عرب وعالممقالات

رئة الأرض في مؤتمر المناخ

بقلم: عبد الستار حتيتة
الغابات حول العالم، رئة البشرية للبقاء على قيد الحياة، موضوع مهم سوف يطرح على مائدة المناقشات الدولية في مؤتمر قمة المناخ الذي تبدأ فعالياته في شرم الشيخ بمصر خلال الساعات المقبلة.
يوجد نصف الغابات الاستوائية المطيرة في العالم في ثلاثة بلدان هي البرازيل، في قارة أمريكا الجنوبية، وإندونيسيا في آسيا، والكونغو في أفريقيا.
يأمل الخبراء، كما تقول وكالة رويترز، في أن يؤدي مؤتمر شرم الشيخ إلى تشجيع المزيد من الاستثمار من الشركات والدول التي تسعى لتعويض انبعاثاتها من خلال الحفاظ على الغابات وإعادة نموها.
بين الأوراق والأبحاث المقدمة لمؤتمر شرم الشيخ، بدا أن العالم يستيقظ من جديد (بعد جائحة كورونا)، لكي يعيد الاهتمام بالتغيرات المناخية، وفي القلب منها مسألة الحفاظ على الغابات. سارعت كثير من الدول بتقديم طلبات لاستضافة المؤتمرات اللاحقة للمناخ. كما لو كان صوت ناقوس الخطر البيئي قد أصبح يدق بأعلى من السابق.
بالنظر إلى الوراء يمكن أن تلاحظ أن قمم المناخ حين بدأت في 1995، كان يتم التعامل معها كنوع من الرفاهية الدولية. لكن في الأعوام الأخيرة اتسم عملها بجدية أكبر. وأصبحت توجد مبادرات من زعماء وقادة عبر العالم للتوسع في زراعة الأشجار، وخفض الانبعاثات من المصانع، وتغيير سياسة تصنيع الآليات مثل تحويل السيارات للعمل بالكهرباء بدلا من الوقود.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، إحدى الدول الصناعية الكبرى، هناك توجهات تخص مشاركة الرئيس جو بايدن في مؤتمر شرم الشيخ. إن الأمريكيين يريدون منه أن يوقع على التزامات خلال المؤتمر للحفاظ على البيئة. ومن المنتظر أن يوقع بايدن بالفعل على مذكرة تتضمن التوسع في استخدام الكهرباء حول العالم بدلاً من الوقود الأحفوري، رغم ضغوط الشركات الدولية الرافضة لهذا التوجه.

انتشار الوعي بأهمية الحفاظ على الغابات ظهر في العقود الأخيرة. ومعروف أن العديد من الدول التي لديها غابات كانت تغض البصر عن عمليات القطع الجائر لملايين الأشجار، من أجل زرع محاصيل سريعة النمو، وبالتالي تحقيق أرباح في وقت وجيز.
لكن هذا الاستسهال في العمل، يبدو أنه جاء على حساب كوكب الأرض. باختصار كلما قلت مساحة الغابات كلما تراجعت كمية الأكسجين، وزاد ثاني أكسيد الكربون، وانتشر التلوث، ناهيك عن هلاك الحياة البرية عموماً. والتأثير في نهاية المطاف لا يخص الدولة التي تسمح بالقطع الجائر للأشجار، بل يمس حياة الناس في كل مكان على سطح الأرض.
تأمل لورا البوكيرك، وهي كبيرة المديرين في شركة “ويكاربون” التي تقدم استشارات دولية حول البيئة، في توصل دول العالم، من خلال مؤتمر شرم الشيخ، لآلية يتم بها تشغيل نظام الحفاظ على الغابات ومنح التعويضات المالية للمتضررين، بحلول عام 2025.
حجم التمويل لبرنامج الحفاظ على الغابات والمتضررين من التعدي عليها، فوق كوكب الأرض، يبلغ 2.3 مليار دولار. لكن يبدو أن العالم أصبح يدرك أنه لا يجوز التأخير في وضع نظم للحفاظ على رئة الأرض.
من المعروف أنه يوجد برنامج تتوافق عليه 140 دولية لوقف إزالة الغابات، لكن هذا البرنامج كان يخص عام 2030 وليس 2025. كما إن الأموال المطلوبة له ليست 2.3 مليار دولار، بل 460 مليار دولار. لهذا من المتوقع أن تحث الكثير من الأطراف المشاركة في مؤتمر شرم الشيخ على التعجيل في عملية التنفيذ للحفاظ على بيئة الأرض.
وأخيرا لا تنس أن هناك قوى دولية لا تريد الوفاء بأي التزامات للحفاظ على البيئة، لا إجرائية ولا مالية، خاصة من جانب الشركات الكبرى، لهذا سوف ترى أنها تستغل كل صغيرة وكبيرة لإثارة القلاقل، في محاولة منها لصرف الأنظار عن المؤتمر وما سيخرج عنه من قرارات وتوصيات.

   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى