اقتصاد

التشديد النقدي يعصف بالاقتصادات الناشئة وسط توقعات بانخفاض «النمو العالمي» 

كتبت- هبة عوض:

انعكست سياسات التشديد النقدي التي اتبعها الغرب منذ بداية الأزمة الأوكرانية على الأسواق الناشئة بشكل خاص، لاسيما بعد أن رفعت مخاطر انخفاض الحيز المالي للعديد من الدول النامية، وخاصة الدول المستوردة للنفط والغذاء، فضلاً عن تزايد فرص انخفاض قيمة العملات المحلية الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى تزايد معدلات التضخم وتزايد عمليات سحب رؤوس الأموال. 

مخاطر التشديد النقدي يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار سوق الائتمان، الأمر الذي يفرض ضرورة إيجاد حلول سريعة ومتزنة من قبل القائمين على اتخاذ القرار من أجل الموازنة ما بين تحقيق معدلات نمو طويلة الأجل وتحجيم التداعيات السلبية للأزمة الأوكرانية في آن واحد، في وقت تسعي العديد من الدول إلى توفير السيولة الكافية لتغطية عمليات إعادة التمويل القصيرة، في حين تتزايد المخاوف من احتمالية أن تلجأ دول أخري نتيجة الظروف الراهنة إلى إعادة هيكلة الديون السيادية.

التوقعات السلبية للأسواق الناشئة يمكن أن تمتد لفترات طويلة، مع تزايد تداعياتها داخل الأسواق النامية بصورة أكبر من الأسواق المتقدمة نتيجة بطء الاستجابة داخل الأولي، الأمر الذي يؤشر إلى صعوبة الوصول بالإنتاج إلى معدلات ما قبل الجائحة.

وبدوره خفض صندوق النقد الدولي توقعاته الخاصة بمعدلات النمو العالمية في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر مؤخراً، وتوقع أن تنخفض معدلات النمو للعام الجاري بمقدار  0.8 نقطة مئوية، على أن تسجل انخفاض خلال العام الذي يليه بمقدار 0.2 نقطة مئوية، وأرجع التقرير خفض التوقعات إلى ارتفاع معدلات التضخم، وتأثيرات الأزمة الأوكرانية التي أثرت بدورها على أسعار السلع والطاقة بصورة كبيرة.

وبينما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي، فإنه رفع توقعاته لنمو الاقتصاد المحلي للمرة الثانية خلال العام الجاري، إذ توقع زيادة معدلات النمو بنسبة 0.3 نقطة مئوية لتصل إلى %5.9 خلال العام المالي الجاري، وجاءت التوقعات رغم ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة وانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، ورغم أن تلك العوامل كفيلة بأن تهدد أي نشاط اقتصادي إلا أنها جاءت لتعبر عن تفاؤل تخطي التقديرات الحكومية، والتي خفضت توقعاتها  لمعدلات النمو إلى  5.7% بعد أن توقعت بأن يتراوح ما بين 6.2 -6.5% خلال وقت سابق، فيما خفض الصندوق توقعاته لمعدلات النمو خلال العام المالي المقبل من  5.6% إلى 5.0%.

يأتي التفاوت في التوقعات ربما للزمن الذي يستند إليه الصندوق في توقعاته مقارنة بالحكومة المصرية، إذ أن غالبية توقعات الصندوق تستند إلى احتساب العام المالي بداية من يناير ونهاية في ديسمبر، في حين أن مصر تتبع العام المالي في موازنتها بداية من يوليو وحتي يونيو من العام الذي يليه، لذا فإن تداعيات الأزمة الأوكرانية ربما تنعكس على الاقتصاد المحلي ومعدلات النمو بصورة أكثر وضوحاً خلال العام المالي المقبل.

إلى ذلك، يتوقع صندوق النقد أن يواجه الحساب الجاري لمصر مزيد من العجز خلال العام المالي المقبل ليصل إلى 4.6% ، نتيجة انعكاسات الأزمة الأوكرانية على أسعار السلع الغذائية والتي تعتمد مصر عليها لتأمين احتياجاتها من بعض السلع بعضها استراتيجي، إلى جانب انخفاض الإيرادات السياحية نتيجة انخفاض أعداد السياح الوافدين من روسيا وأوكرانيا والتي تعد من أهم الأسواق الرئيسية للسياحة في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى