مقالات

محمد الروبي يكتب/ القاضي العرفي.. بين القانون والعرف

الشروط الواجب توافرها فى المحكم العرفي
وكيفية التزام الأطراف المتنازعة وطريقة الحكم وعدد المحكمين والمرجح.
المحكم يقوم بعمل القاضى في خصومة التحكيم إلا أنه لا تكون له صفته، فلا يشترط فيه شروط تعيين القضاة في مناصبهم، ولا يحلف اليمين المقررة ، في قانون السلطة القضائية. كما أن المحكم لا يخضع لنظام المخاصمة الذى يخضع له القضاة وعند مطالبة المحكم بتعويض ترفع دعوى المسئولية حسب القواعد العامة كما أن المحكم لا يعد مرتكبا لجريمة إنكار العدالة. إذا توافرت شروطها لأنه ليس قاضيا. ولا تسأل الحكومة عن خطئه. وتنص المادة 1451/1 من قانون المرافعات الفرنسي والمواد 16،15 من قانون التحكيم المصرى علي الشروط الواجب توافرها في المحكم ومن مطالعة هذه النصوص نجدها قد تناولت بعضا منها فقط وتركت باقي الشروط لعناية الفقه. والشروط التي تناولتها هذه النصوص هي الأهلية ووترية العدد عند تعدد المحكمين فالمادة 16/1 من قانون التحكيم المصرى تشترط ألا يكون المحكم قاصراٌ أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه مل لم يرد إليه اعتباره ويستحسن الفقه المصرى ضرورة توافر الأهلية الكاملة في المحكم لخطورة مهمته والثقة المفرطة به والحجية اللصيقة بحكمه. وبناء على ذلك لا يصح تحكيم قاصر أو محجور عليه لأي سبب ولم يتطلب المشرع المصري أو الفرنسي درجة معينة من الثقافة يجب توافرها في المحكم،أو خبرة معينة في مجال المنازعة المطروحة عليه، كما أن هذه القوانين لم تشترط في المحكم أن يكون من رجال القانون، أو أن يكون من طائفة أو مهنة معينة.

كما أن الفقه مختلف حول جواز تحكيم من يجهل القراءة والكتابة فهناك من لا يشترط ذلك في المحكم، وأخرين يشترطون ذلك على أساس أنه يطلع على المستندات ويكتب حكمه ويوقعه، ويرون أن عدم النص علي ذلك يرجع لكونه شرط بديهي. ويري الفقه الذى لا يشترط معرفة القراءة في المحكم أنه يمكن له الاستعانة بغيره في الكتابة، ويوقع بالبصمة أو بخاتم، لأن أساس اختياره يرجع للخبرة والثقة، ومن الناحية العملية فالأطراف أحرار في اختيارهم. كما يجوز أن يكون المحكم جاهلا لغة الخصوم وبالتالى يحكم علي ضوء الأوراق المترجمة المقدمة إليه. ويرى البعض أخيرا أنه يجب أن يكون إلى جانب المحكم الذى يجهل القراءة والكتابة أخر يعرف ذلك. ولايشترط القانون المصرى في المحكم أن يكون من جنسية معينة، وبالتالى يجوز تحكيم الأجنبيى، ما لم يتفق علي غير ذلك أو ينص علي غير ذلك.

ولا يشترط أن يكون المحكم علي درجة معينة من الخبرة ، فأهم شئ هو الثقة التى يقدر الخصوم وضعها في شخص أي محكم يريدونه. وبالنسبة لجواز أن تكون المرأة محكمة فقانون التحكيم المصرى لم يرد به نص يمنع من اختيار المرأة كمحكم . وفي الشريعة الإسلامية يوجد خلاف في جواز تحكيم المرأة والرأي عند الأحناف هو جواز تحكيمها فيما تجوز لها فيه الشهادة في غير الحدود والقصاص. والإجماع في مصر منعقد علي جواز تحكيم المرأة. ويجوز تحكيم القضاة في القانون الفرنسي وفي مصر تنص المادة 63/2 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 علي أنه : ” لا يجوز للقاضي بغير موافقة المجلس الأعلي للهيئات القضائية أن يكون محكما ولو بغير أجر، ولو كان النزاع غير مطروح علي القضاء، إلا إذا كان أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره إلي الدرجة الرابعة بدخول الغاية، أو كان أحد أطراف النزاع هي الدولة أو إحدي الهيئات العامة”ويسرى هذا الحظر أيضاٌ علي أعضاء النيابة العامة وفقا للمادة 129 من قانون السلطة القضائية. ويجب أن يكون عدد المحكمين وتريا وإلا كان التحكيم باطلا وعلي ذلك تنص المادة 15/2 من قانون التحكيم.

وتشكيل هيئة التحكيم سبق دراسته وعدد المحكمين يخضع لإرادة الأطراف. فقد يكون واحداٌ أو متعدد بشرط أن يكون العدد وتراٌ وإذا اتفق الأطراف علي تعدد المحكمين دون تحديد كان العدد ثلاثة ويستطيع الأطراف تصحيح التشكيل بالاتفاق إذا شابه خطأ بحيث يتفق بعد ذلك مع القانون. وبقاعدة الوترية يستغني المشرع المصرى عن نظام المحكم المرجح وذلك إذا كان عدد المحكمين شفعاٌ وانقسمت الأراء. قبول المحكم لمهمته كشرط الالتزام بالقيام بها. سبقت الإشارة إلى أن عدم قبول المحكمين لمهمة التحكيم أو رفضهم لها يؤدى إلى سقوط عقد التحكيم، ويجب أن يثبت هذا القبول بالكتابة. وطالما لم يتم هذا القبول فغن الاتفاق على التحكيم يعتبر أنه لم يتم ولا يمكن أن يولد أية أثار. ويجرى التساؤل أيضاٌ فى حالة تعدد المحكيمن حول ما إذا كان يحق لكل محكم أن يعلق قبوله النهائى للإشتراك فى التحكيم على تعيين سائر المحكمين أعضاء هيئة التحكيم وإبداء قبولهم للمهمة؟ والعمل جارى على أن المحكم لا يبدى قبوله إلا إذا قام بتدقيق جملة عناصر: كما هية النزاع، وشخص أطرافه، وشروط اخرى واردة فى إتفاق التحكيم، ومنها أيضاٌ أشخاص المحكمين الآخرين. فيكون له من ثم أن يعلق قبوله النهائى على قبوله زملائه أعضاء الهيئة التحكيمية للمهمة المبينة في الاتفاق وعلى أن يعلن هذا القبول فى وقت غير متأخر وقبل مباشرة إجراءات التحكيم فى أى حال.

ويلاحظ أنه فى حالة مد مهلة إتفاق التحكيم بإتفاق الأطراف فإنه لا يشترط موافقة المحكمين على هذا المد لأن القانون لا يشترط ذلك، بل يكفى قبولهم الحاصل عند بدء التحكيم والذلا يستمر فى إنتاج أثاره وإذا أراد المحكم عدم الاستمرار فى مباشرة مهمته فيعتبر ذلك حالة من حالات التخلى أو الإمتناع عن القيام بهذه المهمة. وقبول المحكم للمهمة هو أمر اختيارى بالنسبة له ويجوز له رفض المهمة دون بيان أية أسباب- كما يجوز له إرجاء بيان موقفه – وإن تأخر عن إعلان رفضه ولو لمدة طويلة فإن ذلك لا يترتب عليه عادة أية مسئولية ما لم يكن مرتبطاٌ بإلتزام خاص تجاه الطرفين وإثبات قبول المحكم لمهمته يكون بالكتابة ولا يوجد شكل معين لهذه الكتابة. فقد يثبت القبول فى محضر ينظمه المحكم في الجلسة ويوقع عليه الأطراف ويوقع عليه المحكم بقبوله للمهمة الموكولة إليه.

كما يمكن إثبات هذا القبول بتوجيه المحكم رسائل غلى الطراف يعلن فيها قبوله للمهمة ن كما يثبت هذا القول أيضاٌ بالمحاضر المحررة أثناء إجراءات التحكيم او باية أوراق أو مستندات اخرى، أو بيانات الحكم الصادر وبالأخص توقيع المحكم على هذا الحكم. وتنص المادة 16/3 من قانون التحكيم المصرى على أنه : يجب أن يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابة وعليه الإفصاح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله وحيدته ولم ينص المشرع على ضرورة إفراغ هذا القبول في شكل محدد، فقد يرد وهذا القبول في صلب الاتفاق على التحكيم، أو فى خطاب يرسله المحكمين إلى الخصوم، سواء كان معاصرا للاتفاق على التحكيم أولاٌ حقا له والغالب أن الكتابة هى مجرد وسيلة لإثبات قبول المحكم وليست شرطاٌ لصحة التحكيم، أو صحة الإجراءات.

ويقصد منها تفادى أى نزاع في المستقبل حول قبول او عدم قبول المحكم. والمحكم حر في القبول أو الرفض. ولم يحدد المشرع المصرى أثر رفض المحكم لقبول المهمة على اتفاق التحكيم، وفى فرنسا فإن اتفاق التحكيم يزول إذا رفض المحكم المعين قبول المهمة ، فهو إتفاق معلق على شرط واقف هو قبول المحكم للمهمة. وقبول المحكم للمهمة يوجب عليه أن يتمها وإلا تعرض للمسئولية. وقبول المحكم للمهمة يعنى قيام عقد بينه وبين المحتكمين، الأصل فيه أن ينتهى بانتهاء مهمة المحكم وصدور الحكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى