غير مصنف

حياة مريرة لشباب قطاع غزة زادتها الظروف الاقتصادية أوجاعا

يعاني شباب قطاع غزة من وضع مأسوي ومنهك يتفاقم يوم بعد آخر، تحت وطأة ظروف اقتصادية صعبة، يفرضها الحصار المفروض على القطاع، وطريقة حكم لا تستطيع إيجاد حلول تخرج القطاع من هذا الوضع وتوفر وظائف للشباب إضافة إلى وباء التهم ما بقي من فرص. بيئة تتوافر فيها كل العوامل لتصبح خصبة لانتشار المخدرات، الذي يفترس أجساد الشباب.
حياة مملة ومريرة، تلك التي يقضيها معظم الشباب في قطاع غزة، بينما ليس في أيديهم شيء لتغيير هذا الواقع. اليوم يمر مثل قبله، صباحهم كمسائهم، بدون عمل، دون أموال، دون أي جديد في حياتهم، في ظل خلافات قوية بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، حول السلطة في القطاع، والتي لا يدفع ثمنها سوى سكان القطاع.
نظرة بسيطة على الإحصاءات في القطاع ويمكن استشفاف هذه الحالة الصعبة للشباب في قطاع غزة. دائما ما تكون الإحصاءات الواردة من الأقليم قاتمة، ومحزنة مثل حياة السكان هناك.
تشير الإحصاءات المسجلة قبيل الوباء أي في 2019، أن 53% من سكان القطاع في حالة بطالة، وأن 70% من شباب غزة بدون عمل، بحسب تقرير البنك الدولي. بالنسبة للشباب الخريجين، فالمعدل يتفاقم أكثر، إذ وصلت نسبة البطالة بين هذه الفئة 78%.
تتفاقم هذه الأرقام بالتأكيد مع مجيء الوباء، الذي أضاف المزيد من الشباب إلى خانة “عدم العمل”، مما يجعل الأقليم يضم أعلى معدل بطالة في العالم.
ترافق هذه المعدلات القياسية من البطالة، اقتصاد متهاوي، وعلى حافة الانهيار، في إقليم مكتظ بالسكان، ويعتمد بشكل أساسي على المساعدات الخارجية القادمة من السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، واللتين خفضتا بشكل كبير هذه المساعدات جراء سياسة حركة حماس.
تظهر أرقام حديثة خلال عام 2021 أن أكثر من 53% من الشعب يعيش تحت خط الفقر، وأن وباء كورونا جاء ليفاقم الأعباء المعيشية والصحية في الإقليم. توضح البيانات أيضا أن عوائد قطاعي الزراعة والصناعة في القطاع انخفضت إلى أقل من 13% من الدخل دون أن تظهر أي أنشطة جديدة تعوض انخفاض عوائد القطاعين. منذ عام 1994، ارتفع الناتج المحلي لقطاع غزة 2% فقط، بينما زاد سكان الإقليم بنسبة 230%.
يكشف البنك الدولي أيضا أن 4 من كل 5 مواطنين في القطاع تتوقف حياتهم على المساعدات التي يتلقونها، وأن الدعم الخارجي للقطاع غير قادر على تحسين أي مؤشرات اقتصادية ومعيشية في غزة. جراء هذا الوضع، وصل معدل دخل الفرد اليومي إلى أقل من 2 دولار يوميا، وهو واحدا من أسوأ المعدلات حول العالم.
خلال عام 2021، خصصت السلطة الفلسطينية 1.4 مليار دولار، من موازنتها لقطاع غزة، بنسبة 25% من موازنتها. حصة غير كافية سوى لـ “للبقاء” على قيد الحياة لـ 2 مليون مواطن من سكان القطاع، مع مزيد من التدهور المنتظر، والتقشف المفروض إجباريا عليهم.
مع بطالة مؤلمة وفقر مدقع واقتصاد ميت أكلينيكيا وأفق مغلق ويأس عام مع استمرار الحصار والانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تتوفر كل العوامل لانتشار العديد من المواد المخدرة بين شباب الإقليم. يلقبونه “مخدر الفقراء”، ينتشر الترامادول بشكل واسع بين شباب قطاع غزة.
وتؤكد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في قطاع غزة، أن 80% من متعاطي المخدرات في قطاع غزة من الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، موضحة أن 60% من المخدرات التي يتم ضبطها من نوع الترامادول، يأتي بعدها الحشيش بنسبة 60% وحبوب السعادة بنسبة 10%.
إلى جانب ذلك، تجبر الظروف المعيشية الصعبة، آلاف الشباب وخريجي الجامعات إلى البحث عن حياة أفضل، والإنطلاق في طريق الهجرة غير الشرعية إلى جحيم مجهول، وسط رحلة محفوفة بالموت والمغامرة، بعدما تبددت أحلامهم بالعيش الكريم في القطاع.
تنقل وكالة “وفا” الفلسطينية شهادة لأحد الشباب الخريجين الجامعيين، الذي لم يجد عمل بدرجته العلمية، يحاول جمع الأموال اللازمة للهجرة من القطاع. توضح الوكالة أن الكثير من المواطنين يلجأون إلى بيع مقتنياطهم وذهب زوجاتهم لتمويل هذه الرحلة الخطرة.
تفصح هذه المخاطرة عن أن حياة الشباب في قطاع غزة لا تختلف كثيرا عن الموت، وأن العيش في قطاع تحت وطأة البطالة والفقر، ما هو إلا احتضار لهم ولمستقبلهم المغلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى