مقالات

دكتور حمدي سيد يكتب: في اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري

يحتفل العالم يوم 21 مارس من كل عام باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، وذلك إحياءً لذكرى مذبحة بلدة “شاربفيل” بجنوب أفريقيا، والتي يمر عليها 62 عامًا، حيث أصبحت رمزا لأبشع أشكال العنصرية في العصر الحديث، وتبدأ قصة هذه المذبحة المروعة حين تجمع حشد من المتظاهرين السود يصل عددهم إلى ما يقرب من سبعة الآف شخص أمام مركز الشرطة يوم 21 مارس عام 1960، بعد يومٍ من المظاهرات احتجاجاً على قيود السفر التي فرضت عليهم (قوانين تصاريح المرور)، حيث كان مفروضًا عليهم فصلاً عنصريًا يعزلهم ويقيد حركتهم، حينذاك قامت الشرطة بإطلاق النيران صوب المتظاهرين عندما تحركوا تجاه السياج المحيط بمركز الشرطة، و بلغت حصيلة الخسائر البشرية حينها 289 شخص بينهم 29 طفل. وعانى الكثير من المتظاهرين من إصابات بالظهر جراء تعرضهم لإطلاق النار خلال هروبهم.

وفور وقوع المذبحة، اندلعت موجة غضب في كيب تاون، وألقي القبض على الآلاف من السود. و حينها هز صدى الجريمة العنصرية البشعة العالم بأسره، رغم القيود التي فرضها النظام العنصري على وسائل الإعلام الخارجية في ذلك الوقت، وكشفت مذبحة شاربفيل عن الوجه القبيح لنظام الأقلية العنصرية البيضاء، تلك الأقلية كانت تمثل أسوأ نظام فصل عنصري حاكم في القرن العشرين، حيث حكم 4 ملايين فقط من البيض 29 مليونا من السود والملونين. مع العلم أن هؤلاء البيض، ما هم سوى مستوطنين من الهولنديين المزارعين الذين استوطنوا في منتصف القرن السابع عشر داخل مستوطنات معزولة، وانفصلوا عن المواطنين السود، ثم جاء بعدهم المستوطنون الفرنسيون والألمان وعاشوا وسط هذه المجتمعات فيما بعد وعرفوا بالأفريكانرز.

وفي جنوب أفريقيا يُعد يوم الواحد والعشرين من شهر مارس عطلة رسمية يُحتفل بها كل عام تخليدًا لحقوق الإنسان وضحايا مذبحة شاربفيل، كما اختارته اليونسكو للاحتفال سنويًا باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري في جميع أنحاء العالم، حيث أنه وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1904 في 20 نوفمبر 1963 تم الإعلان عن القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، وتضمن هذا القرار 11 مادة تحظر التمييز والتفرقة العنصرية، كما يؤكد القرار على ضرورة القضاء السريع على التمييز العنصري في جميع أنحاء العالم، بكافة أشكاله ومظاهره، وضرورة إحترام وحماية كرامة الإنسان.

وأكدت الأمم المتحدة أن أي مذهب للتفوق القائم على التفرقة العنصرية مذهب خاطئ علميا وظالم اجتماعيا، وبأنه لا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان، و أن التمييز بين البشر يشكل عقبة كبيرة تعترض العلاقات الودية والسلمية بين الدول، و واقعًا من شأنه تعكير السلم والأمن بين الشعوب، كما يؤكد الإعلان على التعاون الدولي لتعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين. وأن من حق الإنسان أن يتمتع بجميع الحقوق والحريات المقررة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ورغم ما تبذله الأمم المتحدة من جهود فإن التمييز لا يزال متفشيًا والعنف المتصاعد ضد الأقليات يتصاعد في أجزاء كثيرة من العالم، وفي هذا السياق نتمنى أن تبذل الأمم المتحدة من خلال أجهزتها ومنظماتها المختلفة المزيد من الجهود لحماية الأقليات المضطهدة في العالم، وبالأخص الأقليات المسلمة كأقلية الروهينجا في ميانمار، و أقلية الإيجور في الصين، وأن يصبح عالمنا خالي من كل أشكال وصور التمييز العنصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى