مقالات

أحمد عبدالرحيم يكتب: الزهايمر… ورحلة اللاعودة

عندما جلس لأحد أصدقاء جده وكان في زيارة له عند مرضه وقبيل وفاته وبدأ محادثته بدا وكأنه لا يعرفه تمادي في حديثه له وكأنه يصرخ في أذن كسول غارق في سباته ‘أتراه يستقيظ. صمت قليلا وأطال النظر له كأخر لقاء له به تمالك نفسه وأنصرف قبل أن تسبقه دموعه. هكذا كانت رواية صديقي بعد زيارته لأحد المقربين من العائلة بعد أن أصابه مرض الزهايمر .

تقول الكاتبه سوزان سونتاغ في كتابها “مجاز المرض ” حين نولد نكتسب جنسية بلدين: بلد الأصحاء وبلد المرضى و رغم أننا نتمني أن نحصل ع أوراق الإقامة في أفضلهما فإنه لابد أن يأتي اليوم الذي نضطر فيه ولو لمدة قصيرة إلي الإعتراف بأننا صرنا من مواطني البلد الآخر “.

وهنا تسأل هل مرض الزهايمر فكرة النسيان لأجل النسيان ام هروب ؟ نسيان إنسان لماضيه والذهاب الي خلوة أبدية سواء بمحض إرادته أو رغما عنه تعني آنه أراد الإنسحاب من حياة الحياة حيث تغير العصر والهوية.

وأصبحت المبادئ والايدولوجيه غريبة عنهم فتوقف آلعقل عن تقبلها والسير معاها وآثر العزلة والانخراط في مواجهة مرهقه وتغيير جنسيته اضطرار أو بمحض إرادته إلي بلد المرضي حيث موت الحياة البطئ والعودة إلي فطرته وطفولته لكنها طفولته الثانيه كما يقول شكيبير في مؤلفه ” كما تهواه ” الطفولة الثانية حيث لا شيء سوي النسيان وفقدان الأسنان وفقدان النظر وفقدان التذوق وفقدان كل شيء.

آي أن الإنسان عندما يفقد الأمان ولطف الآخرين من حوله وخداعهم له يعيش صراع طويل مع النفس ينتهي به أن يتخلي عنه العقل ويتوقف عند لحظة ما من عدم المغفرة واستحالة تناسي الآلام والانعزال بعيدا والذهاب في طريق الاعودة حيث لا مزيد من الاستهلاك آلغير آدمي للنفس والكف عن منح المزيد من مشاعرها لانه أصبح إيقاع موذي ومميت.

فكرة أن الزهايمر هو الهروب الي بلد المرضى من واقع أرهق الذاكرة في خضم زحام الحياة ودنيا سيطر عليها الآخرون بأفكارهم المزدوجه وعقاءدهم الا إنسانيه الدنيوية فقرر العقل عدم الانصياع لرغباتهم حيث انقلبت حياتهم العادية إلي حقيقة مؤلمة وتذكرها ماضي بغيض لا يرغبون استرداده فهم قد ابتعدوا بما يكفي ولا يريدون سوى مواصلة الطريق.

هل أصبح إهداء الآخرين لطفا مهمة ثقيلة ام أن منح الأمان والخير للآخر صار يحتاج مزيداً من الجهد.

من واجبنا مراجعة التاريخ جيدا ومعرفة وكيف بنا الآباء والاجداد أواصل الثقة والتقارب فيما بينهم ونشر كلمات آلحب والاولفة والتفاؤل مع الأهل والأصدقاء والجيران .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى