غير مصنف

أطفال السفاح.. ظاهرة تهدد المجتمع.. وخبراء: ضعف الرقابة الأسرية وراء تزايد حالات الزنا

تحقيق: يوسف ابوالوفا

شهدت محافظة قنا فى خلال الشهور الماضية تزايد ظاهرة العثور على أطفال سفاح مجهولي الأب والأم، ففى خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تم رصد عشرات الحالات ، بعدد من مدن وقرى المحافظة كان أولها في عام 2019 عندما عثر تاجر حديد على طفل حديث الولادة بمنطقة المنشية ببندر قنا، وفى ذات اليوم عثر طالب بكلية الآداب على طفل حديث الولادة بجوار سنترال نجع حمادى، وعثور مواطن مقيم بعزبة البوصة مركز أبوتشت ،شمالى قنا ،على طفل لقيط أمام مسجد القرية عند صلاة الفجر، وسبق الثلاث حالات الأخيرة عثور مواطنين على أطفال سفاح بمدينة العمال ، وطفلين آخرين أحدهما أمام قرية كوم البجة التابعة لمركز أبو تشت والأخرى إمام أحد المساجد بمنطقة مساكن عثمان.
نهاية العام الماضى .
شهد يوم السادس عشر من شهر ديسمبر2021،عثور الأهالي بمركز نجع حمادي، شمال قنا، اليوم، على طفل حديث الولادة ملفوف بقطعة قماش، داخل صندوق قمامة، بعدما تلقى اللواء محمد أبو المجد، مدير أمن قنا، إخطارا، من قسم شرطة نجع حمادي، أفاد العثور على طفل حديث الولادة ملقى داخل صندوق قمامة، بشارع 15 مايو في نجع حمادي.
يناير من العام الحالى (ثلاث حالات فى شهر واحد(.
وفى الثانى من يناير 2021، عثر أهالى قرية البطحة، على طفل رضيع بالطريق الصحراوى بنجع حمادى أمام القرية شمال محافظة قنا.
عقب تلقى اللواء محمد أبو المجد، مدير أمن قنا، إخطارا من مركز شرطة نجع حمادى يفيد العثور على رضيع ملقى على الطريق الصحراوى أمام قرية البطحة وعلى قيد الحياة، وتم تكليف المباحث بتكثيف التحقيقات حول الواقعة.
وبعدها بخمس أيام فقط تحديدا السابع من يناير ، عثر الأهالي على طفل حديث الولادة ملقى فى أحد الشوارع المجاورة لموقف عزبة البوصة فى مركز أبوتشت شمال محافظة قنا.
وفي السابع والعشرين من يناير عثر رجال مباحث مركز شرطة قنا، خلال تمشيطهم للطريق الزراعى، على جثة طفل رضيع، ملقاة على الطريق أمام قرية أولاد عمرو بدائرة مركز قنا.
وباتت تلك الظاهرة تهدد الكيان الأخلاقى للمجتمع، الذى لم يشهد عبر السنوات الماضية مثل تلك النوعية من الظواهر الهدامة.

ظاهرة دخيلة


يقول الدكتور محمد أبو الفضل بدران، نائب رئيس جامعة جنوب الوادى لشؤن التعليم والطلاب الأسبق، وأحد المهتمين بقضايا الأخلاق والمجتمع لـ”اليوم ”  تعليقا على تلك الظاهرة إنها غريبة فى مجتمع صعيدى تربى أجياله على الالتزام والعمل وفق أخلاقيات الدين والأعراف، وأنا أكاد أجزم بأنها ظاهرة دخيلة نتيجة توافد عناصر أخرى من محافظات مجاورة هرباً من قيود مجتمعات كانت تعيش فيها، إلى جانب التدهور الأخلاقى الملحوظ داخل الأسر الصعيدية فى ظل الانفتاح على عادات وتقاليد بدون مراعاة لضوابط وقيم المجتمع الصعيدى.
فى حين يرى الدكتور على طلبة أستاذ علم الاجتماع بكلية آداب قنا، أن المجتمع الصعيدى خاصة محافظة قنا مثلها كسائر المجتمعات فى العالم من حولنا، قابلة للتغيير وعرضه لزوال معتقدات وتبدل قيم.. لكن ما نحن بصدده الآن مع تزايد حالات العثور على أطفال لقطاء ما بين يوم وآخر، يدعونا للتوقف لأنها كارثة أخلاقية تهدد كيان هذا المجتمع الذى تربى على الالتزام والطاعة وتتحمل الأسرة وحدها فى قنا أكثر من 90% من المسئولية تجاه تلك الظاهرة، فالتربية والتنشئة الاجتماعية السليمة تلعب دور الموجه الأهم فى تشكيل شخصية الفرد، ولعل ضعف الرقابة الأسرية فى المنزل أدى إلى انتشار جرائم الزنا التى هى المنبع الحقيقى لظهور هذه الظاهرة، وترى أن إعادة ترتيب البيت القنائى وإعادة الالتزام العائلى والشخصى هما فقط بجوار القدوة الحسنة والتوعية السليمة قادرة على القضاء على تلك الظاهرة.

دعم الأطفال

 
وفي هذا الصدد يقول النميرى حسن، مدير عام بمديرية التضامن بقنا، إن محافظة قنا تضم دور الأيتام مجهزة لاستقبال الأطفال حديثي الولادة والرضع الذين يتم العثور عليهم فى كافة أنحاء المحافظة، من الحمل السفاح وبصورة غير شرعية، حيث يتم تقديم الدعم اللازم لتلك الدور لخدمة الأطفال ليعيشوا بصورة طبيعية وسط المجتمع.
وأضاف “النميرى” أن الإجراءات المتبعة حال العثور علي طفل فى الشارع بقنا، أن يقوم الأهالى بإبلاغ الشرطة بمديرية الأمن والتى تخطر هيئة الإسعاف لنقل الطفل الذي يتم العثور عليه فى الشارع إلي أقرب مستشفي لفحصه والاطمئنان على صحته، وبعد انتهاء تلك الخطوات تتوجه لجنة من مديرية التضامن الاجتماعي لاستلام الطفل لتسليمه لإحدى دور رعاية الأيتام لكي يتم تقديم كافة أوجه الرعاية له.
وأكد مصطفى فاروق ، مدير بمؤسسة أحمد جبره الاجتماعية ، أن الأطفال الذين يتم العثور عليهم في دور رعاية الأيتام ، يتم تقديم كافة الخدمات الخاصة بهم كأطفال طبيعيين دون أي تقصير، كما يتم إلحاقهم بالمدارس القريبة من دور الأيتام ويتم الإشراف عليهم وتخصيص مصروفات يومية وشهرية لهم، وبعد بلوغ السن القانونى يتم تخصيص سكن كريم له من قبل المحافظة ليتزوج فيه.

جريمة فى حق الأطفال


وتقول النائبة سحر صدقى، عضو مجلس النواب، إن تلك الظاهرة جريمة فى حق الأطفال من الآباء والأمهات الذين دخلوا دائرة الخطأ والجريمة ويجب معاقبة كل من يتم التوصل إليه من هؤلاء الآباء بكل قسوة ليكونوا عبرة للآخرين لعدم تكرار هذا الأمر، مشيرة إلى ضرورة زيادة كاميرات المراقبة بكل شارع ومنطقة بمختلف أنحاء المحافظة للتوصل لمرتكبي تلك الجرائم بحق الأطفال.
وأضافت”صدقى” أن فرع المجلس القومي للمرأة ، يتحرك فى هذا الشأن بصورة إيجابية لمواجهة الظاهرة السيئة، وذلك عبر تنظيم عشرات الندوات سنوياً، لتوعية السيدات والفتيات والرجال والشباب بحضور رجال الدين الإسلامي والمسيحى لتعريفهم بحرمة إلقاء الأطفال الرضع بالشوارع، والتعريف بعقوبة الزنا وتوعيتهم بمخاطر الزواج المبكر، مؤكدة أنه لابد من تكاتف المجتمع لمواجهة تلك الظاهرة وتوعية الأهالي في كل مكان بتلك الأمور المنافية للأديان السماوية بتعريض أرواح الأطفال للخطر فى الشوارع في الطقس الحار صيفاً والبارد شتاء.

غياب الوازع الديني


فيما تقول مروة حسن العمدة ، ناشطة فى مجال التنمية المجتمعية، أن تلك الجرائم تتكرر بصورة يومية وهو أمر بشع للغاية، فالشباب ينصبون شباكهم حول الفتيات بحجة الزواج أو يتزوجون بأوراق عرفية لا تسمن ولا تغنى من جوع، وعندما يرسل لهم الله طفلا لتصحيح أوضاعهم يتركونه في الطرقات والشوارع بمشاهد تؤذى الجميع.
وتضيف سارة منصور، طالبة ، أن أهالى قنا يعيشون بصورة متكررة تلك الأزمة بالعثور علي أطفال إما أحياء أو أموات في الطرقات والشوارع، ويتم علي الفور اتخاذ الإجراءات اللازمة للطفل الذى يكون علي قيد الحياة، باستدعاء رجال الشرطة ورجال الإسعاف ونقله للمستشفى في الحال، ثم إيداعه بإحدى دور رعاية الأيتام بقنا.
وترى شيماء، أن غياب الوازع الديني أحد أهم أسباب حدوث هذه الجرائم، إضافة إلى الانفتاح التكنولوجي والإعلامي وزيادة معدلات الفقر والبطالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى