مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب: «دراكولا».. على طريق الصعيد الشرقي

إن قادتك الصدفة لأن تسير بسيارتك على طريق الصعيد الشرقي، تأكد إنك تغامر بحياتك للوصول إلى مقصدك، وأنت تطوي عرض الطريق انتبه ستجد نفسك فجأة ودون مقدمات مهدد بالدهس من سيارات النقل الثقيل التي تتراقص أمامك وعلي جانبيك ومن خلفك، ستكتشف إنك تمشي بين عشوائية «منظمة» يقودها أباطرة «التيرلات» على الطريق السريع، صوت «التالاكس» المزعج بين أطلال الجبال كفيلًا أن ينحيك جانبا لإفساح الطريق أمام هذه الناقلات العملاقة.

إن التزمت السرعة المقررة، أو قررت السير بهدوء على الطريق الشرقي، فأنت تترك حياتك بسهولة أمام إعصار غاضب سيعصف بك في أي وقت، أنت تداعب ثورًا هائجا يطاردك أينما تذهب، من خلفك، ومن أمامك، وعلي يمينك ويسارك، طوفان من سيارات النقل يمشي على الطريق دون نظام، ودون هوادة، ودون احترام للآخرين، وأنت تشاهد شاحنات «اللوري» المحملة بكتل الرمل والزلط والحجارة و«البلوك الأبيض»، فلا تتردد عن الشهادة ربما تكون علي موعد مع الموت، فما تدري نفس بأي أرض تموت .

إن قررت أن تبدأ الرحلة من القاهرة قاصدًا محافظات الصعيد، ستلعن قرارك في المخاطرة بالسير على هذا الطريق، لحظة مشاهدتك سيارات النقل الضخمة تسير أمامك ستعرف أسباب تكرار حوادث السير على هذا الطريق وتحديدًا وصلة «الكريمات»، ستعرف أسباب وقوع حادث أتوبيس الرحلات الذي راح ضحيته عدد من الأشخاص بينهم محمد عزوز الكاتب الصحفي بالجمهورية.

ستعرف أسباب وقوع حادث طبيبات المنيا في يناير العام الماضي، وأسباب حادث فبراير هذا العام الذي راح ضحيته عدد من الأشخاص بينهم عروسين من محافظة المنيا، وحادث الكريمات الأخير الذي راح ضحيته 18 شخصًا بينهم 11 من أسرة علاء رضوان الصحفي باليوم السابع، وحوادث أخرى كثيرة وقعت على هذا الطريق وأزهقت أرواح العشرات.

انعدام الرقابة على سائقي النقل ظاهرة خطيرة وكارثية، خلفّت – ولا زالت – عشرات الكوارث في مصر، على الطرق السريعة الشاحنات الثقيلة «دراكولا» يمشي بعشوائية ودون رادع، إن عدنا إلى معظم الحوادث التي وقعت على الطريق السريع سنكتشف أن «سيارة نقل» متهم رئيسي في كل واقعة، دماء تسيل كل يوم بسبب الإهمال، وأرواح تزهق بسبب تهور سائقيها، ابحثوا عن «المخدرات» فإنها الشيطان المدّبر في كل حادث.

الآونة الأخيرة تبنت الدولة المصرية مشروعا قوميا لتطوير شبكات الطرق، والحقيقة حققت الحكومة نجاحات كبيرة في هذا الملف، وأنفقت أموالًا كثيرة في تطوير وإنشاء شبكات الطرق النموذجية على مستوى الجمهورية، ولو تحدثنا هنا عنها بأرقام ووفقًا للبيانات الرسمية، فإننا نذكر أن 7 آلاف طريق جديد يضاف للشبكة القومية، بتكلفة 175 مليار جنيه، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية عازمة على استكمال مسيرة الارتقاء بمنظومة الطرق في مصر والوصول بها لأعلى معدلات الأمان، لكن في الوقت نفسه التطوير يحتاج إلى ضبط منظومة السير.

وأخيرًا طريق الصعيد الشرقي يحتاج إلي حارات خاصة لسيارات النقل الثقيل أسوة بطريق مصر إسكندرية الصحراوي النموذجي، يحتاج إلى المزيد من الخدمات ومحطات الوقود، يحتاج لمنظومة إضاءة شاملة لتيسير مرور الرؤية، يحتاج إلى قرارات استثنائية وعاجلة من الحكومة أسوة بالقرار الذي أصدره رئيس الوزراء بمنع سير سيارات النقل أعلى الطريق الدائري التي تزيد حمولتها عن 4 أطنان من الساعة 6 صباحًا، إلى 12 ليلا، وسرعة تطبيق قانون المرور الجديد الذي وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا، والذي ينظم قواعد المرور ويضع بنود صارمة على سائقي النقل الثقيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى