غير مصنف

صور| شارع العطارين بالمنيا.. مزار المشاهير وملجأ البسطاء

على بعد أمتار قليلة من ميدان وجامع السلطان محمد الحبشى أحد سلاطين الدولة الأيوبية في مصر أشهر ميادين مدينة المنيا الذى يحيطه سوق كبير يقع شارع العطارين.

وما إن تطأ قدماك الشارع تجده مكتظا بالمارة ليل نهار  بالمارة من البسطاء والأغنياء ومنادين على سلعهم تتناغم فيه أصوات الحدادة مع رائحة العطور والتوابل والعطارة لتمثل لوحة فنية تمتزج فيها ألوان العطارة مع ألوان الحرفيين وبشرتهم التى توحى بالشقاء والتعب الذى يظهر على وجوههم

هنا يقع شارع العطارين نسبة إلى وجود أعداد كثيرة من محلات العطارة وأنواع البخور والتوابل والأعشاب الطبيعية التى  كانت تعد العلاج الآمن للمرضى قبل ظهور الطب في المحافظة.

تاريخ التسمية

أطلق الأهالي عليه قديما شارع سوق الخضار نظرا لانتشار باعة الخضار والفاكهة حتى اندثر ذلك الاسم بعد نقل السوق إلى ميدان الحبشى الشهير وأصبح الشارع مليئا بالحدادين وصانعى السكاكين فسمى بشارع الحدادين تارة وشارع السكاكينى تارة أخرى وانتشرت فيه ورش الحدادة وصناعة المفاتيح والأقفال الحديدة والأبواب إلى أن سكن الشارع الحاج والشيخ محمد القطيعى والشيخ الأربعينى وبنى به أول مسجد منذ أكثر من 100 عام على يد سيدى محمد فتح الباب فسمى بجامع الوعى الإسلامى حتى جاء أحد أقطاب الصوفية وهو سيدى على حامد وبنى مسجدا آخر على نهاية الشارع فسمى بشارع سيدى حامد نظرا لانتشار أنصار الصوفية والأقطاب بعد أن دخل الشارع الحاج محمد الجندى  أول عطار سكن الشارع وكان يبيع البخور والعطور وبعض التوابل فسمى بشارع سيدى القطيعى.

مشاهير زاروا شارع  العطارين

وفى عام 1934 كانت سيدة مصر الأولى هدى شعراوى تزور المنيا بين الحين والآخر وكانت تمر بهذا الشارع الذى ينتهى بمردة تسمى مردة الحنش أو ميناء الحنش ذلك الميناء الذى كان يرسو عليه مركب هدى شعراوى في رحلتها من مدينة المنيا القديمة إلى بنى محمد شعراوى مسقط رأس وزوجها على شعراوى باشا أحد رجالات مصر الذين مثلوا وفد مصر في المفاوضات من أجل جلاء الانجليز عن مصر في تلك الفترة.

كما زار الملك فاروق ملك مصر والسودان هذا الشارع حين زار محافظة المنيا في تجديد مسجد سيدى أحمد الفولى الذى تشتهر به المحافظة، يليه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضى حين وضع حجر أساس الغرفة لتجارية بمدينة المنيا وزار الشارع وتجول فيه .

أول عطار في الشارع

بعد أن ذاع صيت الشارع حيث تتفرع منه أزقة وحارات امتلأت بورش الحدادة وصناع السكاكين بدأت محلات العطارة تزداد يوما بعد يوم فاشتهر رجالها وأصحابها.  

وبحسب محمد محروس، أحد رواد الشارع، إنه موجود منذ أكثر من 27 عاما وكانت المحلات التجارية قليلة وخاصة العطارة، ولكن مع مرور السنوات زادت تلك المحلات وتحول الشارع إلى سوق تجارى يضم محالات متنوعة وصناعات وحرف يدوية قديمة حيث على ناصية الشارع يوجد منزل قديم ومتهالك يعتبر من أبرز ما يميز شارع  العطارين وهو منزل الحاج محمد الجندى أول عطار بالمنطقة بجوار مسجد معلقة عليه لافتة مكتوب عليها مقام سيدى “محمد القطيعي الشريف” وهو شيخ صوفى  يتبارك الناس بذلك المقام، كما كان  يوجد مقام سيدى محمد القناوى وسيدى الأربعينى وكان الأهالى يعتبرونهما بركة كبيرة ويضيفان للمكان روحانيات إيمانية.

وفى منتصف الشارع تجد محلات الفراشة كفراشة الحاج إمام والحاج سيد الإسكندرانى كما يضم الشارع العديد من الحرف التى أوشكت على الانقراض فقد اشتهر الشارع منذ القدم بوجود عبد الفتاح الاسكندراني بائع النيفة وعبد الوهاب الخياط وأبو نصار العجلاتي وكيلاني الترزى وأبو صالحين الحباك وأبو الليل بائع الأقمشة وعلى الحمامي المنجد وأحمد وقفي الذى يعتبر أشهر وأقدم عطار بالشارع وطلعت السروجي والمقدس أبو نبيل النزهي والطوي وعبد الحميد الزرازيري وقد توارث الأبناء مهنة الأجداد حتى سمي الشارع بشارع العطارين.

يتوافد إلى الشارع الناس من القرى والنجوع رغم ضيق الشارع إلا أنهم يجدون ما يلزمهم من احتياجات وخاصة أن أسعار السلع تعتبر رخيصة مقارنة بالمحلات المشهورة في أماكن أخرى .

كما يوجد بالشارع أشهر قهوة بالمنطقة قهوة على الصعيدى وأشهر ترزى عم كيلانى وعبد المجيد وأول مخبز عيش شمس وما زال موجودا يتوارثه الأبناء ويعتبر مسجد الوعى الإسلامى أقدم مسجد أسسه الشيخ محمد فتح الباب.

وقال الحاج شاهين، صاحب محل عطارة إن مهنة العطارة لها جذور تاريخية كبيرة فكان العطار على مدى عصور هو الطبيب والصيدلى في آن واحد إذ كان في تطبيبه يحدد المرض ويصف الدواء وله القدرة علي التداوى بالأعشاب والحصول على وصفات علاجية.

وتتفنن محال العطارة في عرض الأعشاب التي تستخدم في أغراض متعددة، وكان قديما يسمى العطار بالحكيم أو الحوّاج لأنه كان يحوّج الأعشاب المختلفة ويجمعها لصنع خلطة عشبية أو يقوم بتحويجة لعلاج مختلف الأمراض.

ومهنة العطارة يتوارثها الأبناء عن الأجداد رغم أنها مهنة تدرج اليوم تحت مسمى الطب البديل وأصبح الآن نستورد البضائع من الهند أما قديما كان العطارين يعتمدون على المنتجات الزراعية المصرية فقط.

وأضاف شاهين أنه يوجد إقبال يومي من أهالى المنيا فلا أحد يستطيع الاستغناء عن شراء مستلزمات المطبخ من عطارة  وتعتبر المنتجات الأكثر إقبالا الفلفل والكمون والبهارات.

 ومع خروجك من الشارع تعود بك  الذاكرة إلى خمسينيات القرن الماضى حيث كان الشارع ملجأ للفقراء ومنتجعا للأثرياء حتى اليوم حيث يقع الشارع موازيا لشارع التجارة الشهير ومنه إلى كورنيش النيل حيث قلب مدينة المنيا القديمة المليء باللوكاندات والفنادق التى كان يسكنها أثرياء الصعيد حال تواجدهم في مدينة المنيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى