مقالات

عبدالله تمام يكتب في رثاء محمد رجائي الطحلاوي قائد قطار تنمية أسيوط

كتب: عبدالله تمام

مع انطلاق العدد الأول لجريدة أخبار أسيوط عام 1999، كان القارئ الأسيوطي على موعد مع أخطر وأهم حوار صحفي مع الدكتور محمد رجائي الطحلاوي محافظ أسيوط في ذلك الوقت..

لم يتردد العلامة والعالم والمسؤول الفذ رحمه الله في أن يرد وبصراحة وعفوية اشتهر بها على كافة الأسئلة ، التي كانت تشغل الشارع الأسيوطي بعد عدة قرارات حاسمة وجذرية اتخذها عام 1999، لإعادة الانضباط للشارع الأسيوطي كان أهمها اقتحام خط بارليف – حسب قوله في الحوار- وذلك بعد قرار إخلاء شارع ثابت بحي غرب مدينة أسيوط من الباعة الجائلين وإزالة الأكشاك المخالفة ومنع سير عربات الكارو والعربات الأخرى التى تجرها الدواب بشوارع مدينة أسيوط وذلك لإعادة المظهر الحضاري والجمالي للمحافظة.

– استثمار مجانًا

لم يكن الدكتور الطحلاوي مجرد اسم لمسئول تولى محافظة أسيوط ، مثل غيره من المسؤولين ممن سبقوه ، ولكنه كان علامة فارقة في تاريخ أسيوط وواحد من أهم  المسؤولين الذين وضعوا على أكتافهم مسئولية تنمية المحافظة ، ولهذا كان قائدا لقطار التنمية والاستثمار الذي انطلق بقوة مكملاً لجهود الدولة في تنمية الصعيد ، وكان للراحل الدكتور رجائي الطحلاوي بصمات واضحة في إنشاء المناطق الصناعية بمختلف مراكز المحافظة وتقسيمها وتوصيل كافة المرافق إليها وتوزيعها على المستثمرين مجانا بدون اي مقابل رغم تكلفتها العالية ولذلك بهدف اتاحة الفرص لإنشاء المصانع وخلق فرص عمل لتشغيل أكبر قدر من الشباب.

– إهمال الخبرة .. جريمة كبرى

كواحد من علماء مصر ومن كبار أساتذة الجامعة ومسئوليها الذين قادوا تلك القلعة العلمية الكبيرة وهي جامعة أسيوط الى آفاق رحبة تجاه المستقبل ، من موقعه كان يرى أن هناك جريمة ترتكب تتمثل في إهمال خبرة أساتذة وعلماء الجامعة بمختلف كلياتها وتخصصاتها ، ورأى الدكتور محمد رجائي الطحلاوي محافظ أسيوط الأسبق أن جامعة أسيوط تعد مكتب خبرة لما يتوافر فيها من اساتذة في جميع التخصصات يجب التعاون مع الجامعة في خدمة وتنمية المحافظة .


وفى إجابته حول اصعب القرارات التي يتمنى أن يتخذها ولا يستطيع رغم معرفته بأنها سوف تخدم أبناء المحافظة.. قال د. الطحلاوي: بصراحة توجد قرارات اتمنى اتخاذها ولكن لا استطيع والسبب يرجع للعادات الاجتماعية التي ترسخت منذ أزمنة طويلة هنا والتي يعتبر البعض المساس بها مساسا بالحرمات…

يسود صمت العلماء بعض الوقت حتى يكمل رحمه الله في حواره لأخبار أسيوط قائلاً : على سبيل المثال شيء بسيط جدا في البيوت هنا وهو شغل مناور المنازل وأسطحها بالمخلفات وما إلى ذلك هي عادات منتشرة ومتأصلة هنا رغم اننا نعرف وبحكم العادات في مناطق أخرى وبحكم القانون أن المنور ليس ملكا لأحد هو ملك للجميع ولكن واقع الحال هنا أن المنور مخزن للمخلفات والسطوح عبارة عن «حظيرة» وهذا كله يلقي ظلالا كئيبة جدا على النواحي الصحية.. وهذه المسألة عادة اجتماعية ومحاولة تغييرها قد تغضب الكثيرين الذين يعتبرون هذا اعتداء على حرماتهم. هي مأساة تغييرها صعب جدا.

– محافظ أسيوط ع الطبلية !!

محافظ أسيوط ورئيس جامعتها الأسبق والعالم الفذ في مجاله .. انخرط في العمل حتى أذنيه منذ تولى المسئولية ، كان غارقا في دوامة العمل وهو يتفقد حالة الشارع الأسيوطى نهاية رمضان  فاجأه صوت المؤذن لصلاة المغرب معلنا نهاية صوم يوم.. ماذا يفعل؟.. صاح على جماعة تتناول افطارها على الطبلية: السلام عليكم..
– وعليکم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضل
ولأن دعوة الإفطار لا ترد .. فقد تفضل د. الطحلاوي وجلس بين أبناء محافظته يتناول الإفطار بشهية هو ولفيف من اصدقائه أساتذة الجامعة كانوا بصحبته.. الإفطار کان غاية في البساطة … فول وطعمية وسلاطة.. وعصير قمر الدين طبعا.


– محافظ أسيوط يكرم أخبار أسيوط

ظلت علاقة جريدة أخبار أسيوط بالراحل الأستاذ الدكتور محمد رجائي الطحلاوي محافظ أسيوط، قوية وعميقة منذ اليوم الأول ، وهو ما انتهجته الجريدة في علاقتها بالقارئ والمسئول منذ انطلاقها وحتى الآن ، واضعين مصلحة الوطن والمواطن والمحافظة على رأس أولوياتنا ولهذا حرص الراحل رحمه الله طوال توليه المسئولية على تكريم الجريدة وقام بتسليم  رئيس تحرير جريدة اليوم وموقع اليوم الإخباري، الميدالية التذكارية للمحافظة وذلك تقديرا للجهد الاعلامي المتميز الذي تبذله أخبار أسيوط في خدمة المحافظة ويأتي هذا التكريم في إطار التشجيع والتعاون المستمر من محافظة أسيوط ومؤسسة اليوم.

وفي عهد الدكتور محمد رجائي الطحلاوي محافظ أسيوط الأسبق، افتتح رئيس الجمهورية حسني مبارك، كوبري أسيوط العلوى على النيل ليربط طريقى الصعيد الرئيسيين شرق وغرب النيل ويعتبر بديلا للطريق فوق قناطر أسيوط القديمة والتي أصبحت لا تستوعب الكثافة المرورية الواقعة عليها وكما يحقق الكوبري السيولة المرورية والقضاء على الاختناقات بالمنطقة .

الدكتور محمد رجائي الطحلاوي، أكد خلال فترة عمله محافظا لأسيوط كنت أدرك حجم المسئولية التي آلت إلي خاصة وأنا أعيش مع أسرتي في مدينة أسيوط منذ عام 1965 أي ما يزيد عن ثلاثين عاما قبل تعييني محافظا لأسيوط وأتيحت لي الفرصة لزيارة جميع مراكز المحافظة وعددا كبيرا من القرى والنجوع وأصبح لدي تصور شامل للمشكلات منها ما لا يتحمل التأخير ومنها ما يحتاج إلى دراسة حديثة.


وفور دخولي مبنى المحافظة بالإطلاع على القضايا المحلية ومطالب الناس المعيشية هي التي كانت تستهلك وقت العاملين بديوان عام المحافظة في ذلك الوقت و نسي الكثيرون أن أكثر ما يهدد الأمن القومي في ذلك الوقت هو الإرهاب الذي لن يترك موقعا إلا حاول تحطيمه وكنت ومازلت أعتقد أن خير سلاح لمواجهة المتطرفين هو المواطن المؤمن بوطنه والذي يعرف فضل الأباء والأجداد .

رحل الدكتور محمد رجائي الطحلاوي، عن عالما بعد حياة حافلة بالعطاء العلمي والتنفيذي، تاركًا كتبه العلمية وسلسلة الكتب التي ألفها وجمع من خلالها أعلام محافظة أسيوط، وما تركه في نفوس المواطنين من حب ، سيبقى كل ذلك شاهداً على تاريخ رجل أحب الوطن والمواطنين فأحبوه وكرموه ووضعوه في قلوبهم، ويودعونه اليوم بدموعهم ..
 رحم الله الفقيد… وخالص العزاء لأسيوط وشعبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى