فن ومنوعاتمقالات

حكاية مايكل محمد

بقلم: عبد الستار حتيتة
يعيش مايكل محمد، في هولندا، ويبلغ من العمر 26 عاماً. وتم إرساله إلى السجن، منذ خمسة شهور، لكي يقضي فيه 10 سنوات. لقد أدين باستخدام العالم الخفي على الإنترنت، في تجارة الجنس واستغلال الأطفال وتحصيل ألوف الدولارات. إنه عالم التواصل الاجتماعي العجيب. عالم التواصل بين نصاب وضحاياه من المراهقين وما دونهم في السن.
أنت في دنيا جديدة.. دنيا غريبة. أنت في عهد تواصلٍ لا محدود بين البشر. ويمكن لمن هو هناك، أن يؤذي من هو هنا، والعكس صحيح. فقد بدأ محمد عمله على مواقع التواصل، باستخدام اسم وهمي لفتاة. كان يقدم نفسه لضحاياه باسم “روز”. ويدعي أنه – أي البنت “روز” – مضطهدة من شخص قام بتصويرها عارية، وأنه لكي يبتعد عنها، لا بد أن ترسل الصديقات للشخص المزعوم صورا عارية بديلة.
كانت بعض القاصرات الهولنديات يشفقن على “روز”. وجمع منهن مقاطع الفيديو والصور الإباحية. وبهذا شق طريقه في تجارته المثيرة، والتي طورها، ووصل فيها إلى التفنن في طرق الابتذال الجنسي والاغتصاب، وبيع مثل هذه المشاهد على الإنترنت.
جنى مايكل الأموال من وراء هذا النشاط. وفي الوقت نفسه، أيقظ أجهزة التحقيقات حول العالم لخطورة الدنيا الخفية للإنترنت، بما فيه من استغلال للقُصَّر، وبما فيه من تبادل لأرباح غير مشروعة.
بينما كان يعيش في بلدة باريندريخت، في هولندا، تم التقاط الخيط، لأول مرة، لمعرفة جرائم مايكل محمد، عن طريق سلطات الأمن الأمريكية. فقد أصبح بعض الضحايا من الأمريكيين أيضاً. وتمكنت وزارة العدل الأمريكية من تحديد هويته بالكامل قبل أربع سنوات.
وتقع بلدة باريندريخت قرب روتردام. وعثرت الشرطة الدولية في شقته الصغيرة على أجهزة كمبيوتر وأقرص صلبة تحوي أكثر من 3600 مقطع فيديو وصورة لضحاياه.
في الحقيقة، حين ترى مايكل محمد في الشارع، لا يمكن أن تميزه عن غيره من الشباب. فهو عادي. ويجلس في الأماكن العامة، ويتردد على المطاعم والمقاهي، ولديه حساباته وصوره الطبيعة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “إنستجرام”، و”لنكدإن”. وهو إجمالاً، كما وصفته إحدى ضحاياه: هادئ ولطيف.
ظهر مايكل محمد في هولندا عام 2006. لقد ولد في أمستردام. لكنه اختفى لبضع سنين في دولة كانت قديما مستعمرة هولندية تسمى سورينام، وتقع في شمال قارة أمريكا الجنوبية. مات والداه عندما كان طفلاً. وأمضى سنوات في دار للأيتام.
بعد رجوعه لهولندا، أخذ يبحث عن طريقة لجني الأموال. وأسس في 2012 موقعاً على الانترنت باسم “دارك سكاندالز”. وخصصه لنشر مقاطع الفيديو والصور التي يجمعها من ضحاياه، مقابل الدفع بالعملات الإنترنتية المشفرة. لقد طوَّر نشاطه، ولم يعد يقتصر على الاسم الوهمي “روز”. واستمر في هذا العمل المشين نحو ثماني سنوات. وسقطت قاصرات، خلال هذه الفترة، في حباله. وتمكن من كسب أكثر من 100 ألف يورو.
وفقاً للتحقيقات المشتركة بين السلطات القانونية الهولندية والأمريكية، كان مايكل محمد، يفرض رسوماً على العملاء، تصل قيمتها إلى أكثر من 200 دولار، مقابل تنزيل حزمة فيديو مكونة من مئات المقاطع الإباحية. وفي بعض الأحيان كان يتبادل ما لديه من مقاطع فيديو مشينة، مع زبائنه، بأخرى، لإعادة بيعها.
ودخلت على الخط، أثناء إجراء التحقيقات، الشرطة الأوروبية أيضاً. فقد كان هناك ضحايا في القارة العجوز، من خارج هولندا، وربما كان له ضحايا في قارات وبلاد أخرى، بما فيها البلاد العربية. فأنت في دنيا يمكن لمن هو هناك، أن يؤذي من هو هنا، والعكس صحيح!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى