مقالات

طه الأمين المنفلوطي.. شاعر الثورة الهارب من الإعدام وجريمته “حب مصر”

في العدد الثامن لجريدة أخبار أسيوط عام 1999، نشر الكاتب أحمد طه الفرغلى نائب  رئيس مجلس إدارة جريدة اليوم وموقع اليوم الإخباري.. عن طه الأمين المنفلوطي.. شاعر الثورة الهارب من الإعدام وجريمته حب مصر.


ولد شيخنا طه محمد الأمين بن طاهر بن عبدالجلیل بن عبدالمطلب بن طاهر وهو ينتمي إلى أسرة شهيرة بالتدين والعلم والأدب وكان مولده سنة ۱۸۹۰ وكان جده الشريف الشيخ عبدالجليل من أبرز أدباء صالون السيد على أبوالنصر وواحد من أبرز خطباء مساجد منفلوط.

عكف منذ صباه على حفظ القرآن الكريم فأتمه قبل السادسة وتتلمذ على يد الأديب المجهول مصطفى مشيط وعكف على دراسة الأدب في مطلع شبابه فقرأ كثيرا من كتب الأدباء.

وعشق شعر المتنبي وولع بشعر شوقي ودرس دواوين البحتري وأبو تمام وتردد على جلسات الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي أثناء فترة إقامته بمنفلوط شهدت محافظ أسيوط ومنفلوط وبقية الأمة القصائد التي كان يلقيها في المناسبات الدينية والوطنية المختلفة، حتى وافاه الأجل في أكتوبر سنة 1945.

صدر له ديوان نفح الزهور سنة 1934 وبعدها ديوان قطف الورد في مدح سعد متأثرا بفترة نضاله مع الثوريين سنة ۱۹۱۹ ولعل القارئ والدارس لقصائد هذين الديوانين يدرك مدى مقدرة اديبنا الشاعر طه الأمين على صياغة المشاعر والأحاسيس في أسلوب رصين ويلمس مدى دقة التراكيب واقتداره وتمكنه من إبراز الصور الشعرية في إطار يدل على ما لهذا الشاعر من حسن ذوق وحلاوة تعبیر وسرعة بديهة.

وتتجلى وطنية هذا الشاعر في مواقفه الوطنية التي تجلت في مشاركته الايجابية والجادة في ثورة 1919  التي حكم عليه فيها بالإعدام.

ولكنه نجا مع ثلاثة آخرين من تنفيذ الحكم لعدم تواجده في مسرح المعركة وظل ينشر قصائد الحب والسلام والوطنية.

ومن قصائده الوطنية في حب مصر: “ايه يا مصر انت روحي ونفسي ..انت حظي من الحياة وأنسى لا أبالي إذا سلمت من القوم بحتفى ولا بوحشة رمى”.. وقوله:”وإن نجوم الليل تشهد أنني أساهرها والليل أسود مظلم وأن فراشا يعلم اليوم أنني أنام فما عيني من الغمض تطعم وما ذاك من حب الغواني وإنما بلادي بها غيري يسود ويحكم بلادي بلاد النيل نفسي فداؤها وكل فتى يفدي البلاد مكرم ويتضح من هذه القصائد مدى إخلاص الشاعر الحب وطنه “مصر”.

وتعددت أغراض الشعر لدى شاعرنا فلم يتوقف في غرض واحد بل تعددت الأغراض في قصائد دينية واجتماعية و رثاء ومديح وهو ظاهرة اجتماعية استهوت كثيرا من شعرائنا في فترة من الفترات.

وللشاعر ايضا قصائد دينية عظيمة يتضح منها حبه لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذه القصائد:” يا بنت آمنة عليك سلام .. منك الهدى والنور والاسلام ..منك الهداية والسعادة والتقى الوحي والإيمان والإلهام .. منك الحقيقة والشريفة والنهي والعدل والإنصاف والاحكام.. وقوله من قصيدة أخرى:” سلام الله رب العالمينا ..على خير البرية أجمعينا.. على من جاء بالآيات تتری.. على المبعوث بالأخلاق فينا..على من جاء بالسبع المثاني..وبالقرآن تبيانا مبينا”.
وبمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف يقول: يا ليلة في جبين الدهر تزدهر والدهر يزهو بها عجبا ويفتخر .. يا ليلة ولد الهادي البشير بها.. واشرقت في دجاها الأنجم الزهر”.
وللشاعر قصائد رائعة في رثاء الزعيم سعد زغلول منها:”في ذمة الله والتاريخ والكتب.. يا أكرم الناس من عجم ومن عرب وأعظم الناس إخلاصا وتضحية وأثبت القوم عند الحادث الخرب.. الكل دونك في علم وفي عمل.. في ذكاء وفي فضل وفي أدب”.

ومن قصيدة أخرى:” كل من في الأرض بالموت رهين..كل حي هالك من بعد حين ما رأينا مثل سعد قمرا.. في سماء المجد غالته المنون..لم يمت في سيشال او طارق مثل  نابليون في سنت هلين”.

كما كان الشاعر من المطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية وفي ذلك يقول:”واعمل بسنة طه انها قبس ينير وجه الدجى من غير وقاد.. نور الشريفة نور لا فناء له يبقى مع الدهر لا يفنى لميعاد هي النجوم الساري الليل يرشده.. إلى الصواب هداها أي ارشاد وظل عطاء الشاعر طه الأمين مستمرا ينشر بالحب الكلمة الصادقة المخلصة حتى توفي عام 1945.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى