تقارير و تحقيقات

كيف أدارت مصر أهم 3 ملفات بحكمة وسط أحداث إقليمية ودولية عاصفة

كتب: عبدالله تمام

مصر تستعيد ثقلها الإقليمي وتصنع الإستقرار في المنطقة

في عدة أيام استطاعت مصر تحقيق إنجازات استحقت الإشادة والإعجاب، إنجازات لم تكتفي بإدارة 3 ملفات شديدة الأهمية والسخونة ، أدارتها بثقة وتؤدة وحققت ما وضعته من خطط تهدف إلى استعادة دور مصر الإقليمي كدولة قائد في المنطقة ، وصانعة أحداث سيسجلها التاريخ.

ثلالثة ملفات كل منها يتضمن أحداث هامة وتفاصيل تؤثر في حياة ومستقبل شعوب ، ملف سد اثيوبيا الصهيوني ، وملف فلسطين وما شهدته من أحداث انتهت باستقرار صنعته مصر بإدارتها للأزمة ، بحيث صارت الطرف الفاعل الأهم والأجدر بقيادة هذا الملف الى بر الأمان   ثم ملف العلاقات المصرية الأمريكية والتي كانت اخر صفحاته هذا التقارب والثقة الأمركية الكبيرة في قدرة مصر على حفظ التوازن الاقليمي والتعامل بحكمة مع كافة الملفات.

سد النهضة

ملف سد أثيوبيا الصهيوني

لا يمكن الاشارة الى هذا الملف دون الإنتباه إلى أهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى جيبوتي، في أول زيارة لرئيس مصري إلى هناك،تأتي الزيارة في توقيت مهم، حيث تتحرك مصر إقليميًا ودوليًا لعرض وجهة نظر مصر في أزمة سد أثيوبيا الصهيوني ، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.

تدرك مصر أن جيبوتي دولة محورية من حيث موقعها الجغرافي في منطقة القرن الأفريقي، بجانب وجودها في منظمة وليدة هي مجلس الدول العربية والأفريقية التي تضم 8 دول.

وقد تحركت مصر وتتحرك من الناحية العسكرية والأمنية في جميع الاتجاهات من خلال المناورات مع مختلف دول العالم على المستويين الإقليمي والدولي، فضلا عن التحركات السياسية من خلال عقد عدة اتفاقيات أمنية مع دول مهمة في دول حوض النيل.

وهنا يجب ألا ننسى تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي من العمل الأحادي الإثيوبي من خلال الملء الثاني للسد امن النيل الأزرق وتأثير ذلك سلبيًا على الأمن المائي في مصر والسودان، لافتًا إلى رفض إثيوبيا التوصل إلى أي اتفاق لتشغيل وتخزين السد وقلق مصر من تعرضها للجفاف في حال حدوث ظروف هيدرولوجية.

وفي هذا السياق هناك ما تطرق اليه الاتصال بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الأمريكى جو بايدن حول  تطورات الموقف الحالى لملف السد الاثيوبي ؛ وتمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانونى منصف وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، وأبدى بايدن تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لتلك القضية للشعب المصرى، مشيرًا إلى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائى لمصر، وقد تم التوافق بشأن تعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكل الأطراف.

الرئيس السيسي ونظيرة الأمريكي

بالطبع فإن الدولة المصرية وهى تتحرك فى ملف سد النهضة، تتحرك من منطلق مصالح الشعبين المصرى والسودانى، مع الحرص على إطلاع الأطراف الدولية بمفردات وخطورة الملف المتعلق بالنيل، وفى نفس الوقت تعتمد على ثقة الشعب فى أن الدولة لديها سيناريوهات للتعامل مع الملف الأكثر دقة، وتتحرك مصر من واقع الفعل ولا تنتظر لتعلن رد فعل تجاه الأحداث، وتعرف الأطراف الدولية أن مصر جادة وجاهزة فى كل الملفات وفى القلب منها ملف المياه.

وبالتالى فإن اتصال الرئيس بايدن يشير إلى إدراك لصحة مواقف ورؤية القاهرة والدولة المصرية التى تعتمد على خطاب واضح وإدراك لتشابكات وتقاطعات السياسة الدولية والإقليمية.

وبشأن قضية السد ، أكد الرئيس السيسي تمسك مصر بحقوقها من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم يضمن الأمن المائي لمصر من خلال قواعد واضحة لملء وتشغيل السد ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.

وشدد السيسي أهمية لعب الولايات المتحدة “دورًا مؤثرًا لحل هذه الأزمة”. وجدد بلينكن التزام الإدارة الأمريكية ببذل الجهود للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوق المياه والتنمية لجميع الأطراف.

في المكالمة الثانية من الرئيس بايدن للرئيس السيسى، والتى كانت مطولة وتناولت كل الملفات من فلسطين إلى ليبيا والسد الإثيوبى، ذكر بايدن الموقف الأمريكى المباشر فى هذا الملف مع التعهد بضمان الأمن المائى للشعب المصرى، وهو تحول لافت للغاية يؤكد بما لايدع مجال للشك نجاح  مصر في إدارة ملف العلاقات مع الولايات المتحدة .

     إستعادة الدور وصنع الإستقرار

المتابع لتطور العلاقات المصرية الامريكية المتسارع خلال الفترة الماضية يمكن ان يدرك حرص الرئيس الامريكي على الاتصال بالرئيس السيسي مرتان في أقل من أسبوع ، حيث تبادلا الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك،وعلى رأسها القضية الفلسطينية والمبادرة المصرية للتهدئة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، حيث قامت بدورها من واقع مسؤوليتها ، ولم تكتف بالتهدئة لكنها دفعت نحو الحل والعودة للسلام والدولة الفلسطينية.

مصر وفلسطين

 الاتصال تناول أيضا تطلع الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، خاصةً فى ضوء دورها المحورى إقليميًا ودوليًا، وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية أزماتها.

هذه التطورات تؤكد بما لا يدع مجالاً  للشك أن مصر تملك الكثير من الأوراق والمفاتيح والرؤى التي يمكنها أن تساهم فى مواجهة الكثير من القضايا العالقة،

وعلى مدى 7 سنوات كانت مصر ترسم سياسات خارجية تهدف الى دعم مصالح الشعوب العربية فى الدول التى تعرضت لهزات أفقدتها الاستقرار واليوم أثمرت هذه السياسات بوضوح، حيث بدأ الاستقرار يعم تلك الدول.

ومن هنا فإن التحرك الأمريكى يأتى بعد إدراك لمفاتيح الحل وأن ثمن إعادة الاستقرار أقل كثيرا من ثمن الفوضى. 

 ولهذا أبدى الرئيس الأمريكى توافقا مع رؤية مصر للقضية الليبية وأيضا تعزيز الجهود المشتركة لإعادة دمج العراق فى المنطقة.

لم يكتف الرئيس بايدن بالبيان الصادر عن البيت الأبيض عن فحوى مكالمته مع الرئيس السيسى، بل عقد مؤتمرا صحفيا خصص جزءا منه لتقديم الشكر مرة ثانية للرئيس السيسى، وطرحت مصر مسألة إعادة إعمار غزة من خلال الشركات المصرية مع تقديم دعم ومساعدات كبيرة من خلال جسر برى يضم نحو 130 شاحنة نقلت 3 آلاف طن من احتياجات الشعب الفلسطينى بين دواء وغذاء وغيرهما لمواجهة النقص الشديد والذى واجه أهالى غزة من جرصاء العدوان الإسرائيلى

إن النجاحات المصرية الكبيرة التي حققتها مصر في كافة المجالات المختلفة في عهد الرئيس السيسي جعلت مصر محط أنظار العالم وأصبح الجميع يعي مكانة مصر دولياً وإقليمياً ودورها بعدما استعادت ريادتها ومحوريتها ووضُعت على الطريق الصحيح.

إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن والتي أكد خلالها  اهتمام أمريكا بتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع مصر والتنسيق والمشاورات المشتركة حول كافة قضايا الشرق الأوسط، في ضوء النفوذ السياسي لمصر في منطقة الشرق الأوسط ومحيطها الإقليمي ومساهمتها بقيادة الرئيس في تحقيق الاستقرار لجميع شعوب المنطقة، تلك الزيارة التي تمخض عنها التنسيق في موضوعات مهمة أبرزها بحث تثبيت وقف إطلاق النار في فلسطين بعد النجاح الذي حققه الرئيس السيسي بوقف إطلاق النار وحقن دماء الأشقاء الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى