أخبار

د.حمدي سعد يكتب: زلزال نكش الدبور!

لعل رواد  السوشيال ميديا قد تابعوا الحدث الجلل الذى أرَّخ للحظة فارقة فى تاريخنا الفنى وتاريخ الغناء والطرب ليس فى مصر فقط، بل فى بلاد الضاد من المحيط إلى الخليج، هذه اللحظة الفارقة التى أعلن فيها الشاكوش عن إجابة السؤال الوجودى الأكثر جدلا عبر العقود، والذى فشل الجميع فى الإجابة عنه، فقد جاء الإعلان من الشاكوش وهو على المسرح عندما ألمح إلى الإجابة بعبقرية وذكاء خارق عمن نكش الدبور!

فقد فهم الجميع الإجابة وتعرفوا على هذا الشخص الذى نَكَشَ الدبور بدون أى ذنب للدبور ولا ذنب لنا نحن المتابعين الغلابة! فأحدثت هذه الواقعة زلزالا فى الأوساط الفنية تناقلته منصات التواصل وأحدث صخبا وجدلا لم يتوقف ولن يتوقف!

كانت هذه اللحظة الفارقة هى بداية حقبة فنية جديدة، تكون فيها الغلبة الفنية لناكشى الدبابير، وما أكثرهم فى حياتنا الفنية بل وفى حياتنا العامة… لقد ولى هذا الزمن الكئيب الذى لم يجرؤ فيه موسيقيين ومطربين عظام على نكش الدبور، فلم يجرؤ عبدالحليم حافظ ولا فريد الأطرش ولا عبدالوهاب ولا باقى نجوم العهد البائد على الإقدام على هذه المغامرة الجريئة! حتى المطربين الشعبيين الأكثر تحررا، والأكثر التصاقا بلغة الشارع لم يمتلكوا شجاعة هذا الشاكوش، فحتى عمنا شعبان عبدالرحيم الله يرحمه لم يجرؤ على البوح بغناء واقعة نكش الدبور تلك رغم جرأته الفنية!

لقد حان الوقت لتفرح هذه الأمة،  وحان الوقت لملايين الاسطوانات التى تقطر فنا أن يتم إحراقها، وحان الوقت للتخلص من كل روائع العندليب وأم كلثوم والسنباطى وبليغ حمدى والرحبانية وكل فن لم يحاول نكش الدبور!

ربما أقسى أنواع الألم النفسى والروحى ما يضطرك إلى السخرية، ولعل واقعة النكش هذه تكون نكشة واستنفار لكل المبدعين والمهتمين بتكوين وجدان المصريين، فيشمروا عن سواعدهم ليقدموا لنا فناً حقيقيا يغذى الروح ويطرب النفس ويشكل وجداننا ووجدان الأمة العربية جميعها ويعبر عن قوتنا الناعمة التى جعلتنا فى هذه المكانة المرموقة فى عقل وقلب كل إخواننا العرب. 

لا يليق بتاريخنا الفنى أن يتسلق خشبة المسرح شاكوشاً او فارةً أو منشاراً، فتتناقل الفضائيات هذا القبح والفحش من القول والفعل والإشارات القبيحة التى يخجل منها عوام الناس.

لا يصح فى هذه البلاد العريقة فى كل مجالات الفن أن يحدث فيها ما حدث، ولا يليق بالتاريخ الفنى المبهر أن يتقزم وينحدر إلى هذا المستوى المخجل. 

ليس كافياً أن يتم إيقاف الشاكوش من نقابة المهن الموسيقية، ولكن أتمنى أن يتم محاكمته على هذا الجهر بما خدش الحياء العام والآداب العامة وأساء لذوقنا وسمعتنا الفنية. 

ليس الأمر مجرد شاكوش وانتهى أمره بالإيقاف، لكن الساحة الفنية تحتاج الى تعقيم بماء النار لتطهيرها من هذه الجراثيم الفنية التى تفتك بذوق ووجدان ملايين المصريين. 

أتمنى ألا ننزلق بعد مرحلة الشاكوش ونكش الدبور هذه، أتمنى ألاَّ ننزلق أكثر فندخل إلى مرحلة الشنيور والمنشار وربما الحفارات واللوادر!

يسقط الشاكوش، ويسقط كل ناكشي الدبابير، بل ويسقط كل الدبابير والغربان والبوم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى