مقالات

أيها النواب.. أعيدوا مكانة بلبيس التاريخية !

بقلم : محمد كامل العيادي

المدن التاريخية دائمًا لها مكان محفوظ في ذاكرة التاريخ ، لا ينساها أبدًا ، فمعلوم بالضرورة أن التاريخ لا ينسى ، مهما حدث من إهمال ، أو أي محاولة للتهميش ، لا شك أن العظيم لا يهمش ، ولا يكظم ، وعندما ننظر في ذاكرة التاريخ ، نجد مدينة عظيمة مثل مدينة بلبيس ، تلك المدينة التي حملت على ظهرها وفي بطنها أعظم خلق الله ، فقد حملت على ظهرها صحابة رسول الله ، وحفيدة رسول الله وأبناءها ، وأنبياء بني اسرائيل ، وأقام فيها يوسف الصديق ، والأسباط ، ومرت بها العائلة المقدسة ، وولدت فيها السيدة هاجر أم نبي الله إسماعيل  في قرية “غيتة ”  التابعة لبلبيس ، وقيل أيضًا أن نبي الله موسى ولد في بلبيس ، وهنا يأتي سؤالاً مُلحاً ، لماذا تم إهمال هذه المدينة العظيمة ، وعدم  الاعتناء بهذه المدينة التاريخية ؟ لماذا لم يتم عمل متحف تاريخي لهذه المدينة العريقة يسلط الضوء فيه على من حملته على ظهرها ، أو حوته في بطنها ؟ فهل لا يشفع لها العظماء الذين ساروا على أرضها أو شربوا من مائها ، أو استظلوا بأحد أشجارها ؟

مدينة بلبيس مدينة عريقة ، من أمهات المدن المصرية ، تمتاز بموقعها الاستراتيجي ، تحدها من الجنوب محافظة القليوبية ، ومن الشرق محافظة الإسماعيلية ، وتُعد بلبيس البوابة الشرقية لمصر ، وكذلك معبر الوافدين ، وكانت مقراً للهكسوس ، ومقراً لحكم رمسيس الأول ورمسيس الثاني ، وكان يُطلق عليها في الكتب القديمة اسم ” بلبيس ” و ” فلبيس ، أو فلا بيس ” وفي عهد الدولة الفرعونية القديمة للفراعنة كان يُطلق عليها إسم ” بل بس ” أي ” بيت الإله بس ” وكانت ” تل بسطة ” مركزاً لهذا الإله ، وقد قيل أن هناك في ملكة رومانية اسمها ” بيسه ” سميت باسمها المدينة مدينة ” بيسه ” ثم أضيفت لها ” بل ” لتصبح ” بل بيس ” وتعني القصر الجميل ، ليصل مسماها الذي هو الآن ” بلبيس ” ، وأصبحت مقاطعة ضمن المقاطعات للوجه البحري في عهد الفراعنة ، وقد أقيمت في بلبيس في القيسارية ابنة المقوقس  ” ارمانوسة ” خطيبة قسطنطين بن هرقل ، وهي في طريقها إليه ليدخل عليها ، حتى جاء ” عمرو بن العاص ” وحاصر مدينة بلبيس لمدة ثلاثة أشهر متتالية ، ليعيدها إلى أبيها ” المقوقس ” بعد أن دخل المدينة ، ليبني مسجد سادات قريش عام 18 هجرية ، وسُمي بهذا الاسم تكريماً لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، الذين استشهدوا في المعركة مع الرومانيين ،  وقد كانت بلبيس أولى المدن التي تشرفت باستقبال الملك الصالح أيوب عندما حكم مصر ، وقيل أن في عهد الدولة الأموية أن السيدة ” زينب ابنة الإمام علي بن أبي طالب ”  مرت بمدينة بلبيس متجهة إلى الفسطاط ، وكانت معها السيدة ” فاطمة ، وسكينة ” ابنتا سيدنا ” الحسين بن علي ” عندما هربوا من يزيد بن معاوية في المدينة المنورة ، في العباسة التي كانت تتبع بلبيس في ذاك الحين .

بلبيس مدينة عريقة وقد حباها الله مؤخراً ثلاثة أعضاء في مجلس النواب ، ليُلقى عليهم عبء ظهور هذا المدينة التاريخية العريقة ، لتتصدر المشهد وتكون في صدر الصورة الكلية لمصر ، وأن تُحل جُل المشاكل لهذه المدينة ، وهذا أقل ما يقدموه لها ، تلك المدينة التي كانت منارة في وقت من الأوقات ، أصبحت مداخلها تئن من الطرق المكسرة وأكوام الزبالة التي ملقاه على جوانب الطرق ، حتى معظم القرى تغرق شوارعها بالصرف نتيجة عدم دخول الصرف الصحي بها ، هل يُعقل أن مدينة تاريخية بها قرى لا يدخلها المجاري حتى الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين .

إن مدينة مر بها العظماء لا بد أن تكون عظيمة ، لا بد أن تكون منارة المدن ، ليس فقط من أجل أهلها ، بل كرامة للعائلة المقدسة ، والصحابة ، والنبيين ، والأسباط ، لأجل الإنسانية ، واحترام التاريخ والعراقة ، إن من دُفنوا تحت الثرى من العظماء ينتظرون إعادة أمجاد المدينة وعمل تراث يُذكّر الناس بهم ، فهذا أقل ما نقدمه إليهم ، وبهذا قد ألقي على عاتق أعضاء مجلس النواب هموم المدينة ، ومشاكلها ، بقراها التي تزيد عن 50 قرية ، فكونوا لها ، وكونوا عند حسن ظن الناس بكم  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى