فن ومنوعاتمقالات

التواصل الاجتماعي والإعلام

بقلم: عبد الستار حتيتة

يحمل طلاب في كليات الإعلام معتقدات غريبة عن أن وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر وغيرهما، هي وسائل إعلامية. كان اللقاء مع بعض هؤلاء الطلاب في نقابة الصحفيين. وكان لا بد من الدخول في مناقشة مطولة حول هذا الأمر الخطير، لأن بعض الأساتذة في تلك الكليات رسخوا مثل هذه الخزعبلات في رؤوس الطلاب.

سألتْ طالبة في السنة النهائية، وكانت تعد مشروعاً إعلاميا، عن السبب في أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست من الإعلام، ولا من الصحافة، سواء الورقية أو الالكترونية؟ وسأل زميلها، وكان في السنة الأخيرة أيضاً، عن كيف لا تكون وسائل التوصل من الإعلام، بينما الأستاذ الدكتور الذي يتعلم على يديه في الجامعة، يقول عكس ذلك؟

كان لابد من الشرح، بأنه يوجد فارق كبير، وكبير للغاية، بين الصحفي الذي يعمل في وسيلة إعلامية ذات هيكلية ومسؤولية، وغيره ممن يكتبون ما يعن لهم على وسائل التواصل. فالصحفي، أو إن شئت، الإعلامي، لا يتعاطى مع ما يقال هكذا.. بل يتحرى الدقة، ويسأل الأطراف المختلفة عن صحة الموضوع، ويضع الأسئلة المعتادة، والمتعارف عليها بين الصحفيين في أي مكان في العالم، مثل من؟ وماذا؟ وأين؟ ومتى؟ وكيف؟ ولماذا؟

هل توجد إجابات عن هذه الأسئلة لدى من يكتبون الغرائب على مواقع التواصل الاجتماعي. وهل يوجد مراجعون، مثل رئيس القسم ورئيس التحرير، وغيرهما. إنك قد تجد أحد الكتبة نقر على صفحته كلمات من قبيل “يا ساتر يا رب دوي انفجار”. هذه ليست صحافة وليست إعلاماً. حسناً. أين وقع هذا الانفجار، ومتى، وما سببه، وما هي أبعاده، وما السياق العام الذي وقع فيه. وغيرها من أسئلة كثيرة يصعب على الهاوي الجالس خلف شاشة الهاتف أو الحاسوب، الإجابة عنها. ولا يجد المتلقي، من هكذا نقرات، غير الحيرة.

هذا الأمر لا ينطبق بطبيعة الحال على بعض المواقع الصحفية والتليفزيونية التي لديها حسابات على صفحات التواصل الاجتماعي، فهي على الأقل تنشر ما سبق نشره على موقعها أو في صحيفتها، أو حتى على شاشة قناتها التليفزيونية.   

إذن كيف يتعامل الصحفي مع الموضوع. هنا الخط الفاصل بين الصحافة وهواة مواقع التواصل. وبدأ الطالب والطالبة في الإنصات إلى لغة جديدة، تختلف عن تلك التي يدرسونها في الجامعة الخاصة. وعليك أن تتعلم من مواقع دولية وكبيرة، من اليابان لأمريكا، وكيف سخَّرت مثل تلك الصفحات..

الصحفي لا يكتفي بتلك الكلمات، بل يحاول التواصل مع من نشر الحدث على صفحته، فيعرف منه أنه يسكن في المكان الفلاني، وأن الانفجار وقع جوار بيته. وبعد ذلك ينتقل إلى ذلك المكان، ويحاول جمع معلومات عبر الهاتف وعبر صفحات التوصل الأخرى، عن الواقعة. إلى أن يصل إلى المكان، وهنا يبدأ في معرفة ما جرى. إنه انفجار أسطوانة غاز في مطعم الفول والطعمية. ولم يقع أي ضحايا أو مصابين. انتهى. لا يوجد خبر!

في الحوادث الكبيرة، مثل المظاهرات وأعمال العنف، والكوارث الطبيعية، وغيرها، يمكن للصحفي أن يستفيد من صفحات التواصل، ومن الناشطين عليها، خاصة ممن يقيمون في أماكن الأحداث.. أي أنه ينبغي على الصحفي أن يتعامل مع رواد التواصل الاجتماعي، باعتبارهم مصادر، وليسوا أساساً لعمل إعلامي متكامل.

يمكن للصحفي الاستفادة من التقنية الحديثة، ومن سرعتها، ومن قدرتها على جمع المعلومات، وعدم الاكتفاء باعتبار ما يقدمه هواة وسائل التواصل، حقائق مسلم بها. هذا غير موجود في أي مكان في العالم، حتى لو كان بعض أساتذة الكليات الخاصة في الدول النامية، يرسخون لمفاهيم مغايرة!  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى