مقالات

علاء عبد الحسيب يكتب: في رسالة بخط اليد.. تعرت الإنسانية.. فماتت «بسنت»

تجاوزات شياطين الإنس أبكت السماء، ماتت الشهامة عند فئة كبيرة من الناس، وتصدر المشهد جيلا يهوى التعري، ويدعم القبح، ويصفق للتفاهات، يتبني التدني، ويسيد كل ما هو نشاز، لا تسأل عن السبب، فالبيئة خصبة والمناخ مناسب، لأن ينمو في مجتمعنا كل هذا الإسفاف، الذي وصل إلى حد التفشي والاستفحال.

في واقعة انتحار «بسنت» ابنة محافظة الغربية التي ماتت كبتًا وكمدًا، من تصرفات شباب تربى على التدني، وعاش في بيئة تعج بالنقص، وبين أسر ابتعدوا عن غرس القيم والأخلاق في الأبناء.. نشروا صورًا مخلة ومفبركة للفتاة الصغيرة على صفات الفيس بوك، صارت في يوم وليلة حديث القرية والمدينة والرأي العام، وأصبحت مادة سهلة للترويج والنشر دون تحري أو دقة، فالضغط على زر الـ«share»» أمرًا سهلا، وإن كان مصدرا لهلاك إنسان، أو تدمير لأسرة بالكامل.

الفتاة التي لم يتجاوز عمرها السابعة عشر ماتت منتحرة، ضحية فئة كبيرة في مجتمع تحب ترويج القبح والخوض بعبث وعشوائية في أعراض الناس، تركت لأسرتها رسالة بخط اليد تكشف فيها سوء نية الأهل، قررت الانتحار بعدما فشلت في إقناع المجتمع والأهل والأقارب والأصدقاء أنها بريئة من هذا الاتهام الفاضح، انتصرت ثقافة المجتمع العقيمة ونظرتها للأنثى، وانتصرت التكنولوجيا وبرامج «الفوتوشوب»، وساقت عقول الكثير كالقطعان نحو دعم التعري والإسفاف..

المتورطون في نشر صورًا مفبركة للفتاة ليسوا فقط من يستحقون البصق والمحاكمة العاجلة والعقوبة الرادعة، فالأسرة التي تجاهلت صرخات الابنة الصغيرة تستحق هي الأخرى البصق والمحاكمة.. المجتمع أيضا ممثلًا في الأشخاص الذين نشروا وروجوا لهذا التصرف الفاضح يستحقون البصق والمحاكمة.. «معلم الكيمياء» الذي تهكم وتنمر علي الفتاة يستحق البصق والمحاكمة.. أسر المتهمين بتشويه صورة الفتاة يستحقون أيضًا البصق والمحاكمة لتقصيرهم في تربية الأبناء.

إن الأبناء في مراحل عمرية معينة يحتاجون لاحتواء الآباء والاستماع إلى كل آرائهم ومقترحاتهم ومشكلاتهم، الأسرة مسئولة أمام الله أن تربي وتصدر للمجتمع أبناءً أسوياء، مؤهلون على احترام خصوصيات الآخرين، وقادرون على التفريق بين الصواب والخطأ في كل الأمور، مسئولة أيضا عن تربية جيلًا سويًا قادرًا على تحمّل المسؤولية.

قانون مكافحة جرائم الإنترنت يحتاج إلى تغليظ العقوبة في بعض بنوده، خاصة فيما يتعلق بالجرائم التي تمس السمعة ووقائع السب والقذف التي تشهدها صفحات التواصل الاجتماعي، في ظل المتغيرات الأخيرة التي تشهدها مواقع الشبكة العنكبوتية والسلوكيات الخاطئة الفجة التي انتشرت في المجتمع، حفاظا علي ثوابته وأخلاقياته..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى