عبير أبو علوي
شمس ساطعة وسط غيوم الحياة، تنير عتمه النهار، وتشرق كل صباح ، لتنثر على أوراقها الصغيرة، برفقة أدواتها البسيطة ، أجمل الرسومات التي تنال إعجاب كل من يراها، فهي فنانة بالفطرة، مميزة ببساطتها وذكائها برغم صمتها.
بطلة قصتنا اليوم، هاجر مصطفى محمد إبراهيم، أول فتاه صماء تلتحق بالجامعة، تبلغ من العمر 23 عاما، طالبة بالفرقة الرابعة بكلية التربية النوعية بقنا، ابنة قرية الجلاوية التابعة لمركز ساقلته بمحافظة سوهاج.
تواصل “اليوم الإخباري” مع والد هاجر مصطفى محمد، الذي يعمل مدرساً، بالأزهر الشريف للتعرف عن قرب على هاجر وحياتها.
أصدقاء من بلدان العالم:
في البداية قال والد هاجر: ابنتي فتاة ذكية بفطرتها، تتعامل بعفوية مع أقرانها، لم يمنعها الصمم الذي اصيبت به في طفولتها، عن ممارسة حياتها الطبيعية، فهي تساعد عائلتها في الأعمال المنزلية، وتتواصل مع أصدقائها وأساتذة الجامعات في مختلف البلدان، عن طريق لغة الاشارة الدولية التي تتقنها ببراعة، بجانب لغة الاشارة الإسبانية “.
الأولى على الجمهورية:
وتابع: تخرجت هاجر من مدرسة الأمل للصم وضعاف السمع بسوهاج، وتفوقت على أقرانها، لتصبح الأولى على الجمهورية، ومن هنا وجدت أنه لابد لمثل هذا الفتاة من استكمال مسيرتها التعليمية، فوجدت في باديء الأمر صعوبة كبيرة، في إلحاق هاجر بالجامعة لكونها من أصحاب الهمم، الى أن استطاعت بعد عده محاولات الحاقها بكلية التربية النوعية بقنا، بالقسم الفني الذى كان شرط القبول به اجتياز اختبار القدرات، واجتازته هاجر بامتياز، نظرا لحسها الفني المميز، وذلك بعد أن توصلت إلى قرار المجلس الأعلى للجامعات، بأحقية الطلاب الصم وخريجي معاهد الصم، بالالتحاق بقطاع التربية النوعية “.
وأشار والد هاجر “واجهت هاجر في بداية التحاقها بالجامعة الكثير من الصعوبات”، منها عدم وجود مترجمين يقومون بتسهيل المواد الدراسية وشرحها بلغة الاشارة ، فكان الامر في البداية يقتصر على مترجم واحد يكون معها على مدار يومين فقط، فوجدت أن ذلك غير كافيا لتحصيل 17 مادة دراسية، فقمت بإحضار مترجم خاص لها، والذي بدوره لم يتردد للحظه في مساعدتها في التحصيل الدراسي، خاصة أن المكتبة الجامعية لم تحوي أي مراجع بلغة الاشارة لزيادة حصيلتها العملية، ورغم هذه العقبات إلا ان هاجر من المتفوقين دراسيا، وحصلت على تقديرجيد جدا في العامين السابقين “.
مواهب متنوعة:
كفنانة تشكيلية موهوبة لا يختلف اثنين على موهبتها وبراعتها، فى النحت والرسم على الخشب والجلد والنحاس وغيرهم، لتخرج أروع الرسومات وأجمل التصاميم، التي تبهر كل من يراها، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لها بصحبه تمثال لطبيب الغلابه “محمد مشالي ” والتي قامت بنحته معتمده على الطين الأسوانى لتظهر براعتها وحبها للفن”
تكريم المواهب:
حصلت هاجر على العديد من الجوائز ، نظرا لمشاركتها فى عدد من المعارض ، بالإضافة الى تكريمها من الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2018 وهو عام الاعاقة ، كما منحها المجلس العربي الأفريقي للتكامل والتنمية ، درع التميز لعام 2020 باعتبارها واحدة من الشخصيات المؤثرة لهذا العام ، بالإضافة الى عضويه دائمة بالمجلس ، لمساندتها ودعمها على التميز والابداع الفني لإخراج المزيد والمزيد من الاعمال الفنية ”
بسؤال والدها عن طموحه بالنسبة لهاجر “طموحي ليس له حدود بالنسبة لهاجر ولن أتقاعس عن مساعدتها أبداً، فهي تتمنى أن تصبح أستاذة جامعية فى يوم من الأيام، رغم أن هناك لائحة تمنع أصحاب الهمم من ذلك، لذا أود أن يتم النظر فى ذلك الأمر، لإعطائهم فرصة لاخراج طاقاتهم، بمساعدتنا لتساعد أقرانها من الصم، ممن التحقوا بالجامعة”.
دعوة للتفاؤل:
وختم حديثه بكلمات معبرة ” الأصم يسمع بعينيه” لذا لابد من توفير كوادر بشرية متميزة من المترجمين للالتحاق بالجامعة، لمساعدة ما بها من طلاب لفهم واستيعاب المواد الدراسية على أكمل وجه، فنحن بحاجة الى من يدعم أصحاب الهمم لا من يعرقل خطواتهم، لذا اخص بالشكر كلا من الدكتور عباس منصور رئيس جامعة التربية النوعية بقنا سابقا، باعتباره من أصحاب الفضل في إلحاق هاجر بالجامعة، والدكتور طلعت شحاته عميد كلية الفنون الجميلة السابق لمساندته ودعمه لهاجر”.
