تقارير و تحقيقات

بدأت من المنيا.. الروائي “محمد المغربي” يُبحر في عوالم رومانسية “مُخيفة”

أجرت الحوار- دعاء علي:

انجبت محافظة المنيا العديد من المشاهير والقادة والروائيين، الذين ولدوا وتربوا على ارضها، مثل عميد الادب العربي طه حسين و الملحن الفنان عمار الشريعي، وهدى شعراوي، ناشطة نسوية شاركت في الاستقلال الوطني لمصر ، والعديد ممن شاركوا في محافل عالمية و اثروا الحياة الفكرية والثقافية.

الكاتب محمد المغربي، مُفكر روائي مصري من مواليد مدينة ملوي بمحافظة المنيا، حصل على ليسانس دارالعلوم وليسانس الحقوق، ذلك لأنه كان شغوفا بدراسة الأدب والقانون، بدأ مسيرته منذ عشر سنوات، ورغم تأخره في دخول الحقل الأدبي إلا أن انتاجه الأدبي ظهر سريعا بنشر مقالات صحفية أدبية ونقدية بل ومقالات رأي في العديد من الدوريات المصرية والعربية، وله العديد من القصص القصيرة مثل “خبيئة مع الله، وعناق بعد حداد، وأحلام ميت، وقلب مفتوح” المنشورة في مجلات عربية مشهورة.

 بعدها بدأ بكتابة الرواية وقدم لنا أول مولودٍ روائي له رواية”هبرة بنت دمرة”والتي جاءت بعد مخاضٍ طويل، أطلق الكاتب فيه لخياله العنان، ليبحر بقارئه في محيط عوالم خفية قد تبدو مخيفة للبعض وهو عالم الجن.

ـ كيف دخلت لعالم الكتابة.. ومنذ متى وأنت تكتب وما هي مرجعيتك الثقافية؟

في الحقيقة أنا أعشق الكتابة منذ كنت طفلاً صغيراً، فكنت موهوباً في كتابة موضوع التعبير في المدرسة، وأتذكر أن معلمي كان يصفق لي عندما أقرأ موضوع التعبير الذي كتبته أمام زملائي، بعدها بدأت أقرأ الألغاز والرويات البوليسية كسائر الفتيان، أما بخصوص مرجعيتي الثقافية فأنا أؤمن بأن الكاتبَ خليطٌ  ممزوج من الموهبة الموروثة جينياً، والتي يُولد بها الكاتب، ومن مفردات يكتسبها من تجارب حياتية يراها ويتعايش معها، ومن قراءته للتراث الديني والتاريخي القديم.

بالإضافة لقراءة كتب العمالقة من الكُتَّاب والأدباء، وقد كنت مولعاً بأسلوب د.”نبيل فاروق”رحمه الله في الكتابة، والذي لا أنكر فضله في أنه صنع مني كاتباً، فلقد تأثرت كثيراً بمفرداته، وجمال سرده، وتشبيهاته البليغة، وخياله المقنع، بعدها شغلتني الحياة سنوات لأعود مرة أخرى واكتب على صفحتي الشخصية عام 2011 “منشورات رأي “لاقت استحساناً من بعض الصحفيين، ليتطور الأمر سريعاً، وتنشر مقالاتي في مواقع إليكترونية، ثم جرائد ومجلات مصرية وعربية.     

 ـ رواية “هبرة بنت دمرة” والتي صدرت لك مؤخرًا هل سبقتها أعمال قصصية؟.. حدّثنا عن أعمالك الأدبية وما هي الدوريات التي تكتب فيها؟

“هبرة بنت دمرة” هي أول عمل روائي منشور لي، لكن سبقها كتابة العديد من القصص المنشورة في جرائد ومجلات معروفة، لكني اعترف بأني تأخرت كثيراً في كتابة الرواية خاصة أني أجيد السرد والحكاية بطريقة مثيرة ومشوقة، أما بخصوص الجرائد والمجلات التي اكتب فيها أذكر منها مجلة “الشارقة الثقافية” ومجلة “الوعي الإسلامي” ومجلة”حراء” و”المجلة العربية” ومجلة “الحرس الوطني” ومجلة “الشرارة” العراقية، وجريدة “الكويتية” و”الوطن” السعودية و”الأيام” البحرينية و”الشعب” و”التحرير” الجزائرية و”البيان” المغربية، بالإضافة لكثير من المواقع المصرية والعربية.

ـ جمعت بين فنِّي القصة القصيرة والرواية فأيهما تميل له؟

بالرغم من نجاحي في كتابة ونشر نتاجي من القصة القصيرة، بل وحُوِّلت بعض أعمالي من القصة القصيرة لفيديو بالأنيميشن في قناة “حكايات” التي يتابعها على اليوتيوب ملايين الأشخاص، إلا أني أشعر بمتعة ونشوة كبيرة حين اكتب الرواية، ويبدو أن سبب ذلك هو حبي للسرد حتى أنكِ تشعرين بوجودي بين أبطال الرواية حين تقرئين روايتي، وكثيراً ما أتدخل في ثنايا الحوار سارداً وهو ما يسمى “بالسارد العليم” كما أنَّ كتابة الرواية خالية من القيود والحواجز فيستطيع الكاتب إخراج كل ما في جعبته من فنون اختيار التيمة ثم بناء أشخاص الرواية والسرد بطريقة رشيقة لا تخلو من الإثارة والتشويق وتبتعد عن الرتابة والملل.

ـ لفت نظري عنوان الرواية الغريب والمخيف في نفس الوقت والذي أظهره صورة الغلاف للفتاة الجنّية العاشقة المخيفة والجميلة في آن واحد.. هل الرواية رومانسية أم مرعبة؟

الرواية تصنف من الروايات الغرائبية، فهي فنتازيا تجمع بين الرومانسية والرعب، ورغم وجود مشاهد مخيفة بها إلا أني لا أميل لتصنيفها من رويات الرعب، فقد استعنت ببعض مشاهد الرعب ليتناسب مع هذا العالم المخيف،”هبرة” هي جنية عاشقة عشقت إنساناً، ونجحت في السيطرة عليه وسببت له مشاكل كثيرة، دارت أحداث الرواية في زمكانية بين عالم الإنس والجن لا تخلو من الإثارة والتشويق، وقد كتبت هذه الرواية بتكنيك سينمائي بنظام المشاهد، فعندما تقرأيها تشعرين بأنك تشاهدين فيلماً سينمائياً.

ـ هل تعني أن رواية “هبرة بنت دمرة” قد تتحول يوماً ما لعملٍ درامي؟

بالطبع الرواية مؤهلة لذلك، وأتمني أن تتحول لعمل درامي خاصة أنَّ الأعمال الفنية الخاصة بالجن والسحر حاليا تلقى رواجاً  كبيراً عند شركات الانتاج السينمائي، ولعلك لاحظت تعدد المسلسلات التي جسدت هذا العالم الخفي وقدمته للمشاهد خلال السنوات القليلة الماضية.

ـ رواية “هبرة بنت دمرة” كما ذكرت فنتازيا خيالية من الرومانسية والرعب هل تميل في جميع كتاباتك إلى الخيال والقصص المستحيل حدوثها؟

في رأيي أن الكاتب المائز هو الذي يقدم الواقعية الصلبة وأزماتها ويطوعها بخياله المرن في نصه الأدبي، والذي يجب أن يكون مقنعاً للقارئ فيجعله متعايشاً مع النص، فمثلاً”الجن”عالم واقعي حقيقي، والجن العاشق أيضا موجود، وقد يظن البعض أنَّ هذا الأمر شعوذة ودجل، لكني أزعم أني نجحت في روايتي في إقناع القارئ بحقيقة وجود هذا العالم من خلال ما طرحته من مشاهد تمثيلية بتكنيك سينمائي.

ـ هل يعني هذا أنَّ روايتك الجديدة هي نتاج قصة حقيقية أو تجربة ربما عايشتها جعلك تكتبها في رواية؟

لا يشترط أن يكون العمل الأدبي فيه من صاحبه، أو أنه يحكي تجربة شخصية عاشها فكما قلت لك سابقا: الكاتب هو نتاج تجارب حياتية شَهِدَ أحداثها من خلال أبطالها الحقيقيين في الواقع، فيشخص ما رآه على أبطال روايته، وربما نسج تيمة الرواية كاملة من خياله المحض، لكن لابد أن يكون خياله متأثراً بواقعٍ مواز رأه أو سمعه، لذلك أرى رواية”هبرة بنت دمرة”رواية خيالية مستوحاة من واقع مواز موجود، حتى أن بعض أبطالها أحياء يرزقون.

ـ هل رواية “هبرة بنت دمرة” هي أول رواية لك في معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ ومتى نرى وليدك الثاني؟

بالفعل هي أول رواية لي في معرض القاهرة الدولي للكتاب، لكني انتهيت بالفعل من كتابة روايتي الثانية وهي تحت النشر، وقريبا إن شاء الله صدورها.

ـ وسط تزاحم المبدعين من الروائيين في الوطن العربي وخاصة مصر ما رأيك في أجواء المنافسة بينهم؟

بلاشك أن المنافسة بين المبدعين صعبة خاصة عندما يكون عددهم كبير جداً، كما أن للرواية كتاباً معروفين مخضرمين لهم قراء ينتظرون أعمالهم ليقرأوها، لكن جودة العمل وحبكته من ناحية السرد والتشويق والبعد عن الرتابة والملل وعدم وجود أخطاء لغوية أو نحوية، كل ما سبق يجعل العمل يفرض نفسه ليكون مؤهلاً لأن يخوض المنافسة مع غيره بل وينجح، لكن دعيني أصارحك بالمشكلة الحقيقية وهي”أزمة القراءة “فالشباب حاليا جيل عازف عن القراءة، وليس حريصاً على شراء واقتناء الكتب كما كان الحال مع أبناء جيلي، وقد يكون سبب ذلك هو متابعتهم للقراءة والتصفح من شبكات الانترنت والتواصل الإجتماعي.

ـ في النهاية ما هي نصائحك للكُتَّاب الجدد حتى يصيروا مبدعين؟

أنصح أي كاتب جديد أن يقرأ ويزيد من مخزونه المعرفي من المفردات والألفاظ حتى يتسنى له إعادة تدويرها بأسلوبه هو، فالكتابة هي نتاج قراءات قديمة سواء كانت من كتب التراث أو من كتب أدباء محدثين، كما أنصحه بأن يكون طموحاً واضعاً هدفه دائما نصب عينيه، ويسعى لتحقيقه، وأن يجعل من المعوقات بشتى أنواعها دوافع تدفعه ناحية القمة، ولا يلتفت لحاقد أو ناقم يثنيه عن نجاحه بل يواصل طريقه، ويتحلى بالإيمان والصبر.                             

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى