مقالات

عماد نصير    يكتب – فكر مع الحكومة ج 3): مبادرة ألف كشك

استوقفني ما رأيته أثناء زيارتي الأخيرة لمدينة 6 أكتوبر، من تطور ملحوظ، وذلك بالرغم من الأمور الكثيرة التي تفتقر إليها المدينة، وتحتاج إلى مزيد من تدقيق النظر، وعلى رأسها قضية الزحام المروري والتوكتوك والمواقف العشوائية، والتي لا تتناسب مع “سمعة” المدينة كوجهة سكنية وتجارية متميزة.

ما يلفت النظر ولو على بساطته هو ما تقوم به الجهات المختصة من إنشاء وتجهيز محلات ومنافذ تجارية واستثمارية  “أسفل بعض الكباري”، لتخلق فرص عمل كثيرة، وتثري المسار الاستثماري في المدينة ولو من شق يبدو أنه أمر بسيط.

في سلسلة المقالات التي نتناولها معك عزيزي القارئ، تحت عنوان “فكر مع الحكومة”، واستلهاماً لتلك الفكرة الرائدة، والتي تم تطبيقها أسفل عدة كباري في مدينة الجيزة، ننادي من خلال هذا المنبر بتعميم الأمر بصفة متلازمة وآنية، فأي من المحاور او الكباري التي يتم إنشاؤها في مختلف المدن المصرية، بالإمكان أن ننشئ تحتها محلات ومنافذ تجارية أو مواقف عمومية بنظام الساعة أو الإيجار الشهري، يشرف عليها جهاز المدن أو إدارة الحي، ويخضع الإيجار فيها لإشراف أجهزة الدولة المختصة، بنظام لا إفراط فيه ولا تفريط في القيمة الإيجارية، بهذا يكون لدينا عدد هائل من المصادر التي تعود بالنفع على خزينة الدولة.

ناتي إلى الفكرة المبتكرة أو الجديد في الأمر، وجميعنا يعلم الطرق التي يحصل بها البعض على تصريح إقامة “أكشاك” كنوع من أنواع المساعدة التي تقدمها الدولة لأشخاص لهم ظروف خاصة لسنا بصدد طرحها، ولا يغيب عنا أنها مصدر جيد لتحقيق دخل معتبر، فما المانع إذا أن يكون ذلك مشروع ذو اتجاهين، أحدهما منفعة أو مصلحة عشرات الآلاف من الشباب، وذلك من خلال إجراء دراسات موسعة لمختلف الشوارع والميادين الحيوية والرئيسية في كل مدينة بلا استثناء، وإنشاء مئات الأكشاك التي تطرح للإيجار السنوي، وتكون جاهزة للفك والتركيب لمنع وجود عائق أمام مخططات التطوير والتنمية مستقبلاً.

هنا نكون قد ضربنا أكثر من عصفور بحجر واحد، فتحقيق موارد للدولة في هذه المرحلة تحديداً، أمر مطلوب وبشدة، غير أن كل مدينة ومركز ووحدة محلية لديها من الأماكن التي تصلح للقيام بهذا المشروع، على جانب آخر ذلك سيفتح مئات الآلاف من البيوت التي هي بحاجة إلى تحسين دخل، في ظل ما تشهده الدولة من ارتفاع في الأسعار.

الأمر الهام والذي يستحق أن يكون له أولوية في الدراسة، هو الحفاظ على المال العام، فمما لا يخفى علينا ما نراه بأم أعيننا في مختلف المدن وتوابعها من تعدٍ صارخٍ على ملكية الدولة وسرقة التيار الكهربي من الكثيرين من أصحاب الاأكشاك و”الفرشات” غير القانونية، أو افتراش الميادين العامة والشوراع الحيوية بكل صنوف تجارة التجزئة، وما يترتب على ذلك من إعاقة حركة المرور أو البلطجة والنشل وما إلى ذلك مما لا يتسع ذكره، وإن نجح الأمر في معالجة هكذا مشاكل فقط فنحن أمام مقترح يستحق على أقل تقدير مزيداً من التأمل والدراسة.

قد يقول البعض “هي الناس ناقصة”، وهذا بدوره مفهوم قاصر وغير واعٍ بالمرة، فالتجهيز سيقع على عاتق المحليات والأجهزة الإدارية للمدن “توجد دراسة للمقترح”، فهي من سيقوم بالإنشاء وتوصيل المرافق، والإيجار سيكون مبلغاً أقل ما يقال عنه رمزياً فلن يتجاوز بضع مئات حسب مساحة الكشك وموقعه، وهنا يكون المنتفع في منأى عن الاتهام بتعطيل المرور أو افتراش الأرصفة أو تشويه المظهر الحضاري للمدينة أو الشارع، ناهيك عن ما يحققه ذلك من تحقيق عائد كبير في مجمله، مقابل إيجار كل كشك.

الحفاظ على شريحة من الأسرة المصرية من أن ينهشها الغلاء أمر هام، وإيجابياته تعود علينا جميعاً، فمن منا يستغني بشكل أو بآخر عن الشارع أو الاحتكاك بمن فيه من الباعة البسطاء، كما أن الحفاظ على “حضارية” شوارعنا أمر بالغ الأهمية،  ونختم بما أسلفنا من تحقيق عوائد أقل ما يقال عنها أنها ستسهم ولو بالقليل في أي شق بمسيرة التنمية وبناء الوطن.

حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء، آملين أن يصل الصوت إلى أذن تعي وتسمع وتقدر أهمية كل لبنة ومكانها في بناء التنمية المنشودة.

                               نلقاكم في قعدة عرب أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى