غير مصنف

جدل واسع حول مقترح «نصف الثروة للمُطلقة».. وعلماء: باطل وخراب للبيوت

الأزهر: مقترح فاسد وخاطئ ويساهم في تدمير البيوت

لجنة الفتوى: دعوى ليس لها دليل في الشرع وتساعد على انتشار الطلاق

داعية إسلامي: هذا المقترح يخالف الشريعة ولا يجوز الاجتهاد مع النص

تحقيق: محمد الطوخي ومحمد أبو المنصور

أثارت التصريحات الأخيرة التي أطلقتها عبير الإنصارى، رئيس نادى المطلقات، فى إحدى البرامج التلفزيونية حول مقترح أو دعوى إعطاء الزوجة نصف ثروة الزوج فى حالة الطلاق، حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

المقترح أحدث موجة سخرية واسعة وفتحت أبوابًا للجدل بين كثير من النشطاء، خلال الساعات الأخيرة، فضلا عن حالة الانتقاد الواسعة التي طالت تلك الدعوى بمجرد انتشارها، وقيام بعد المهتمين بحقوق المرأة بتأييد هذا المقترح باعتباره يحافظ على حقوق المرأة بعد الطلاق، وخاصة بعد انتشار حالات الطلاق في المجتمع، فكان لابد من وضع مقترح قانون يحافظ على حقوق المرأة من الضياع على حد وصفهم.

ومن بين مؤيدي الفكرة، قالت مؤسس حملة أمهات تصنع المستحيل لمياء بسيونى، إنها مع فكرة أخذ الزوجة نصف ثروة الزوج حال الطلاق لأنها ستقلل من الذهاب للمحاكم وتحفظ حقوق المرأة من الضياع.

على الجانب الآخر، هاجم المحامي عصام عجاج، الفكرة بشراسة وقال إن هذا المقترح دعوة هزلية عبثية، وتحريض على الفحشاء للرجال والسيدات دون زواج فضلًا عن كون تلك الدعوة ستشجع الزوجات للتمرد والنكد على الأزواج للحصول على ثروة الرجل.

وكانت الدكتور آمنه نصير، عضو مجلس النواب سابقًا وأستاذ العقيدة والفلسفة، قد أطلقت تصريح من قبل طالبت فيه بوراثة المرأة نصف ثروة زوجها بعد مماته جزاء خدمتها لأسرتها وتفرغها لها لسنوات طويلة، وطالبت بأن تقاسم المرأة زوجها ثروته شرط أن تكون متفرغة للبيت، وأن باب الشرع مفتوح للاجتهاد ولم يغلق.

رأي الدين في المقترح

تواصلت “اليوم” مع بعض علماء الأزهر لمعرفة رأى الدين والشرع في تلك الدعوى والمقترح الذى آثار الجدل على مواقع التواصل بين مؤيد ومعارض وهل يجوز شرعا أن تحصل الزوجة على نصف ثروة الزوج حال الطلاق؟

يقول الدكتور أحمد الجهيني، أحد علماء الأزهر الشريف، إن هذا المقترح كلام باطل يخالف شرع الله، ومن يدعى أنه يأتي بشيء جديد لم يكن فى شريعة الإسلام، فقد اتهم الشريعة بالنقصان، وحاش لشريعتنا أن تكون ناقصة، قال تعالى ” وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا”.

وأضاف الجهيني فى تصريح خاص لـ”اليوم” ينبغي أن يعلم الجميع أن شرع الله كاملا غير منقوص لقوله تعالى ” مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ”.

وتابع أن من يدعي بأن هذه الدعوى أو هذا المقترح هو حفظا لحق المرأة، فهذا ادعاء فاسد وخاطئ، لأن الذى جاء بحق المرأة هو الله عز وجل، لقد كانت المرأة قبل الإسلام لا ترث، وكانت سلعة تباع وتشترع وكانت لا قيمة لها، فجاء نور الإسلام وأعلى شأن المرأة، وكرم ذكرها، فجعلها أما نبرها وعمة وخالة نصلها وجعلها زوجة لها كل الود والمحبة وجعلها بنتا ننفق عليها ونحافظ عليها ونرعاها.

أوضح أن الإسلام جعل للمرأة مكانة كبيرة وعظيمة، ولا ننسى حديث النبى صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صاحبتى قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك، وعلى هذا ينبغي أن يعلم الجميع أن كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا تنزيل رباني من كتاب وسنة.

رد الجهيني على من يقول أن هذا المقترح قائل به ممن درسوا في الأزهر أو غيره قال تعلمنا أن الحق لا يعرف بالرجال الحق لا يعرف بالأسماء ولكن الحق يعرف بالدليل إنما ندور مع الدليل حيث دار وقال قديما علماؤنا أمثال الأئمة الأربعة مالك وأبوحنيفة والشافعى وأحمد وغيرهم قالوا جميعا إذا جاءك كلامنا بغير دليل فأضرب به عرض الحائط وإذا جاءك كلامنا بالدليل فأقبله.

أشار الدكتور أحمد الجهينى، إن الشرع الحنيف يراعي أن تكون البيوت في أمن وآمان وسعادة فمثل هذا المقترح الذى يعارض شرع الله عزوجل سيكون سببا فى خراب البيوت وفى تدمير البيوت لذا علينا أن ننتبه وعلى المرأة المسلمة ألا تفرح لمثل تلك الدعاوي الباطلة فمن تقبل بهذا تقبل بهواها ولا يصح أن تقبل المرأة فيما يعارض شرع الله تعالى قال تعالى “أفرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا “

واستطرد: “وعلى هذا لابد أيضا أن نعلم أن التشريع الرباني جعل للمرأة نصيبا وقدرا إذا طلقت قبل الدخول بها وجعل لها نصيبا إذا طلقت بعد الدخول بها وهذا قسم قسمه الله عزوجل لقول تعالى “إِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ” فالشرع أعطى المرأة حقها فإذا مات الزوج فللمرأة نصيب وإن كانت أما ومات ابنها فلها نصيب فى الميراث وإن كانت بنتا فلها نصيب فالله تعالى هو الذى قسم الميراث أو فى حالات الطلاق فلا نفتئت على شرع الله”.

أما الدكتور أبو اليزيد سلامة، الباحث الشرعي بمشيخه الأزهر للفتوى، فقال إن مقترح أو مطالبات البعض بجواز تحصل الزوجة على نصف ثروة الرجل فى حالة الطلاق  مثل هذه الدعوات تمثل إعجابا بقوانين الغرب التي تقوم على تفكيك الأسر وتفرقها.

وأضاف سلامه خلال تصريح خاص لـ “اليوم” أن الإسلام جعل لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة فليس للرجل نصيب من مال زوجته حال حياتها وليس للمرأة حق في مال زوجها حال حياته إلا في النفقة من المأكل والمشرب والمسكن والملبس والدواء بالمعروف اللائق بمكانتها.

وعن فكرة نصف الثروة فأكد الباحث الشرعي، بأنه ليس لها دليل في الشرع وليس فيها أي مصلحة بل سوف تساعد على انتشار الطلاق، فالمرأة التي كانت تصبر من أجل أولادها سوف تطالب بالطلاق للفوز بالثروة.

أوضح الباحث بمشيخة الأزهر للفتوى مثل تلك الدعاوى أنا أرفضها شكلا ومضمونا، وهذا لأن هذه الدعوات باطلة تمثل اتباعا للفكر الغربي  وليتنا نتعلم منهم العلم النافع للبشرية بل إننا نتبعهم في أسوأ عاداتهم التى تحايلوا هم عليها.

واستشهد سلامة، بحديث ورد عن، أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ”.

وقال الباحث الشرعي، أنه يدعوا الأزواج لتطبيق وصية النبي صلى الله عليه وسلم فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي.

من جانبه أكد الدكتور محمود هيكل الداعية الإسلامي، أن هذا المقترح مخالف للشريعة الإسلامية ولا يوجد نص فى التشريع يبين هذا الأمر، لأن المرأة لاحق لها فى أملاك زوجها إلا النفقة فى حياته يعنى الزواج وإذا طلقت له أن ينفق عليها حتى تنتهي العدة ثم تأخذ صداقها أو ما تبقى من صداقها.

وأضاف هيكل خلال تصريح خاص لـ”اليوم” هذا المقترح لا يوجد فى ديننا بل هو فى قانون الغرب، أما نحن فنتبع الشرع والشارع الكريم قد بين وحدد هذه الحقوق كما بين النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى الحديث “إن الله قد أعطي كل ذى حق حقه” فالإنسان يلتزم ب قال الله قال الرسول ولا يلجأ إلى قوانين أو مقترحات أو دعاوى تخالف الشريعة كما قال ربنا فى كتابه ”  فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ”  

أوضح هيكل أن هذا الأمر حتمي بمعنى أن الشرع حدده وأصله وانتهى فيه الكلام ولا يجوز فيه اجتهاد بشر ولا تدخل قوانين وضعية لأن هناك ثوابت لا يستطيع أي أحد كائنا من كان أن ينفيها فلا يجوز اجتهاد مع نص كما قال أهل العلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى