غير مصنف

الشورى العُمانية في فترتها التاسعة تخطو خطوة جديدة في تكريس بناء مؤسسات الدولة العصرية

مسقط : عبد الله تمام 

يمثل تلقي وزارة الداخلية بسلطنة عُمان طلبات الترشح لانتخابات أعضاء مجلس الشورى للفترة التاسعة والتي بدأت في الثاني من فبراير الجاري، بداية الانطلاق نحو مرحلة جديدة في تكريس بناء مؤسسات الدولة العصرية، والاستعدادات لفترة جديدة من العمل الوطني القائم على المشاركة في صنع القرار لصالح الوطن والمواطن.

هذه التجربة الفريدة التي تميزت بها سلطنة عُمان في تعزيز الشورى والديمقراطية القائمة على الأخذ بالمعاني التراثية وقيم التاريخ والتعاطي مع مفردات العصر والحداثة، مع اتباع نهج السياسة التدرجية دون القفز على متغيرات الزمن؛ وهي سمة التجربة العمانية في التطور والنماء في كافة قطاعات الحياة الإنسانية.

وإذا كان الحديث عن الترشح الإلكتروني، فثمة انتقال نوعي في الممارسة السياسية، صقلتها التجارب والأزمنة، منذ البدايات ومع التقدم في مسيرة البناء العُمانية، التي أول ما قامت على المشاركة الشعبية وأن يكون لكل فرد من أفراد المجتمع العماني الدور المنوط به الذي يتولاه ويقوم عليه ويبدع فيه، وهذا أول ما تُؤسس عليه الدولة العصرية الحديثة.

ووفقاً لأدبيات العلوم السياسية، فإن مجلس الشورى العُماني كمؤسسة من مؤسسات المشاركة والمساهمة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في السلطنة عبر الرأي والنقاشات، تتطور بالممارسة وبالتجربة.

ولا ريب أن كل فترة من فترات مجلس الشورى العُماني، تحمل معها دفعات قوية من التقدم والتحديث وجني الثمرات والنتائج التي تم تحصيلها من الدورات السابقة والتي يمكن البناء عليها مجدداً، بحيث يكون التحديث والتجديد والعمل على تعزيز الإيجابيات بشكل يساهم في تطور تجربة الشورى والديمقراطية العُمانية وفق خصوصية البيئة السياسية العُمانية بكل مكوناتها.

كما أن كل مرحلة من مراحل مسيرة التطوير والتنمية في سلطنة عُمان، تتطلب إمكانيات ومواصفات وقيم تتناسب معها، لأن طبيعة الحياة هي التغير والتسارع في المعارف والخبرات، بالتالي فإن على كل فرد عضو من أعضاء المجلس أن يقف مع طبيعة المرحلة الجديدة وحجم التحديات والأسئلة التي ترافقها، بحيث تكون الإجابات مجسدة في واقع عملي يقوم على البحث عن المصلحة العليا لهذا الوطن، وهذا هو الهدف الأسمى الذي تنشده محصلة تجربة الشورى العُمانية عبر مراحلها الصاعدة إلى الآفاق المستقبلية.

إن الشورى العُمانية تطورت على امتداد العقود الأربعة الماضية، ليس فقط على الصعيد المؤسسي والتنظيمي تشريعياً، ولكن ايضاَ على صعيد الممارسة والدور الذي تقوم به مؤسسات  الشورى وتهيئة المناخ لمشاركة أوسع وأعمق من جانب المواطنين العمانيين في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية.

ولعل ما أسهم في تحقيق ذلك أن التجربة العُمانية في ميدان العمل الديمقراطي ارتكزت على تراث عُماني خصب ومتواصل في هذا المجال من ناحية، وعلى رؤية واضحة ومبكرة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان استطاعت ان تمزج بنجاح بين خبرة الماضي، ومعطيات الحاضر، ومتطلبات التطور الاجتماعي والسياسي والتفاعل الايجابي معه بخطى متدرجة ومستمرة.

ويمكن القول أن انتخابات الشورى للفترة التاسعة المرتقبة، لا شك أنها تجسد مخزوناً للقيم والخصوصية العُمانية في التشريع والممارسة وفي آليات العمل البرلماني من أجل توسيع عملية المشاركة السياسية لتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني، والأخذ بأسلوب التطور التدريجي السلمي البعيد عن النظريات والأطروحات الخارجية التي لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى