اقتصاد

تنامى توقعات انخفاض أعداد السكان بالصين

كتبت- هبة عوض: 

أصدرت وكالة التصنيف الائتماني، ستاندرد أند بورز، تقرير يتوقع استمرار انخفاض أعداد السكان في الصين في سن العمل بنحو 0.2% سنويا حتى عام 2030، فيما أعلنت الحكومة الصينية عن تسجيل  10.4 مليون حالة وفاة مقابل 9.6 مليون ولادة جديدة خلال العام الماضي، وهي المرة الأولي التي تسجل الصين انخفاض في عدد السكان منذ ستينيات القرن الماضي، رغم المحاولات الحثيثة من الدولة لتقليص سياسة «المولود الواحد» التي اتبعتها منذ عام 2016 .

ساهمت سياسة الطفل الواحد والتي شرعت الصين في تطبيقها خلال الفترة من 1980 وحتي 2015 إلى إحداث خلل كبير في التركيبة الديموغرافية للبلاد، إذ بلغ عدد السيدات 690 مليون مقارنة بنحو 722 مليون للرجال، فيما ساهم التكلفة المرتفعة لتربية الأطفال، وطول مدة العذوبة في انخفاض عدد السكان، لاسيما وأن الكثيرين في عدم قدرتهم على تحمل أعباء أطفال إضافيين.

ويتوقع الخبراء أن تراجع أعداد السكان داخل الصين يمكن أن يفرض نزيد من الضغوطات على الاقتصاد، الذي ربما لا يتوقف عند حد التأثير الداخلي بل يمتد ليطال الاقتصاد العالمي بأكمله، نظراً لما تشكله الصين من قوة اقتصادية عظمي، لذا فإن انخفاض أعداد السكان يؤثر بصورة مباشرة على قطاع التصنيع الذي ربما يواجه انكماش ينعكس بدوره على أسعار السلع التي تواجه ارتفاع بالفعل نتيجة التضخم. 

وقال أبو بكر الديب، الخبير فى الشأن الصينى، إن انخفاض أعداد السكان سيكون له تداعيات على معدلات الاستهلاك، لاسيما وأن الاستهلاك المحلي المتزايد والمرتبط إلي حد كبير بالكثافة السكانية بات يؤثر بشكل كبير في معدلات النمو، الأمر الذي يهدد التوسع اقتصادياً بما يحقق معدلات النمو المرجوة.

وأضاف أن معدلات نمو الاقتصاد الصيني بلغت %3 العام الماضي، ما يعد ثاني أبطأ وتيرة للنمو منذ 4 عقود، إذ سجلت معدل نمو بلغ %2.4 خلال عام 2020 نتيجة تداعيات جائحة كوفيد 19 ومايترتب عليها من إغلاقات، غير أنها عادت لتسجل في عام 2021 معدل نمو بلغ  8.1%.

وبدوره أشار الدكتور محسن خضير، الخبير الاقتصادي، إلى أن انخفاض معدلات الاستهلاك المحلي داخل الصين المدعوم بالكثافة السكانية، بات يهدد مكانتها الاقتصادية باعتباره محرك أساسي للنمو، ويعول عليه في المستقبل، غير أن تضاؤل أعداد السكان وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض مستويات الدخل داخل الصين مقارنة بدول أخري ربما يدفع نحو تباطؤ معدلات النمو التي يقودها الاستهلاك في الداخل.

وأوضح أن انخفاض أعداد السكان يعد أمر شائع داخل الدول التي تتمتع بمستوي دخل مرتفع مثل اليابان والذي يمكن أن يرفع بالتبعية من دعم الحركة الشرائية نتيجة العباءة الملاية للمواطن، إلا أن الأمر يختلف داخل الصين، إذ ستؤثر مستويات الدخل المتوسطة وانخفاض أعداد السكان بالضرورة على معدلات النمو. لم تنجح في تقويض الأمر ، لاسيما مع ارتفاع تكلفة تنشئة الأطفال على الكثير من الشباب الذي يري صعوبة في تحمل تكلفة إنجاب أكثر من طفل، لافتاً إلى أن الجائحة أثرت على توجهات الشباب فيما يخص الإنجاب.

وشدد على أن النمو الاقتصادي يعتمد بالدرجة الأولي على نمو الإنتاج، لذا فإن الصين بحاجة إلى معالجة البطالة بين السكان داخل الريف والحضر على حد سواء، بما يسهم في إبطاء الآثار السلبية الناجمة عن انخفاض أعداد السكان خلال السنوات المقبلة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي سيلعب دور حاسم في زيادة الإنتاجية خلال المرحلة المقبلة، الأمر الذي يمكن أن يحول دون دفع معدلات النمو إلى الانخفاض ويعوض من تراجع أعداد السكان في الوقت ذاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى