غير مصنف

العاشقان


بقلم د.ناصر صبحى
.. وقف العندليب الأسمر “عبدالحليم حافظ” يروى مغردا ينشد قصة الفراشة الحسناء ذو العقد الثانى من عمرها وأخذ يغرد ويقول..

  • فى يوم من الأيام وقفت “سمر” الجميلة ذو الأخلاق الحميدة والأدب كامل الأوصاف.. لتشم الرائحة العطرة وتنعم بنسمة الربيع فى شرفة منزلها المطل على النيل.
    …وهنا أخذ العاشق الولهان يقول لها مغازلا ،متمعنا فى جمالها الزائد
    = أحبك ..
    وعندئذ إحمر وجهها إحمرارا لتعبر عن خجلها ثم تماسكت نفسها وقالت له ..
  • حبك نار .. وشديد الإشتعال بقلبى بالشوق الشديد الذى لا يستطيع أن يتحمله أحد أبدا أبدا ولذلك كان جبار .. ويجرف كل من أمامه لنيران عشق ملتهبة بالحب والإشتياق، وحركاتك كلها مكشوفه ، وأنا متاكدة انها ليست صدفة ..
    وفى نفس الوقت رد عليها العاشق الولهان فى حزن شديد وإنكسار..
  • لكن جاء أهلك وقد ساءوا الظن بى فلا تحزنى يا حبيبتى الغالية وغدا سوف أعكس نظرتهم لى وأرد إعتبارى أمامهم وساعيد إحترامهم لى وسوف اكسب ثقتهم الغاليه من أجلك أنتى وحدك يا رائعتى وسوف أجبر كل الناس والجيران وكل من عرفوا حبنا الطاهر العفيف وشهدوا على نقائه يقولوا جميعا إن الأهل ظلموه…
  • حقيقى خسارة .. يذهب الحب الطاهر العفيف الشريف هباء فى مهب الريح وأوعدك انه سيأتى اليوم ويتكلم هذا الحب و يدافع عنى ويقول عن قلبى ولسانى ليه تخونوه وعمره ما خانكم …
    ومرت الأيام والشهور وأصبح حال العاشق لا يسر عدو ولا حبيب بعدما أصابه المرض النفسى ضعف جسمه واصبح هزيلا لعدة شهور متتالية وكان هذا المرض أبشع وأخطر من مرض الحب الذى فنى نفسه فيه ولقد ابتلى بهذا المرض ليحتج به على الأهل والجيران وعلى الحب الضائع فى بحور الظلم والطغيان ..
    فانقطع العاشق عن دراسته وأهمل حياته وإنعزل عن أسرته وأصبح كالحى الميت ..وكالمشيب فى عز شبابه ، وكالشبح مع انه فى اجمل سنوات عمره ، وإختبىء كل ما بداخله من طموح وحب وأحلام ومستقبل باهر كل هذا يختبىء وراء كثافة شعره وإستطالة لحيته وانعدم وزنه واضطربت اعصابه .
    واحسرتاه على العاشق المتيم الذى كان أنيقا ومرحا ،حلوما ، رومانسيا وعطوفا ..
    فكم من شهور مضت وهو يتألم وقد تحولت حياته الى جحيم ملتهب بنيران الظلم والإنكسار بعدما كانت حياته ملتهبه بنيران الحب والشوق وكلها ضحك ولعب وجد وحب..
    ولكن الحمد لله على كل شىء شفاه الله وعافاه وتحسنت صحته بعد عدة شهور بعدما كانت ضريبته هو الإبتعاد عن أحضان الحبايب..
    وبعد كل هذه الآلام وكل هذا الظلم علق العاشق عن كل ما حدث له بـ
  • لست أدرى … من هم المستفيدين بإبعاد روح الحب الطاهر عن جسده العفيف؟ ، وما هى مدى هذه الإستفادة الدنيئة لهم من كل هذه الأفعال العدوانيه؟
  • وعموما أنا دائما موعود بالعذاب…
    ولكن فجأه نطق القلب الولهان والمملوء بالحب عن لسان العاشق ويقول لمعشوقته “سمر” ..
  • أرجوكى أرجوكى خليكى معايا…
    وأصبح العاشق الولهان التائه الغلبان سواح…من هنا وهناك
    ومرت الأيام وراء الأيام بعد الشفاء التام والحمد لله كى يكون بين العاشقين موعدا مع الحب ودون أى ترتيب او إستعداد مسبق وجدها امامه
    نعم هى أمامه، تعبر نفس الطريق الذى هو يعبره ثم إلتفت اليها ونظر فى عينيها نظرة الحب الضائع لعلها تعيد الأمل بابتسامته الخفيفه لها ،وقد فهم العاشق نظراتها التى بادلته بها إياها وكأنها تقول له..
  • إرحمنى يا أبو عيون جريئة …
    وقد رد عليها العاشق ولكن ليس بلسانه بل بقلبه ومن داخله مهموما وبنظراته السريعه لتعبر عن حال لسانه وهو يقول لها..
  • ولكن بعد إيه..
    وفجأة رد صوت الضمير للعاشق و يقول له :
  • أيها العاشق أول مرة ..وآخر مرة تراها وتتكلم معها وتنظر إليها واتركها أيها العاشق لسبيل حالها وآلامها ومستقبلها ، هذا إن كنت حقا تحبها وتعشقها بكل قوة ، حب طاهر، عفيف ، شريف ، نقى ، وتوبه … تحبها تانى وتسبب لها آلاما مرة أخرى ..
    وهكذا مرت اللحظات كانها سنوات حتى أن تشجع العاشق اخيرا وأوقفها بالطريق وهى تنظر اليه بخجل وحزن وإنكسار بداخله وهم كبير وحسرة على حبها الضائع معه وقال لها..
  • أرجوكى أرجوكى بلاش العتاب ، لأن العاشق دائما مغرور.. ويقولوا عنه كل من يعرفه وتعامل معه أنه رومانسى ولكن متكبر ومريض دائما بمرض الكبرياء والكرامة وعزة النفس حتى فى الحب ذاته
    وأخيرا عاجلا أم آجلا فى يوم فى شهر فى سنه … ان شاء الله سوف يرفع الله الظلم عن المظلوم وسينتصر سيف الحق والحب الطاهر ويعود العاشق بهذا الحب العفيف الضائع فارسا على جواده فوق رؤس جميع الحاقدين الضاليين المضلين رغم أنفهم جميعا وسيتخطى هذا العاشق جميع العقبات وسوف يذلل المستحيل ولا عزاء للمنافقين وسوف ينتصر على الحاقدين والحاقدات وكن مطمئنا ايها العاشق ، و أى دمعة حزن لا لا لا..
    ..فوالله سوف تفوز بحبيبتك ومعشوقتك ومحطمة قلبك وفؤادك إن شاء الله وهذا ما قد عرفته لك أيها العاشق الولهان من قارئة الفنجان ..للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى