عهد الرئيس الراحل مبارك، ووجه بضرورة زراعة القمح بدلاً من استيراده واشترى القمح من المزارعين وبدأ الفلاحين يشعروا بقيمة زراعته وزاردت المساحات المنزرعة، وبعد سنتين تمت إقالته؛ بسبب وجود من يستفيد من استيراد القمح ويريد أن تستمر الدولة في الاعتماد على الدول الخارجية في غذائها، والأزمة الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا وقبلها فيروس كورونا وارتفاع أسعار القمح العالمية جعلت الدولة تفكر في زراعة القمح مرة أخرى ولولا المشاريع التي نفذت لزيادة الإنتاج لأصبحنا في مشكلة كبيرة لكننا بحاجة لأصناف مقاومة للجفاف وبحاجة لمضاعفة الانتاج.

كيف يمكن لمصر أن تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح؟

مصر تستطيع تحقيق الاكتفاء ذاتياً من القمح، لكن تحتاج لرؤية ويتم تنفيذها ويجب استغلال العلماء والباحثين، فنستطيع أن نزرع أصناف من القمح مقاومة للجفاف والملوحة ومبكرة النضج على المطر فقط، ومصر بها مساحات شاسعة فى الساحل الشمالى والساحل الشمالى الشرقى، نستطيع أن نزرعها قمح على المطر فيوجد ما يقرب من 2 مليون فدان، لكن للأسف المسؤلين متعجبين من أن يوجد صنف يصلح هناك، وأقول التجارب خير دليل والتربية بالطفرات برنامج عالمى للأسف لا يعمل به الكثير فى مصر، ويعملون على تهجين المحاصيل.

هل هناك تجارب لدول كانت تستورد القمح من الخارج وحققت اكتفاءً ذاتياً؟

العالم المتقدم يعمل على توفير الأقماح لشعبه، مثل الهند وفرنسا وبريطانيا، وألمانيا كانت فى الستينات من القرن الماضي تستورد القمح من كندا وأمريكا، وفي السبعينات اكتفوا ذاتياً من القمح، رغم أن البيئة الخاصة بهم قاسية جداً على محصول القمح، لكنهم استخدموا “الباى تكنولوجي” فى إنتاج أصناف مقاومة للجفاف وزرعت مساحات ضخمة جداً وحققوا الاكتفاء الذاتى من القمح وأصبحت دول مثل فرنسا من كبار الدول المصدرة للقمح.

دور العلماء والمراكز البحثية والجامعات فى استنباط أصناف جديدة؟

علماء مصر ومراكزها البحثية قادرين على إعادة الزراعة لمجدها ويتوقف حل أزمة القمح على البحث العلمى، باستنباط أصناف جديدة مقاومة للجفاف، مقاومة للملوحة، مقاومة للأصداء، وهذا ما يتم العمل عليه وبدأت فيه منذ عام 2011 ووضعت تصور للنهوض بزراعة المحاصيل الاستراتيجية فى سبع نقاط، أهمها استنباط أصناف مقاومة للجفاف والملوحة فى محاصيل القمح والأرز وتحقق ذلك فى القمح وقصب السكر والأرز، مع أنه شره فى استهلاك المياه والعالم كله يسير فى هذا الاتجاه، ما عدا مصر، مع أننا أول من بدأنا في هذا المشروع منذ عام 1988 ولكنه توقف.

ماذا عن تجربتك وعملك فى استنباط أصناف جديدة؟

بدأت استنباط أصناف جديدة من القمح منذ عام 2011، وبدأت بأصناف مقاومة للجفاف والملوحة وعالية الإنتاجية ومبكرة النضج وفي عام 2013 أُنتجت طفرة عمرها 125 أطلقت عليها عرابى 52 وطفرة تانية عرابى 56 وطفرة ثالثة عرابى 73 وطفره رابعة 81/18 عام 2018 تمت زراعتها فى برج العرب على المطر وأنتجت 10 أردب للفدان العام الماضي 2022 تم زراعتها على المطر فى الشيخ زويد انتجت من 7 لـ 10 أردب للفدان.

كيف يتم تسجيل الأصناف والحصول على براءة الاختراع والاعتراف بها من الجهات المعنية؟

حصلت على شهادة حماية صنف نباتى وهي “براءة اختراع” بمعنى اختبار لأصناف لمدة سنتين من مكتب حماية الأصناف النباتية التابع لوزارة الزراعة، والمشكلة فى التسجيل فى مركز البحوث، فقد واجهتنى عقبات كبيرة لأنهم يريدون أن تكون لجنة التقييم من مركز البحوث وطالبت بلجنة محايدة من خارج المركز، لكن الوزيرالحالى استجاب لنا، ووجه بلجنة محايدة العام الماضى لتقييم أصناف الأرز والنتائج كانت مبهرة لصنف عرابى 3 و 4 بتفوق الضعف، وقدمت طلب الأيام الماضية بلجنة محايدة لتقييم أصناف القمح الجديدة بعد عقبات من عام 2014 ونسير في الإجراءات حاليا مع المدير الفني لمكتب الوزير.

هل هناك مزارعين قاموا بزراعة أصناف القمح المستنبطة؟

الكثير من الفلاحين قاموا بزراعتها ونتائجها مبهرة، ونناشد المزارعين وخاصة مزارعي مرسى مطروح والشيخ زويد، فقد قامو بزراعة أصناف عرابي على المطر المقاومة للجفاف، لأن زراعة المحصول فى تلك المناطق بسبب كثرة الأمطار تصل إنتاجيته لـ 15 أردب قمح، وهناك مزارعين من الواحات البحرية وسهل الطينة بسيناء قاموا بزراعته، لأن الأراضي هناك بها نسبة ملوحة وبحاجة لأصناف مقاومة للملوحة وغيرهم الكثير.

هل هناك فرق بين القمح المحلى والمستورد؟

بدون شك القمح المحلى لا يوجد مثيل له في العالم، فهو أنقى وأجود من القمح المستورد بمراحل، لذلك المطاحن تخلط المستورد بالمحلى لكى تحسن من جودة رغيف الخبز، لأن القمح المصري من أفضل الأقماح على مستوى العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى