مقالات

أولياء الأمور بين مطرقة المدارس الخاصة وسندان الدروس الخصوصية!

بقلم: محمد كامل العيادي

في بداية كل عام دراسي تبدأ المعاناة ورحلة العذاب السنوية التي يظل أولياء الأمور خلالها في حيرة من أمرهم لا ينعمون بالراحة أو النوم؛ فهناك من ينغص عليهم تلك الراحة ويُقلق نومهم من خلال الدروس الخصوصية، وتعامل المدرس، ذلك التاجر والمسوق الشاطر لنفسه، كل ما يهمه هو انقضاء وقت الحصة والتحصل على المبلغ الذي يتقاضاه نظيرها، ولا يُعنيه فهم الطالب من عدمه، فيما لا ينعم أولياء الأمور بنومٍ أو راحة في ظل ما يحدث من المدارس الخاصة كذلك، حيث يدرسون أبنائهم، فلا ضمير في الشرح، ولا رأفة في قيمة المصروفات، فالمدرس في المدرسة لا يوجد لديه وقت يعطيه للطلبة في الحصة، وإذا ما حدث ودخل الفصل لإعطاء حصته يقضي وقتها في النوم أو الحكاوي، دون رقيب عليه من المدرسة، وعندما تتحدث معه يُخبرك دومًا أن الراتب ضعيف ولا يكفي.

لا ندري ما ذنب الطالب وولي أمره، الذي لا يجد أي مقابل لما يُنفقه ويبذله يظهر في دراسة ومستوى أبنائه، في الوقت الذي من المفترض أن يكون لدى المدرسة المسؤولية في تحمل ما أخذت مقابل مادي من أجله، على الأقل أن تُقلل وترفع عن كاهل أولياء الأمور عبء الدروس الخصوصية وعنائها، وشتات الطالب وحيرته بين هذا وذاك ، وإهدار الوقت لدى الطلاب مما يجعلهم لا يستطيعون الإيفاء بمتطلبات المدرسة ولا الدروس الخصوصية.

المدرس الخصوصي لا رحمة منه حتى في وقت جائحة كورونا ومع وجود الخطر، حيث أن تنقله من بيت لآخر خطر محدق حال وجود فرد واحد مصاب بالفيروس بين أهل أحد البيوت التي يزورها المدرس، ما يُهدد بدوره في انتشار وتفشي الوباء بين الطلاب وأولياء أمورهم، وهوّ سلوك لا يقل وطأة مما تفعله المدارس وتسارعها لأخذ مبالغ طائلة نظير العام الدراسي، وكأنها ترفع شعار «بلا رحمة»، فالكل في عرف الإدارات المدرسية سيدفع سواء حضر أم لم يحضر ، فضلًا عن التحايل في تحصيل مبالغ الباصات الخاصة بنقل الطلاب، بالإضافة إلى التأكيد على تحصيل جميع تلك المستحقات قبل بداية الامتحانات، دون أية نواقص، وإلا حُرم الطالب من دخول الامتحان، وفي النهاية تنظر إلى محصلة كل طالب لتجد أن الغالبية لم تُحصل شيئًا يُذكر، الأمر الذي يُلح بتساؤلاتٍ عدة.. أين وزارة التربية والتعليم والإدارات التعليمية من متابعة هذا الملف الشائك؟، ولماذا لم يتم تفعيل قانون العقوبات بشأن الدروس الخصوصية طالما هناك عقوبات لا تقل عن غرامة 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 50 ألف جنيه؟، ولما لا تلتزم الوزارة بتطبيق قانون العقوبات وتجعل المدرسة والمدرس على حدٍ سواء يسيرون في غيهم يعمهون؟.

لن تُحرز الدولة أي تقدم في هذا الملف الشائك دون أخذ خطوات جدية فيه من وزارة التربية والتعليم، وأن يكون التطبيق صارمًا؛ يبدأ من المدرسة بمراقبتها ومتابعتها وأن تكون هناك زيارات مفاجأة لكل مدرسة، وخلالها يتم تقييم المدرسة وتقييم الطالب بحضور شرح كل مدرس مع توجيه أسئلة للطلاب، فضلًا عن تقديم حلول لأي سلبية موجودة، وفي حين عدم استجابة المدرسة يُؤخذ ضدها قرار فيه مصلحة الطلاب، سواء بفرض وجود مشرف مندوب من الوزارة تتحمل راتبه المدرسة المُقصرة لحين معالجة الخلل، أو المتابعة الدورية مع أخذ قرار برد مصروفات كل طالب في حال تكرار السلبيات، فللأسف المستوى التعليمي في مصر أمر غير مقبول على الإطلاق، وهو ما ينعكس بأثره السلبي على مستوى الطالب؛ فالبعض إذا طُلب منه كتابة موضوع للأسف لا يستطيع خاصة عندما يُطلب منه الالتزام بقواعد اللغة العربية، ولا ينكر أحد أن هناك نوابغ يمحون آثار ما يفعله المقصرون الضعفاء.

لو كانت هناك متابعة جيدة من المدرسة ما اضطر ولي الأمر إلى اللجوء لإعكاء أبنائه الدروس الخصوصية محاولًا مساعدتهم على المذاكرة والتحضير، وهذا أمر خطير يُلقي بظلاله على ما تجنيه الدولة فيما بعد من الاعتماد على الاتكالية، وغياب القدرة على الابتكار والتفكير ، ما يجعل عقول الشباب خاملة وكسولة، لكننا نلحظ ذلك التكاسل ينتقل مع الطالب من مرحلةٍ إلى أخرى، حتى المرحلة الجامعية، وفي حال طُلب منه عمل ورقة بحثية تجده يذهب مهرولًا إلى المكتبات أو المختصين بعمل البحوث العلميه لعمل بحثه ومن ثم تقديمه، وهي تصرفات في حقيقة الأمر جريمة عظمى لا بُد من ردعها ووضع العقاب الرادع لمنعها، فالدولة لا تريد مسوخ، لكنها تريد عقول فذة تنفعها في الاقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة، وكل مناحي الحياة، لا تريد من هو عبء عليها ، ولن يحدث هذا إلا بالنظر نظرة إيجابية للتعليم ومحاربة الدروس الخصوصية بدايةً من مراقبة المدارس ومُخْرجاتها، وفي حال إبقاء الحال على ما هو عليه لا نملك إلا أن نقول على التعليم إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى