مقالات

محمد العيادي يكتب: مجانية التعليم وضياعه!

ما هي فائدة التعليم المجاني؟ وهل ما يحدث الآن يدخل ضمن قائمة التعليم المجاني؟ لماذا ساءت المعاملة بين المدرس والطالب؟ هل الحصيلة العلمية للطالب مُرضية؟
كان الطالب قديماً حقيبته المدرسية التي يحمل فيها الكتب كانت من القماش، وكان المدرس لا تختلف ظروفه عن الطالب كثيراً فكلاهما لاكته رحى الأيام، بالعامية “مطحون “، ورغم هذا لم يتكاسل المعلم عن أداء واجبه تجاه الطالب، بل يراعي ضميره في شرح الدروس في المدرسة ولا يشغل باله ابداً بالدروس الخصوصية، لأنه يعلم سلفاً بسوء الحالة الاقتصادية لأولياء أمور الطلبة، وصعوبة الحياة التي يعيشونها، ولن يكتفي بذلك بل كان يقيم لهم مجموعات تقوية مجانية لمن هو بحاجة إلى تقوية، وبمقابل مادي بسيط لمن يستطيع الدفع، لذلك كان الود والاحترام قائماً بين الطالب والمدرس، وكان بمثابة الأب.


أن التعليم المجاني له فائدة عظيمة في حال تم استخدامه استخداماً سليماً، والاهتمام بالتنظيم والتخطيط والإدارة والمراقبة من قبل المسئولين، وسوى ذلك سيكون له أخطار كثيرة على المجتمع، ويكون النشأ ليس لديه القدر الكافي من العلم الذي يقدمه لدينه ووطنه، ففاقد الشيء لا يعطيه، ونجد رغم اختلاف الحالة المادية بين طالب الأمس واليوم، إلا أن هناك فرقاً شاسعاً، رغم أن طالب اليوم يتمتع بجميع سبل الراحة والرفاهية، من اشتراك في وسيلة نقل سنوية تقله كل يوم الصباح من أسفل البيت إلى مدرسته ثم تعيده بعد انتهاء اليوم الدراسي مرة أخرى الى بيته، دون عناء وتعب، أما طالب الجيل القديم الذي كان يذهب إلى مدرسته سيراً على الأقدام مسافات طويلة تصل إلى عدد من الكيلو مترات ذهاباً واياباً، ومطلوب منه عمل واجباته والبدء في مذاكرته ليس تحت اللمبة الفينوس ولا التكييف المركزي ولكن على ضوء اللمبة نمرة 10 هذا لو كان الحظ مبتسماً له، أما إن كان غير ذلك والحظ غضبان عليه فاللمبة نمرة 5 تكفي.


ما يحدث في التعليم الآن كارثة بكل المقاييس، لا معلماً يشرح ولا طالباً يقبل، فالمدرسة أصبحت لتضييع الوقت وليس للتعلم، كيف لا والمدرسين ليس لديهم القدرة على الشرح ولا اتمام اليوم الدراسي من كثرة أعباءه الحياتية، التي معها يحاول توفير الجهد للدروس الخصوصية التي تعوضه عن الراتب الضئيل الذي يتقاضاه، الذي من المفترض أن يكون المعلم أعلى رتباً من أي موظف في الدولة، فلماذا لا يتم توفير المقابل المادي المحترم الذي يجعله ذو قدرة عالية، خاصة أنه المسئول الوحيد عن تخريج أجيال هم قادة المستقبل.


أن الأسرة المصرية الفقيرة الآن تعاني من ضغوط الدروس الخصوصية، التي أرهقتهم مادياً ومعنوياً، والتي تبدأ رحلة العذاب من الصف الأول الابتدائي للأسف، فضلاً عن طالب الثانوية العامة الذي يُكلف والده يومياً مبلغاً لا يقل عن 200 جنيه في الدروس الخصوصية، غير التنقل من مكان الى مكان، وبطريقة حسابية بسيطة نجد أن ولي الأمر يحتاج إلى توفير ما يقارب من 6000 جنيه شهرياً، مما يجعله يُضيق على نفسه وعلى بيته بدخول جمعيات حتى يستطيع سد متطلبات الدروس، هذا في حال أن يكون لديه فرداً واحداً من الأبناء، أما إن كان لديه أكثر من فرد ازدادت معاناته، فهل لذلك من نهاية يا وزير التربية والتعليم؟ رحم الله الآباء وحفظ عقولهم من السلب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى