تقارير و تحقيقاتعرب وعالم

تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.. هل اقتربت حرب عالمية جديدة؟

مروة محي الدين

تتزايد المناوشات الروسية على الحدود الأوكرانية خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك مع نشر روسيا لقوات بأعداد كبيرة بلغ تقديرها بنحو 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية مطلع الشهر الجاري، أعقبتها بتعزيزات جديدة في بلاروسيا على الحدود الأوكرانية قُدِرَت بنحو 30 ألف جندي، عملًا على فرض عدة مطالب لها جاء في مقدمتها رفض انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسحب الولايات المتحدة قواتها في أوروبا الشرقية على الحدود مع روسيا…

دخان الأزمة يلوح من تحت الرماد

المطالب التي لم تلق قبولًا من الغرب- بسبب ما أعلنته من امتلاك (الناتو) سياسية منفتحة ترحب بقبول الدول الراغبة في الانضمام إليه، حولت كل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تهدئة الوضع إلى فقاعة هواء لم تفضي إلى عمل مجدي.

ومع إخفاق تلك الجهود أعلنت الولايات المتحدة -أوائل فبراير الجاري- إرسال ثلاثة آلاف جندي إلى أوروبا الشرقية نصرةً لحلفائها، الأمر الذي وصفته روسيا رسميًا بالهستيريا، ورحب به الغرب الذي رأي أنه خطوة صريحة لدعم الولايات المتحدة للناتو..، ليعود الثعلب الأمريكي في مواجهة الدب الروسي من جديد، إذ لم تكتف واشنطن بهذا التحرك وهددت بفرض عقوبات جديدة على موسكو حال ما تحركت لغزو روسيا، تضاف إلى سلسلة عقوبات اقتصادية كانت قد فرضت على موسكو إبان احتلالها شبه جزيرة القرم عام 2014، ودعم الحلفاء الأوروبيون الولايات المتحدة في ذلك، معلنين الدعم الصريح لأوكرانيا والناتو ضد روسيا، على الرغم من كون موسكو المورد الرئيسي للطاقة في أوروبا.

ولم تعتد موسكو بكل هذه التهديدات والتحركات واستمرت في الإصرار على مطالبها، ومع كثافة المساعي الدبلوماسية لتهدئة الوضع، كثفت روسيا من قواتها على الحدود الأوكرانية حتى بلغت في بعض التقديرات الأمريكية 150 ألف جندي، ما دفع الرئيس الأمريكي نهاية الأسبوع الماضي إلى مطالبة الرعايا الأمريكيين في أوكرانيا مغادرة البلاد، وصرح بأن “أن الأمور قد تصل سريعًا حد الجنون” في المنطقة، وهو القرار الذي اتخذته عدة دول غربية أخرى، على الرغم من أن أيا من تلك الدول لم تعلن خطة صريحة لإجلاء رعاياها. وأوقفت العديد من شركات الطيران الأوروبية رحلاتها إلى أوكرانيا، بينما قصرت أخرى رحلاتها على أوكرانيا لإجلاء الرعايا الأوروبيين من هناك.

خسائر غُض الطرف عنها:

الأزمة الأوكرانية التي وصفها رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” – الخميس الماضي- بأنها الأزمة الأمنية الأكبر التي توجهها أوروبا منذ عقود، ألقت بظلالها القاتمة على حركة الاقتصاد، إذ انهارت قيمة العملة الروسية (الروبل) في البورصة -الإثنين الماضي- بفعل التحذيرات بعقوبات اقتصادية، كما تراجعت مبيعات الأسهم في بورصة “وول ستريت” -أمس الأربعاء- بسبب الأزمة المتوقعة التي دعت الجميع إلى مزيد من الحذر، كما دعى ذلك التوتر منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى اتخاذ قرار بخفض تدريجي لإنتاجها منذ قرابة أسبوعين، على خلفية ارتفاع أسعار النفط في ظل التخوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، حيث تهدد احتمالات الغزو جزء كبير من تدفقات النفط الروسي، إذ تأتي روسيا على رأس الدول المنتجة للنفط.

ومع تفاقم الأزمة اشتدت حدة التصريحات بين الأطراف المعنية حتى قال الرئيس الأمريكي “جو بايدن” -السبت الماضي: إن الغرب سيرد بحزم على أي محاولة لغزو أوكرانيا، وخرج الصراع وشيك الحدوث -على الأرض- من تحت الرماد لصراع حقيقي حاضر في التصريحات المتبادلة للدول المتحالفة مع الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا، استمرت فيه الولايات المتحدة وحلفائها باتهام روسيا باختلاق الذرائع لغزو أوكرانيا، بينما ردت روسيا باتهام هذه التصريحات بأنها هستيريا منجرفة.

هل هي حرب عالمية جديدة؟

اليوم -الخميس- تبادل المتمردون المدعومون من روسيا الاتهامات مع القوات الأوكرانية، بأن كلا منهم أطلق النار عبر خط وقف إطلاق النار شرق أوكرانيا، وذلك عقب تحذيرات غربية بغزو روسي محتمل في أي وقت، وهو ما قد يتوافق مع ما أعلنه مراقبون أمريكيون -في وقت سابق- باحتمال بدء الغزو الروسي نهاية الأسبوع الجاري، عبر اختلاق ذرائع لبدء الغزو – كما أعلنت الإدارة الأمريكية سابقًا.

حالة التراشق في التصريحات أعادت للأذهان مشاهد الحروب العالمية في القرن الماضي، إذ تقود الولايات المتحدة تحالفًا صريحًا ضد الموقف الروسي، بينما تضرب روسيا بكل الجهود الساعية إلى تجنب ويلات الحرب عرض الحائط، وتصر على موقفها الذي يهدد ضمنيًا بتدخل عسكري وشيك، فهل تعود مشاهد الحربين العالميتين الأولى والثانية من جديد في أوائل القرن الواحد والعشرين؟، وتكون مناوشات المتمردون هي الرصاصة التي قتلت ولي العهد النمساوي الأرشيدوق “فرانز فرديناند” وزوجتة وتسببت في قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914م؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى