غير مصنف

“إرم ذات العماد”.. كيف أحيت أنامل محجوب إله الحب في “دندرة”؟

بُني في 200سنة .. وسرقته فرنسا ..وأحرقه المصريون..

عرف الإنسان المصري القديم الطريق إلى وجود إله خالق، وتعددت تصوراته لشكل الإله على مر التاريخ القديم، فتصور أن هناك إله للشمس وإله النيل وإله الموت والحياة وبنى لهم المعابد، فلا عجب من مقولة: “المصري متدين بطبعه”؛ لأنه كلما بنى صرحًا عظيمًا كان له  فرضية دينية من وراء الإنشاء وهي التقرب والعبادة.

وكما أبهر المصري العالم بحضارته وعلمه، أبهرهم كذلك بتصوره لمعتقد أن هناك إله للحب والجمال والأمومه، ورمز له بـ الإلهة حتحور، وبنى لها معبدًا يحتل المركز الخامس في قائمة العجائب الفلكية السبع لمصر القديمة.

معبد “هاتور/ هاتهور” أو دندرة  يعد من المعابد القليلة التي يُعبد فيها ثالوثان، الأول لـ حتحور والثاني لـ أوزير والذي أُنشئ في العهد الروماني اليوناني.

ويرصد موقع “اليوم” الأهمية التاريخية لمعبد دندرة والتي وضعته وزارة الآثار في خارطة  الترميم  وبالاستعانة بعلماء الكيمياء نجحت في إعادة إظهاره بألوانه الأصلية التي صُمم عليها، استعدادا لافتتاحه من جديد للزوار.

**المعبد المدفون

“بودي لو أمكنني أن أنقل إلى ذهن قرائي الإحساس الذي شعرت به أمام هذا المعبد، فلقد كنت مذهولاً إلى درجة تجعلني لا أستطيع أن أحكم، فكل ما رأيته في العمارة قبل هذا المعبد لم يكن كافيا لإثارة إعجابي”.. كلمات وصف بها العالم الفرنسي دينون معبد دندرة.

ويقع دندرة على الضفة الغربية للنيل، على بعد حوالي ٥ كم شمال غرب مدينة  قنا، دندرة هو الإسم العربي  للبلدة المصرية  القديمة “إيونت”، ويرجع أهميته إلى أنه كان المركز الرئيسي لعبادة الآلهة حتحور، والتي وحدَّها فيما بعد اليونانيون القدماء مع آلهتهم أفروديت.

ويعد دندرة كتابًا شاملاً للفكر الديني المصري القديم، وأحسن المعابد المصرية حفظُا؛ حيث اكتشف مدفونًا تحت الرمال، الأمر الذي ساعده على البقاء .

تعاقبت أيدي البنائين عليه حسب التاريخ، فقد شيد المقصورة الرئيسية  للمعبود حتحور الملك خوفو، وكذلك يوجد بعض الإضافات للملك بيبي الأول والذي حفر اسمه ضمن أحد النقوش، وكذلك مقصورة أخرى تعود للأسرة الحادية عشر بالقرب من البحيرة المقدسة.

أما المعبد الحالي يعود للعصر اليوناني الروماني والذي استغرق تشييده حوالي 34 عامًا، حيث بناه الملك بطليموس الثالث من الحجر الرملي، وأضاف إليه العديد من أباطرة الرومان توسعات حتى عصر الإمبراطور أغسطس بحيث استمرت عملية البناء نحو 200 سنة.

**سيدة دندرة

يبلغ عرض واجهة المعبد حوالي 35 مترًا وارتفاعها 12.5 مترًا، وتعد هذة الواجهة أروع الواجهات الفرعونية القديمة الخاصة بالمعابد، حيث يتصدرها أعمدة ضخمة رائعة أعلاها متوجة برسومات لرؤوس سيدة دندرة حتحور.

أما عن معبد الولادة الإلهية الذي شُيد في عهد الإمبراطور أغسطس والذي يحتوي على نقش بارز يجسد بوابة وهمية تصل إلى العالم الآخر يعلوها ثلاث أقراص للشمس المجنحة، ثم صفًا من أفاعى الكوبرا المتوجة بأقراص الشمس ويبلغ عدد الأعمدة التي تحمل سقف قاعة المعبد 24 عمودًا، بالإضافة إلى عدد كبير في باقي المعابد من الداخل وتحاط هذه الأعمدة بمجموعة من الغرف لتقديم القرابين.

**الأبراج الفلكية

المصريون القدماء لهم السبق في معرفة الدائرة النجمية والتي اقتبس منها العالم فكرة الأبراج الفلكية المعروفة حاليًا، والدليل يوجد في السقف الدائري في المقصورة الثانية بالمعبد والتي أعطته شهرة وأهمية.

وحصل علماء الحملة الفرنسية على موافقة الحاكم المصري محمد علي باشا بنقل السقف الأصلي إلى باريس حيث يعرض اليوم في متحف اللوفر.

أما الذي يقبع الآن في المعبد ويراه الزائرين هو نموذج مشابه للسقف الدائري صنعه علماء فرنسيون سنة 1920 .

**إرم ذات العماد

يرتفع سقف المعبد على 18 عمودًا يبلغ ارتفاع كل منها 18 مترًا، ويزين كل عمود أربعة أوجه ملونة لحتحور وهي تنظر إلى الجهات الرئيسية الأربعة  كناية عن سيطرتها الكاملة .

والسقف ينقسم إلى 7 أقسام تحوي نقوشًا رائعة ملونة ورسومات لحيوانات وللآلهة المصرية، بالإضافة إلى الرموز النجمية وأخرى غامضة غير مفهومة.

والمعبد يحتوي طابقين، ويمكن الوصول إلى السقف العلوي عن طريق سلالم مزينة بمناظر للمواكب الكهنوتية وهي صاعدة على السلالم، والكهنة يحملون تماثيل حتحور في نقوش فرعونية رائعة، تمثل الاحتفالات برأس السنة.

**السراديب

يوجد في المعبد 12 سردابًا مخصصين للاحتفالات بالأعياد المصرية القديمة، وتخرج منه تماثيل المعبودات الذهبية والأدوات الطقسية اللازمة لإقامة الشعائر الدينية، وكذلك يحفظ بها التماثيل الثمينة والأدوات ذات القيمة؛ خشية السرقة.

وتضم السراديب مجموعة هامة من النقوش أهمها منظر فتح الباب الحجري، وخبري المجنح الذي يدفع قرص الشمس المجنحة أمامه بين علامتي الشرق والغرب، وطقس تقديم الخبز للمعبودة حتحور، بالإضافة إلى طقس طعن التمساح أمام حور بحدتي مناظر الحتحورات السبعة.

**3 ظواهر فلكية

ولا يخلي معبد دندرة من الظواهر الفلكية التي تعظم الألهه، ويحدث في دندرة 3 ظواهر فلكية أولها تعامد الشمس حيث تقع علي قدس الأقداس يومي 4 فبراير و8 فبراير من كل عام.

والظاهرة الثانية تعامد الشمس علي مقصورة الإمبراطور أغسطس ، أما الثالثة والمكتشفه حديثاً هي تعامد شمس الظهيرة علي نقش يمثل المعبودة حتحور.

**الكميائي محجوب

في عهد قديم سكن المعبد جماعات من الناس كانوا يمارسون حياتهم اليومية من طبخ وخبز وتدفئة وحرق المخلفات لعدة قرون، مما تسبب في تصاعد الأدخنة السوداء على الأسقف والحوائط غطت علي الألوان الأصلية.

وبفضل تركيبة الكيميائي الدكتور جمال محجوب نجح المرممين العاملين في المعبد في إزالة الأدخنة السوداء المتراكمة علي السقف لآلاف السنين مع الحفاظ على الألوان الاصلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى