عرب وعالممقالات

انتبه من المشي إلى الخلف

بقلم: عبد الستار حتيتة
في هذا العالم الجديد أنت تحتاج إلى الأسطوانة الصوتية القديمة التي كانت توضع في السيارات، وتقول، حين تقرر الرجوع للوراء: انتبه السيارة تسير إلى الخلف.
يضع التدفق المعرفي مسؤولية على من يعملون في هذا المجال. إنهم الصحفيون. لكن السرعة إلى الوراء كبيرة. وتبدو أكبر من قدرة الصحفيين.
هل تصدق أنه بعد عقود طويلة من وضع تعريف للصحفي، تعود اليوم لتسأل نفسك: من هو الصحفي؟ نعم.. فقد اختلط الحابل بالنابل.
أقول مرة أخرى إن الصحافة تختلف اختلافاً جذرياً عما يقال على مواقع التواصل الاجتماعي. من بين الفروق الكثيرة، أن الصحافة مسؤولة، وما يقال على التواصل الاجتماعي، غير مسؤول.
حين تكون صحفياً وتكتب خبراً أو تحقيقا، فإنه يمر عبر سلسلة من العيون والعقول. رئيس القسم. نائب رئيس التحرير، المشرف العام. المدقق اللغوي. وهكذا.. إلى أن يقرر رئيس التحرير نشره أو عدم نشره.
أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فأنت حر.. يمكن أن تقول ما تشاء، ويمكن أن تكذب. يمكن أن تحرِّض، وتدعو للفوضى. يمكن أن تلوي ذراع الحقائق.
المشكلة اليوم تكمن في التأثير العكسي. أي تأثير طريقة عمل وسائل التواصل، الفوضوية عادة، على الصحافة والإعلام عموماً. وهذا من السهل إدراكه في العالم العربي.
صحفي يريد أن يكتب بِحُرِّية مثل حرية الشخص المختبئ، بلا مسؤولية، وراء الشاشة. معلق عنصري، مثلما يجري في مباريات قطر 2022. برنامج تليفزيوني يسعى لتحقيق الانتشار، دون وعي، وهو ينافس الأكاذيب على التواصل الاجتماعي.
إنه عالم عربي يمشي إلى الوراء. عالم ربما كان في حاجة إلى المراجعة! لكن كلما كان هناك تقييد لعمل وسائل التواصل الاجتماعي، كلما زاد الصراخ، وارتفعت وتيرة الألاعيب السياسية من الداخل والخارج.
ما زالت المسؤولية تنحصر في بعض الأجهزة الأمنية. هذا في رأيي يفوق قدرتها. ويتخطى إمكانيات بضع نقابات مهنية، أيضاً. الأمر يتطلب وعياً. ويحتاج إلى من يرفع صوت التحذير: انتبه الإعلام يسير إلى الخلف.. انتبه العالم العربي يمشي إلى الوراء! َ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى