مقالات

على أسوار مأرب.. نهاية مذلة للحوثي وانكسار لإرهاب إيران

بقلم عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومحلل سياسي مصري
باحث في شؤون حركات الإسلام السياسي

شرق صنعاء حيث مدينة مأرب تدور حرب طاحنة معركة فرض الوجود والنفوذ ، معركة تقرير المصير بعد أن قرر عبداللة الحوثي قائد ميليشيا جماعة الحوثي دخولها،والسيطرة عليها مدعوماً بإيران الإرهابية

تلك المدينة التي تحدد مسار الحرب وتزيح الستار عن فصول المسرحية التي تتصاعد أحداثها تدريجيا أسبوع يلي الآخر ،لما تتميز بة المدينة من موقع مميز ،حيث تحاذي مدينة مأرب جغرافياً الحدود مع المملكة السعودية لجهة مدينتي ​جيزان​ وشرورة السعوديتين من الجهة المقابلة لمأرب.. وهذا يجعل استمرار السعودية بالدفاع ، خشية الدخول في مواجهة دامية من إحتمال إنتقال المعركة البرية إلى قلب هاتين المدينتين السعوديتين ، وهو ما تتخوف منه المملكة وقوات تحالف دعم الشرعية، أي يمكن القول بأن قوات ميليشيا جماعة الحوثي المدعومة بإيران إذا استطاعت السيطرة على مدينة مأرب سوف يؤدّي ذلك إلى سقوط خط الدفاع الأول عن مدينتي جيزان وشرورة، وسيفتح سقوطها الباب أمام ميليشيا جماعة الحوثي لتوسيع نفوذها إلى كامل الحدود السعودية المشتركة مع اليمن..

الموقع الجغرافي المميز ، والحلم الذي يراود الحوثيين وإيران من أجل السيطرة على مأرب ، لما تتمتع بة أيضاً بثروات نفطية وغازية كبيرة ،جعلتها مطمعا لميليشا الحوثي التي يمكن أن توفر لهم أموالاً وفيرة لتمويل حروبهم.

مأرب تلك المحافظة التي تشكل أهمية إستراتيجية عالية، حيث تعتبر القاعدة العسكرية الأولى والأكبر لقوات تحالف دعم الشرعية وحكومة الرئيس هادي، وتضم مقار وزارة الدفاع وقوات التحالف ورئاسة هيئة الأركان العامة وقيادتي المنطقتين العسكريتين الثالثة والسابعة التابعة لحكومة الرئيس هادي.

مأرب، تلك التي تتألف من 18 لواءً عسكرياً بينها وحدات دفاع جوي وساحلي ، وفي مارس 2018 أضيف محور بيحان غربي محافظة شبوة لهذه المنطقة بقرار من الرئيس هادي، ويضم المحور اللواء 26 ميكا، اللواء 19 مشاة، اللواء 163 مشاة، اللواء 153 مشاة، اللواء 173 مشاة.

مأرب تلك المحافظة التي تتعرض لهجمات شرسه من ميليشيا جماعة حوثي وصمود واستبسال من قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، استخدمت فيها الميليشيات الحوثية الإرهابية كل أنواع الأسلحة، بما فيها الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، ويحاول الحوثيون منذ عام ونصف السيطرة عليها قبل الدخول في أي مفاوضات سياسية محتملة، مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ، في ظل معاناة الشعب اليمني والكارثة الإنسانية التي يعيشها وتعالي الأصوات والتنديدات العالمية بحتمية وقف الحرب في اليمن والجلوس على طاولة الحوار والنقاش.

في اليمن الجريح يدور الحرب منذ أن أطاح الحوثيون بالحكومة من السلطة في صنعاء آواخر عام 2014.

تلك الحرب الدائرة بين جماعة الحوثي وقوات الجيش الوطني اليمني وقوات تحالف دعم الشرعية خلفت وراءها مقتل الآلاف من الجنود والمواطنين العزل ،كذلك تشريد الآلاف من المهجرين قسراً الذين شردتهم الحروب بعيداً عن ديارهم ومزارعهم ، ويوجد الآلاف من الأيتام والمعاقين وتدمير البنية التحتية، نتيجة الحروب التي تمت بشدة بين المسلحين الحوثيين والمدعمين من إيران والجيش الوطني اليمني، إضافة أيضاً محاولة إيران إيجاد موطئ قدم لها في اليمن العربي.

تلك الحرب التي خلفت وراءها أشد الكوارث الإنسانية في العالم نتيجة العدوان والحصار ومطامع النظام الإيراني الفاشي في اليمن ومنطقة الشرق الأوسط وما ستتركه تلك الحرب من آثار سلبية على مستقبل اليمن واليمنيين.

لإنهاء الصراع، ودمويته، والقضاء على ميليشيا جماعة الحوثي ، وجه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بضرورة توحيد جهود الحكومة وكافة القوى اليمنية وتحديث الخطط لهزيمة الحوثيين واستكمال تنفيذ خطوات إتفاق الرياض، وذلك بعد أن اشتد الصراع بين الجيش اليمني وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في محافظة مأرب، ما استوجب على الحكومة اليمنية تحديث خططها العسكرية لدحر المتمردين.

في مدينة مأرب حيث حلم ميليشيا جماعة الحوثي وإيران والذي أصبح حلم يتبدد لهم ونهاية مزلة والفصل الأخير في السيناريو المرسوم لاقتحام المدينة وإسقاطها ، ظهرت بسالة وشجاعة ومعدن الجيش الوطني اليمني وقوة تحالف دعم الشرعية نتيجة الإمكانيات الكبيرة والأسلحة المتطورة والتغطية الجوية من قبل طائرات «التحالف».

يوم الخميس احرزت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف تقدما واسعا في جبهة مقبنة غربي تعز بعد معارك مع مليشيا الحوثي ، في جبهة الكدحة بعد تحرير منطقة الكويحة والطوير الأعلى في جبهة مقبنة غرب المدينة.

ويشير المتابعين للشأن اليمني أن قوات الجيش الوطني تقوم بتمشيط وتطهير قرية الكويحة ومدرسة الزبيري والطوير الأعلى في جبهة مقبنة غرب تعز بالكامل، فيما باشرت الفرق الهندسية عملية نزع الألغام الحوثية التي زرعتها قبيل إنسحاب قواتها.

في تعز تعم الفرحة والبهجة وترجع البسمة يأتي ذلك بالتزامن مع انتصارات كبيرة يحققها الجيش الوطني اليمني مسنودا بالمقاومة الشعبية في جبهات محافظة تعز، وتمكن خلال الأيام الماضية من السيطرة على مساحات واسعة في الجبهة الغربية لتعز، مع تراجع كبير للمليشيات الحوثية.

في مأرب تتوالى خسائر مليشيات الحوثي الإرهابية التي راكمتها خلال شهرين من القتال لاجتياح مأرب
لتصبح نكسة موجعة وبداية هزيمة نكراء تنتظر المليشيا في كل الجبهات،وانتصار مظفر للجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية والتحالف وانكسار لإيران التي تزود جماعة الحوثي بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية لشن المزيد من الهجمات على الأراضي السعودية والمنشآت النفطية والبنية التحتية في المملكة

في جبهتي مقبنة والكدحة بمنطقة الطوير الأعلى غربي المحافظة ، التحمت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية
جاء ذلك بعد أن تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وقوات التحالف من تحرير منطقة الكويحة والطوير الأعلى في جبهة مقبنة غرب المحافظة.

تأتي هذه الانتصارات امتداداً للمعارك التي بدأتها قوات الجيش اليمني والمقاومة وقوات التحالف يوم الخميس الماضي وتمكنت خلالها من تحرير مساحات واسعة في الريف الغربي لمدينة تعز في مسرح عملياتي شمل مديريات (جبل حبشي، المعافر، مقبنة).

في المقابل أعلن محافظ تعز نبيل شمسان العفو العام لكل من ينضم للشرعية ويسلم نفسه للجيش الوطني اليمني ويتخلى عن القتال مع الميليشيا الحوثية .

يذكر أنه تم تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في 11 يناير 2021 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بقرار رئيسها السابق دونالد ترامب ،ذلك القرار الذي لقى ترحيب واسع من قبل دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات والحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

مع الإدارة الأمريكية الجديدة تراجعت قرارات أمريكا بشأن الملف اليمني وفقاً لتوجهات الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن تراجعاً عن نهج سلفه ترامب، فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض تبنى بايدن سياسات جديدة تجاه القضية اليمنية والمملكة العربية السعودية، من خلال رفع الحظر عن تنظيم جماعة الحوثي من القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية ، وتعيين مبعوث خاص لليمن، ووقف الدعم العسكري وصفقات السلاح للسعودية، ثم الخروج بتقرير استخباراتي فاقد الدليل والبرهان ويحمل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤولية مقتل الصحفي خاشقجي ،تلك الذي رفضته المملكة ودول عربية وإسلامية وكيانات دولية.

وقد ترتب على التغير في التوجة الأمريكي الجديد حيال الملف اليمني والايراني راعي العنف والفوضى والتطرف والإرهاب تصعيد ميليشيا جماعة الحوثي للوضع الراهن وكثفت من هجماتها من خلال استهداف عدداً من المنشآت والأراضي السعودية، وسط عدم إلتزام النظام الإيراني بقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونداءات القوى الدولية واستمرارها في مشروعها النووي،ومد ميليشيا الحوثي بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية وتقويض الأمن والاستقرار في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وسط تغاضي دولي لانتهاكات النظام الإيراني الإرهابي وسمومه في منطقة الشرق الأوسط.

بقلم عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
كاتب ومحلل سياسي مصري
باحث في شؤون حركات الإسلام السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى