تقارير و تحقيقات

القطار الروسي.. من وسيلة مواصلات إلى سوق للغلابة ومنصة للتعارف

عندما تستقل القطار الروسي، وكأنك تجلس في سوق متنقل يسير على قضبان السكة الحديد، مابين باعة الشاي والمياه المعدنية في زجاجات تكاد تكون مستخدمة من قبل، وبين باعة الشيبسي والبسكويت والسندويتشات والمخبوزات، بجميع انواعها وسماعات الهواتف المحمولة، ناهيك عن باعة الملابس والمصنوعات الجلدية كالأحذية والاحزمة.

بلا أدنى شك أنت في سوق متنقلة، بأصوات مزعجة تنادي على البضائع الرخيصة متوسطة الجودة، ولكن تلك المشاهد تعتبر مرتعا للأوبئة والامراض المُعدية، نظرا للزحام الشديد، ما اضطر البعض إلى الدخول في مناقشات حول الجودة والسعر واحيانا عن مدى تطبيق منظومة النظافة وعدم انتقال العدوى، سواء في شق المأكولات والمشروبات، أو حتى في ما يتم “قذفه” على أرجل الناس ليتفحصوا “البضاعة”

بائع الشاي:

من بين من تجاذبنا معهم أطراف الحديث “علي” بائع الشاي: “ليس لدي مهنة أخرى غير بيع الشاي في القطار، فأنا أستقله من السادسة صباحا وحتى آخر الليل، أبيع الشاي للركاب الكوب ب2 جنيه، فهو يفضل ذلك عن انتظاره في المحطة ويطلبها من المحطة بسعر مضاعف، وبذلك اكون وفرت له، وأنا متزوج حديثا ولكن فرص العمل الأخرى عائدها المادي محدود، ودخلي المادي من بيع الشاي في القطار طوال اليوم يكفيني”.

بائع سماعات الهاتف:

من بين المشاهد اللافتة للنظر أن القطار لا يضم باعة المأكل والمشرب فقط نظراً لطول المسافات، إلا أنه يضم أيضاً “منتجات تكنولوجية” فهذا بائعفهذا بائع للسماعات، وثاني يبيع “باور بانك” وآخر يبيع “كشافات إضاءة”، فسألنا بائع السماعات عما جعله يتجه لاتخاذ القطار منصة لعرض بضاعته: “أبيع السماعة ب10جنيهات، والراكب يفضل شرائها من القطار نظرا لثمنها الزهيد، لكن عندما يشتريها من السوق فالأسعار ستتضاعف وتصبح مبالغ فيها، معبرا “ما هو إنتي عارفة يا استاذة الناس ما بتصدق تلاقي حاجات رخيصة كدا، واللي هايركب القطر الروسي اكيد غلبان”، نحن معنا اولادنا شباب ونشعر بإحتياج الغلبان”.

بائع السندوتشات:

عم احمد بائع السندويتشات، رجل مسن، يتكئ على عكازه، يقول: “لدي من الأولاد 6، منهم ثلاثة متزوجين وأسعى على لقمة العيش لأكفي متطلبات الحياة لأولادي الآخرين، وإن كنت مريض اتنقل بين القطارات بصعوبة نظرا لمرضي وليس لدي ما يغنيني عن ذلك، متابعا اصحى من الفجر وابدأ في عمل السندويتشات، بالجبنة او الطعمية والسلطة والباذنجان والبطاطس”.

مناخ خصب للعدوى:

من جهة أخرى قال أحد الركاب: “أنا مراقب في الثانوية العامة، وأعاني من الازدحام والضوضاء بالقطار، فهو ارخص وسيلة للموظف الذي ينتقل يوميا من بلده الى مكان عمله في بلد آخر، لافتا إلى عدم نظافة القطار، وماينتج عن ذلك من نقل للمرض والعدوى والفيروسات، فالقطارات رخيصة السعر غالبا ما تكون ملوثة ببقايا اكياس الشيبسي والبسكوت، وأكواب الشاي الفارغة تراها ملقاه اسفل مقاعد الركاب، ناهيك عن الروائح الكريهة جراء التكدس”.

وأضاف: “المواصلات بهذا الشكل غير آدمية على الإطلاق، ونحن لا نُحارب الباعة الجائلين، ولكن يجب ان يسود النظام تحت إشراف الدولة للحد من تلوث القطارات ووسائل المواصلات الحكومية بشكل عام، بسن قوانين وعقوبات رادعة لمن يتخلف عن تطبيقها سواء من الركاب او من الباعة، لأن النظافة ليست خيارا لشخص دون الآخر، إنما هي فرض وجزء من ثقافة المجتمنع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى