غير مصنف

«شيء لله يا فرغل».. رحلة إلى مولد الباحثين عن كرامات سلطان الصعيد


كتب: إيهاب على
يواصل مريدو ومحبو آل البيت والطرق الصوفية، توافدهم على مسجد السلطان “أحمد الفرغل” بمدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط، لزيارة المقام لطلب شفاعة آل البيت والتبرك والدعاء، وسط ابتهالات وأناشيد المريدين والمحبين تزامنًا مع الاحتفال بمولده في شهر يوليو من كل عام. بعد غلق دام أكثر من عامين بسبب جائحة فيروس كورونا.


رائحة البخور والعطور ودموع المحبين والمجاذيب وأصوات المصلين والذاكرين تملأ المكان..فما إن تطأ قدمك مسجد السلطان الفرغل، حتى تشعر بالطمأنينة والسكنية.. هنا أنت في حضرة سلطان الصعيد. مع الساعات الأولي من الصباح يُقبل المُصلون والزوار عليه، ويزداد العدد كلما انكسرت موجة الحرارة وأشعة الشمس.


مشهد لا يتوقف منذ أن تطأ قدماك أرض مسجد السلطان الفرغل بمدينة أبوتيج بمحافظة أسيوط.. كل ما عليك فعله أن تترك عينيك تجوب يمينا ويسارًا، فهناك جالسون على الأرض يرددون أذكارًا وتلاوات وآخرون يسألون الله من فضله.
«مولد السلطان الفرغل».. آتاه الباحثون عن كرامات من ذهبوا وتركوا خلفهم قصص وحكايات تروى، أحدهم يضع رأسه على الضريح وهو يبكي بحرارة، ويدعو الله أن يحقق أمنيته ويرزقه من حيث لا يحتسب، بينما تقف أخرى وتدعو الله أن يزوج ابنتها وهي تتمسح بحديده، فيما يحاول ثالث الوصول لعله يطال بيديه جزء من الضريح أو تقع على قطعة قماش فتحل البركة ويقبل الله دعاءه.


“أنت وليت على البلاد فأعدل بين العباد”.. لم يتردد راعي الأغنام أن يقول هذه الكلمات إلى السلطان الحاكم “جقمق” والذي كان يحكم البلاد في عصر المماليك، ورد السلطان قائلا: “سمعاً وطاعة يا سلطان الأولياء” من هنا لقب الإمام محمد أحمد الفرغل بـ “سلطان الصعيد”، والذي يأتي إلى ضريحه الآلاف من المحبين وأتباع الطرق الصوفية لإحياء ذكرى ميلاده في العشر الأواخر من شهر يوليو وحتى الرابع من شهر أغسطس كل عام بمدينة أبوتيج في أسيوط.


ولد الإمام محمد أحمد الفرغل، يتيما بقرية بني سميع بمركز أبوتيج في أسيوط في أوائل عام 810 هـ / 1407 م ويرجع نسبه من ناحية والده إلى جده حسن بن أحمد بن محسن بن إسماعيل بن عمر بن محمد بن عبد العزيز بن موسى بن قرشي بن علي أبو الكرامات بن أحمد أبوالعباس بن محمد ذو النورين بن محمد الفاضل بن عبدالله بن حسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ويرجع النسب من ناحية والدته إلى فاطمة بنت محمد بن شهاب الدين بن جمال الدين بن يوسف أبو الحجاج بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى بن محي الدين منصور بن عبد الرحمن بن سليمان بن منصور بن إبراهيم بن رضوان بن نصر الدين بن إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن تقي الدين بن عبدالله بن زين الدين بن عبد الخالق بن أحمد بن إسماعيل بن عبدالله بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه وبن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم.
وعمل الإمام محمد أحمد الفرغل، في رعاية الأغنام في بداية عمره حتى أن عمل بعد ذلك في الحراسة لما كان يتمتع بالأمانة من المحيطين حتى أنه عمل بالزراعة خلفا لوالده حتى أن رحل من قريته بني سميع إلى مدينة أبوتيج، وكان يحظى بحب الجميع خاصة لامتداد نسبه إلى أهل البيت ولقب بالعديد من الألقاب ومنها: “العارف بالله” و”قطب العصر” و”أبو المعالي” و”أبو المجلي” و”أبو أحمد” و”الكرار” وأخرها سلطان الصعيد، وكان سبب إطلاق لقب سلطان الصعيد عليه إنه كان يتمتع بحب الصعايدة ولذلك كان يطلق عليه في القصر إنه معه مفتاح الصعيد لما يتمتع به من حب جارف، وفي أحد المرات كان متواجدا بالقاهرة داخل ديوان السلطنة وقال للسلطان الحاكم “جقمق” والذي كان يحكم البلاد في عصر المماليك: “أنت وليت على البلاد فأعدل بين العباد” فرد عليه السلطان قائلا: “سمعا وطاعة يا سلطان الأولياء”، وكان رد السلطان عليه له مردودا كبيرا بين أهالي الصعيد زادهم حبا للإمام أحمد الفرغل وأصبح لقب سلطان الصعيد هو حديث كل أهالي الصعيد لدفاعه عن حقوقهم أمام سلطان البلاد ومطالبته بالعدل بينهم وبين سكان الوجه البحري.

وفي عام 851 هـ /1447م توفي سلطان الصعيد الإمام محمد أحمد الفرغل وهو في سن الأربعين ولقي خبر وفاته حزنا كبيرا بين أهالي الصعيد ،لما كان له من محبة بينهم ودفن في مدينة أبوتيج وبني له ضريحا ومسجدا يأتي إليه الآلاف من الرواد والمحبين والطرق الصوفية كل عام للاحتفال بميلاده قاصدين التبرك بسلطان الصعيد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى